وسط حالة الغليان السياسى التى تشهدها مصر خلال المرحلة الحالية، اختار لنفسه أن يقف فى المنتصف بين الجميع، أو ما وصفه هو ب«المربع الآمن»، مؤكداً أن «الاستقطاب» فيه سمٌ قاتل، إنه عبدالمنعم أبوالفتوح، المرشح الرئاسى السابق، الذى يأخذ معارضوه عليه اتخاذه مواقف متذبذبة تجاه العديد من القضايا، مما يحب أن يسميها هو «مواقف وسطية»، فى حين يحلو لمعارضيه أن يطلقوا عليها، «مواقف طرية» فى سخرية واضحة من الاسم الذى أطلقه على حزبه الوليد «مصر القوية». أدى «أبوالفتوح» دور الوسيط بين السلطة والمعارضة، خلال الستة أشهر الماضية هى عمر الحكم الإخوانى، وتجلى ذلك الدور فى أزمة «الإعلان الدستورى» عندما تمسكت به الجماعة كاملاً، ورفضته قوى المعارضة كاملاً، فاقترح رئيس «مصر القوية» إلغاء «نصف الإعلان» والإبقاء على مادتى «النائب العام» و«إعادة المحاكمات»، وهو ما أخذت به الرئاسة مع الاحتفاظ بكافة آثاره المترتبة عليه، وما اعتبرته المعارضة تحايلاً. الموقف الثانى الأبرز ل«المعارض التوافقى» عندما دعا «أبوالفتوح» لتشكيل لجنة لإدارة الأزمة، عقب تصاعد أحداث الذكرى الثانية لاندلاع ثورة الغضب فى 25 يناير، مقترحاً أن تضم اللجنة «فارسى جبهة الإنقاذ: البرادعى وصباحى، وذراعى مرشد الإخوان الشاطر والكتاتنى»، على أن يتولى الرئيس مرسى الإشراف عليها، كما دعا لإجراء حوار وطنى يشارك فيه كافة الأطراف الفاعلة، شريطة أن يكون جاداً ونتائجه إلزامية. قال الحصان الجريح فى الانتخابات الرئاسية الماضية، عند تأسيس حزبه الوليد، إنه يسعى لبناء كيان يعيد لمصر توازنها، ووسطيتها، بعيداً عن أى تطرف أو استقطاب، وأكد أن حزبه سيعارض النظام الحالى معارضة وطنية، تستهدف تقويم الأداء وتصحيح المسار، وليس إسقاط النظام أو إضعافه ليرحل عن السلطة. ويبدو «أبوالفتوح»، ذو الواحد والستين عاماً، أنه «لقمان صاحب الحكمة» فى مرآة أنصاره، فيما يصفه معارضوه بأنه «الراقص فوق الحبال»، بينما يعتبره رفقاء الأمس داخل معبد الإخوان السحيق أنه «المطرود من جنة الجماعة» بعد أن قاد جيل التجديد الثانى للإخوان مع السبعينات، وعكف تحت عباءتها نحو ثلاثين عاماً، عُرف خلالها بأنه «زعيم التيار الإصلاحى» داخل الجماعة. فى مظاهرات 25 يناير الأخيرة، انطلق «أبوالفتوح» من مسجد الاستقامة، لكنه غادر المسيرة الحاشدة قبل وصولها إلى ميدان التحرير، لشعوره بالتعب حسبما أكد حزبه، أو لما أرجعه آخرون وهو رفض الهتافات المنادية بسقوط النظام والمسيئة للرئيس وجماعته ومرشدها العام، كما غادر على الجانب الآخر جلسة الحوار الوطنى الأولى، التى عقدت أمس الأول، فى منتصفها بعد تقديم مبادرة «مصر القوية» للخروج من الأزمة.. حضر ولكنه انصرف سريعاً ليلحق بموعده على الهواء فى لقاء تليفزيونى مع الزميل خالد صلاح، فى الوقت الذى واصل فيه المؤيدون، وغاب المعارضون.