قال مسؤول رفيع سابق في الأممالمتحدة، إن القصف الجوي والهجمات البرية التي تقوم بها القوات الحكومية في جنوب السودان تستهدف المدنيين إلى جانب المتمردين المسلحين وقد تعد من قبيل جرائم الحرب. وقال موكيش كابيلا، الذي كان رئيس بعثة الأممالمتحدة في السودان في عام 2003 حين بدأ التمرد في دارفور، إنه قام بجولة لمدة عشرة أيام في المناطق التي يسيطر عليها المتمردون في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق السودانيتين الواقعتين على الحدود مع جنوب السودان، ووجد أدلة على وقوع انتهاكات تعد من قبيل التطهير العرقي الممنهج. وأضاف، في مقابلة له، "ما حدث في العامين الأخيرين، هو بصفة أساسية استخدام لنفس الأساليب التي استعملت في دارفور مع فارق أنه في الفترة التي انقضت منذئذ تحسنت تقنيات الحرب". وتصر حكومة السودان على أن قواتها لم ترتكب أي جرائم حرب، لكنها تقول إن المتمردين أشاعوا الفوضى في جنوب كردفان والنيل الأزرق وتتهمهم بارتكاب انتهاكات جسيمة. وطلب من ربيع عبد العاطي وهو عضو كبير في حزب المؤتمر الوطني الحاكم في الخرطوم التعليق على النتائج التي توصل إليها كابيلا فقال انها غير صحيحة على الإطلاق، مضيفا أن مسؤولية الحكومة هي حماية المدنيين. وتفجر التمرد المسلح في جنوب كردفان والنيل الأزرق قرابة الوقت الذي أعلن فيه جنوب السودان الاستقلال في عام 2011. وقال كابيلا إنه في جولته التي امتدت 1000 كيلومتر في المناطق الجنوبية شاهد قرى محترقة وحفرا ناجمة عن انفجار قنابل بعيدا عن مناطق القتال. وأضاف أن القصف الحكومي وجه ضربة للزراعة وسبب نقصا شديدا في الغذاء واضطر مئات الآلاف من المدنيين للنزوح. وحظرت حكومة السودان شحنات المعونة، رغم أنها وقعت اتفاقا بشأن المساعدات مع الأممالمتحدة والمتمردين في أغسطس، وقالت الخرطوم إنها تحتاج إلى ضمانات لإمكان توصيل المساعدات قبل السماح بدخولها. وقال كابيلا إن 2.5 مليون شخص لا يحصلون الآن إلا على مساعدة إنسانية محدودة أو لا يحصلون على مساعدات على الإطلاق. وقال كابيلا، الذي يعمل الآن ممثلا خاصا لمؤسسة "إيجيس تراست" التي تعمل على منع الإبادة الجماعية "هذه أكبر كارثة في العالم على صعيد حقوق الإنسان". وأضاف "الأساليب التي يستخدمونها تشير إلى ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية مع وجود أدلة ظرفية على أنها ترتكب لأسباب عرقية". وحث المجتمع الدولي على استخدام العزلة الدبلوماسية والعقوبات الاقتصادية لحمل السودان على السماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق الحدودية التي يسيطر عليها المتمردون. وكان كابيلا الذي انتهت مهمته كمبعوث للأمم المتحدة في عام 2004 يتحدث في جوبا عاصمة جنوب السودان الذي انفصل عن الخرطوم بموجب بنود اتفاق وضع حدا للحرب الأهلية في عام 2005. وقاتل المتمردون في جنوب كردفان والنيل الأزرق ضد الشمال في الحرب الأهلية، فيما عرف بالحركة الشعبية لتحرير السودان - قطاع الشمال، ضمن جيش التمرد الجنوبي. ويتهم السودان الآن حكومة جنوب السودان بدعم المتمردين في الولايتين. وتنفي الحكومة في جوبا هذه الاتهامات، قائلة إنها قطعت صلتها بالمتمردين عندما نالت الاستقلال لكن المشكلة ما زالت تسبب توترا في العلاقات بين الدولتين. وحذر كابيلا من أن العنف في جنوب كردفان والنيل الأزرق يمكن أن يصل إلى مستويات مماثلة لما حدث في دارفور، وقال إنه ينبغي التحقيق في الجرائم التي ترتكب في هاتين الولايتين.