سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
«الجندى» و«عمر».. شهيدان جديدان فى غرفة الموت الإكلينيكى «العناية المركزة سابقاً» أصدقاء «الجندى»: أصيب بنزيف فى المخ بسبب التعذيب المتواصل.. والشرطة تلاعبت فى سجلات المستشفى
فى مستشفى الهلال الأحمر، يرقد اثنان من الثوار، «محمد الجندى» البالغ من العمر 29 سنة، و«عمر موسى» صاحب ال19 سنة، كلاهما اختفى فجأة عقب مظاهرات الذكرى الثانية لجمعة الغضب فى ميدان التحرير، وكلاهما ميت إكلينيكياً، والأول لم يعرف بعد سبب إصابته، بينما يرقد الثانى إثر تلقيه طلقة خرطوش فى الرأس. «لم نقم بثورة حتى نُقتل فى الشوارع التى خرجنا نطالب فيها بالحرية لبلدنا وشعبنا ثم تُقيّد الجريمة ضد مجهول»، هكذا وصف «أحمد تيتو» حالة صديقه «محمد نبيل الجندى»، حيث قُيّد فى سجلات المستشفى بإصابته جراء حادث سير. «تيتو» الذى وقف أمام بوابة المستشفى مذهولاً من إصابة صديقه وتدهور حالته التى وصلت إلى الموت إكلينيكياً، أكد أنها إصابة بجرح قطعى فى الرأس ووجه ملىء بالكدمات، وهى إصابة مباشرة فى المخ متعمدة حتى يفقد الوعى. فى قصة البحث عن «الجندى» كما يرويها صديقه «تيتو» فإن اختفاء الأول فجأة عقب مظاهرات ميدان التحرير يوم 28 يناير الماضى، أثار تساؤلات الكثير من أصدقائه وزملائه فى التيار الشعبى الذى ينتمى إليه، فبدأوا رحلةً للبحث عنه فى أقسام الشرطة ومعسكرات الأمن المركزى، وأهمها «الجبل الأحمر» بمدينة نصر، وعقب خروجهم بعد التأكد من عدم وجود صديقهم معتقلاً هناك، التقوا بأحد العساكر الذى تعرّف على صورته، قائلاً إن أحد الضباط ألقى القبض عليه فى مشادة كلامية معه وقرر ضربه بصورة يومية. يضيف «تيتو» نحن غير واثقين فى صحة هذه الرواية، وغادرنا المعسكر فى حالة شك كبير فى صحتها، وبعد تنظيم زملائنا فى التيار الشعبى بطنطا وقفة احتجاجية لمطالبة الشرطة بالإفصاح عن مكان احتجاز «الجندى» جاءت إشارة إلى مدير الأمن بأن «الجندى» يرقد فى مستشفى الهلال، وعلى الفور توجّهنا إلى المستشفى. يقول: «وصلنا مستشفى الهلال، ووجدنا اسمه بالفعل فى السجلات، وبياناته موجودة بالكامل، إلا أن الغريب هو قيد محضر الإصابة ضد مجهول، ومكتوب فى السجلات أن سيارة إسعاف نقلته إلى المستشفى وليس مدوناً مكان الإصابة». يستكمل «تيتو» حديثه قائلاً: «صعدت للعناية المركزة فوراً، لكننى لم أتخيل حجم الإصابة، وجهه بالكاد تظهر ملامحه، وحالته شديدة التدهور، كنت أريد أن أجده بأى طريقة، لكننى لم أكن أتخيل أننى سأجده بهذا الشكل، والأطباء شبه متأكدين من فقدانه الحياة خلال ساعات». ويقول محمد عبدالعزيز، المحامى الحقوقى بمركز «النديم» لتأهيل ضحايا العنف، إن ملابسات إصابة «الجندى» تؤكد عودة سيناريو «قتل النظام لشعبه»، مشيراً إلى تسجيل دخول الجندى المستشفى بتاريخ لا يعكس الواقع. وتابع: «أصدقاء الجندى أكدوا أنهم اتصلوا هاتفياً به فى الساعة 4 عصر يوم 28 يناير، بينما تاريخ دخول المستشفى الساعة 2 ظهراً». أضاف «عبدالعزيز» أن «الجندى» تعرّض للتعذيب داخل معسكر قوات الأمن المركزى بالجبل الأحمر طوال 48 ساعة، وبصورة مستمرة. وأوضح أن ذلك التعذيب أدى إلى إصابته بنزيف ورشح بالمخ، فضلاً عن كسور بالضلوع فى الجانب الأيسر من جسده من جراء التعذيب. وأشار «عبدالعزيز» إلى أن مستشفى الهلال أبلغ أسرة «الجندى» أن سبب إصابته هو حادث سيارة، فى الوقت الذى وجدنا فيه كل بياناته مدونة على الرغم من عدم وجود أى بطاقات هوية داخل ملابسه، مما يؤكد أن إصابته جاءت بعد تعذيب ممنهج من قوات الشرطة. واتهم المحامى الحقوقى قسم قصر النيل «بالتواطؤ» لإخفائه معلومات تتعلق باختفاء «الجندى»، فى الوقت الذى كشفت فيه سجلات استقبال المستشفى وجود «كشط» متعمّد فى سجل ناشط التيار الشعبى، قائلاً: «يعد ذلك تزويراً فى أوراق رسمية، وقد حررت بلاغاً رسمياً لقسم قصر النيل أتهم فيه الرئيس محمد مرسى، ورئيس الحكومة هشام قنديل، ووزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم، بالمسئولية الجنائية عن مقتل محمد الجندى». لم يكن «الجندى» هو حالة التعذيب الوحيدة التى ترقد فى العناية المركزة بالطابق الثانى، ففى السرير الملاصق له يرقد ذلك الشاب الذى ودّع والده فى ذكرى جمعة الغضب قائلاً: «أنا نازل أجيب حق اللى ماتوا»، إنه عمر أحمد موسى، طالب معهد السياحة والفنادق ذو ال19 سنة. «عمر» أصيب بطلقة خرطوش استقرت فى مؤخرة الجمجمة خلال اشتباكات كورنيش النيل مساء الأحد الماضى، دخل على أثرها فى غيبوبة كاملة، الأب المكلوم الذى ظل يبحث عن ابنه لمدة 3 أيام متواصلة على أمل أن يجده ضمن «قوائم المعتقلين»، انتهى به المطاف أمام غرفة العناية المركزة. يقول «أحمد موسى» والد «عمر» إن ابنه خرج للمشاركة فى مظاهرات الذكرى الثانية للثورة، وفجأة أغلق الهاتف واختفى، وتواردت الأنباء من أصدقائه حول تعرُّضه للاعتقال. ويضيف: «بحثت عنه فى جميع النيابات والأقسام 3 أيام متتالية حتى اتصل بى المستشفى ليخبرنى بالواقعة». وتابع: «ابنى من مجاذيب الثورة، لم يغب عن تظاهرة واحدة منذ يناير 2011، اعتُقل فى أحداث محمد محمود، ومرسى هو السبب، مرسى هو اللى اغتال ابنى واغتال حلم الشباب».