«7 أيام فقط» كانت تنقصه ليدون عاماً جديداً فى حياته، يودع عامه الثالث والعشرين ويصبح الشاب صاحب ال24 ربيعاً، لكن رصاصة انطلقت من سلاح نارى «ميرى» من سجن بورسعيد العمومى كانت كفيلة بحصد روحه ليتحول اسمه من محمود الضظوى لاعب كرة قدم بنادى المريخ إلى الشهيد محمود الضظوى. جلس الشاب على الأرض يقابله والده الرجل الخمسينى أعلى مقعد غرفة الاستقبال، يتابع الفضائيات وما تبثه حول جلسة النطق بالحكم، يتذكر موعد تدريبه فى النادى يهرول ويبدل ملابسه، يحاول الوالد إثناءه عن النزول لكنه يصر على الانضمام إلى فريقه لأن لديهم مباراة نهاية الأسبوع ويجب أن يكون مستعداً. ينزل الشاب الذى يترك محفظة نقوده سهواً فيعود إلى المنزل لينادى على والده ويطلب منه أن يرسل له نقوداً لكى يشترى إفطاراً له ويتوجه إلى ناديه، ليستقبل بعدها والده خبر وفاته عبر الهاتف وعلامات الصدمة لا تفارقه فابنه كان يراه أمام عينيه منذ دقائق قليلة مضت. يحاول الوالد لملمة نفسه وحبس دموعه لرواية ما تعرض له طفله قائلاً «كل ذنب ابنى إن النادى بتاعه جنب السجن، كل ذنبه أنه راح يشوف تمرينه مع ناديه فخد رصاصة فى أنفه لتخرج من خلف رأسه وتم نقله إلى المستشفى ومنه إلى المشرحة». لا يعلم الوالد تفاصيل كثيرة عن الحادث سوى أن ابنه كان برفقة زميل له فى النادى يدعى «عبدالعال» كانا يسيران معاً فاضطرا إلى المرور من السجن الذى بدأ فى إطلاق نيرانه بشكل عشوائى على الموجودين أمام المحكمة دون التفريق بين بلطجى أو متهم وأهالى المحكومين عليهم، ليلتفت «عبدالعال» منبطحاً بشكل تلقائى وينجو من الموت فيما سقط محمود مضرجاً فى دمائه ونقله إلى المستشفى. ذهبنا إلى المستشفى فوجدناه تاركاً نقوده كما هى فى الأمانات لم يفعل بها شيئاً، كان يحب الكرة ويعشقها وانضم إلى فريق الشرطة لمدة 3 سنوات قبل انتقاله إلى المريخ البورسعيدى بسبب خلاف شخصى مع المدرب. ما زال يتذكر الوالد آخر مباراة كرة قدم لعبها ابنه وكانت يوم الخميس الماضى، أى قبل اندلاع الأحداث بيومين مع فريق كهرباء الإسماعيلية، لكنه أصيب وانتهت المباراة بتعادل الفريقين بهدف أحرزه الضظوى، مردداً «حاولت منعه من النزول لوجود اشتباكات عند السجن لكنه رفض وقالى إنه هيمشى من الشارع اللى ورا بعيداً عن الضرب وبالفعل لف من الشارع الخلفى لكنه اتصاب من القناصة اللى كانت واقفة فوق السجن». منذ حادث وفاة «الضظوى» الذى أطلقه مدربو وزملاء محمود عليه أسوة بلاعب الكرة البورسعيدى «السيد الضظوى» والوالد اقتصرت حركته ما بين المسجد والمنزل، فيما جلست والدته بين أركانه لا تنقطع عن بكاء ولدها الذى خرج ولم يعد لها إلا جثة انتهكتها رصاصات قناصة الداخلية، بحسب روايات والديه، محاولين إخفاء صور ولدها عنها حتى يساعدوها على الثبات فيما قام زملاؤه «حمص» و«كالستن» بطباعة صوره وتعليقها فى شوارع منطقته تخليداً لذكراه. رسالة واحدة أراد الوالد توصيلها إلى أهالى مصر وهى ألا تنسوا «محمود» والدعاء له، فعندما وقعت حادثة الألتراس تحدثت مصر كلها عن الشهداء وخرجت الدولة تقدم لهم واجب العزاء رغم أنهم مشجعون وليسوا لاعبين، فما بالك بلاعب كرة قدم تم قنصه أثناء توجهه إلى ناديه. أخبار متعلقة: الجريمة: المشى في الشارع.. العقاب: رصاصة قاتلة أحمد السيد «تاجر روبابيكيا».. ذهب يطمئن على أخويه فى سوق السمك فتلقى رصاصتين في الرأس والصدر أحمد سامى «طالب ثانوى».. لا يشجع «المصرى» وتبرع بالدم ل«ألتراس أهلاوى» هانى «بائع».. خرج لشراء مستلزمات بيته فلم يتبق منه سوى بقايا ملابس فى كيس أسود