سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
قانونيون وسياسيون: المسئول السياسى حوكم ب«المؤبد».. ومساعدو العادلى ب«البراءة».. إذن من قتل المتظاهرين؟ عبد المجيد: «ضباط من كوكب الزهرة».. وزارع: «تخريف قانونى».. ونصار: «الحل فى محكمة استثنائية»
بعد الحكم ببراءة مساعدى وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلى من تهمة قتل المتظاهرين، بات السؤال الأكثر إلحاحاً بين السياسيين والقانونيين هو: «من قتل المتظاهرين»؟.. الخبراء تباينت آراؤهم بشأن الإجابة عن هذا السؤال، فبينما ذهب بعضهم إلى أن الشرطة هى المسئول الأول عن تقديم الأدلة للنيابة العامة، رأى آخرون أن المشكلة منذ البداية فى التعامل مع القضية على أنها جريمة قتل عادية، بينما الحقيقة أن تلك الجرائم وقعت فى ظروف استثنائية وكان يجب أن تنظرها محكمة استثنائية. قال الدكتور جابر نصار، أستاذ القانون بجامعة القاهرة، إن قتل الثوار ليس جريمة تقليدية حتى يتم تحقيقها وفقا لإجراءات طبيعية وأمام محكمة تنطق بأحكامها وفقا للأوراق المحالة إليها، موضحاً أن الجريمة وقعت فى ظروف ثورة شعبية على نظام فاسد حكم لمدة 30 عاما، وكان يجب محاكمته أمام محكمة استثنائية. وأكد نصار أن الشرطة أخفت أدلة الواقعة ولم تساعد النيابة أثناء التحقيقات وهو ما اعترفت به النيابة العامة أثناء مرافعتها أمام المحكمة بعجزها عن الحصول على تقديم الدليل الكامل على قتل المتظاهرين. من جانبه أبدى الدكتور وحيد عبدالمجيد، أستاذ العلوم السياسية وعضو مجلس الشعب، اندهاشه الشديد من براءة جميع مساعدى العادلى فى قضية قتل المتظاهرين، وقال: على ما يبدو أن من قتل المتظاهرين أشخاص من «كوكب الزهرة»، ولفت عبدالمجيد أن مبارك والعادلى تم الحكم عليهما بالمؤبد لعدم منعهما فعل القتل للمتظاهرين وعدم ثبوت فعل التحريض أو الاشتراك فى القتل. من جانبه قال المستشار مصطفى تيرانة، رئيس محكمة جنايات الإسكندرية، إن شيوع الاتهام بين أفراد الشرطة والبلطجية جعل من الصعب توجيه الاتهام لشخص بعينه، موضحا أن أحداث الثورة كانت بها أعداد غفيرة من المواطنين بما يصعب على القاضى توجيه اتهام لشخص بعينه، فميدان التحرير كان به ثوار ومعارضون لهم من أفراد الشرطة والبلطجية المستأجرين من قبل فلول النظام السابق. وقال إن المستشار أحمد رفعت برأ مساعدى العادلى لعدم تمكنه من الحصول على دليل يدينهم بأنهم أطلقوا الرصاص على المتظاهرين خاصة أن تقارير الطب الشرعى أثبتت أن الطلقات المستخدمة والأسلحة ليست تابعة لوزارة الداخلية، بينما قضى بإدانة مبارك والعادلى باعتبارهما مسئولين بموقفهما السلبى بعدم إصدار أوامر بعدم إطلاق أفراد الشرطة للرصاص، حيث كانا على علم بحدوث جرائم قتل فى ميدان التحرير ولم يقررا وقف الشرطة أو البلطجية عن إطلاق الرصاص. ويقول المستشار عمرو جمعة، نائب رئيس مجلس الدولة، إنه من الناحية السياسية والاجتماعية جاء الحكم مُحبطاً لآمال قطاعات شاسعة من الشعب المصرى، الذين يشعرون أن الدماء التى سالت فى ميادين مصر وشوارعها أثناء ثورة يناير وما بعدها قد ذهبت هباءً. ويرى أن الحكم يكشف بشكل صارخ مدى تباطؤ وتواطؤ جهات التحريات المختصة فى إمداد المحكمة بالمستندات والأدلة التى كانت غير كافية لإثبات الجرائم، الأمر الذى انعكس على الحكم ذاته الذى هو فى الحقيقة ضمير القاضى وقت استحضاره وقائع الدعوى، وفق الثابت لديه من الأوراق وشهادات الشهود، دون الالتفات لمحاولات التدخل من قِبل النِّظام أو التأثيرات الإعلامية أو الرأى العام، ودون الحكم بعلمه الشخصى. وهاجم المستشار عمرو جمعة بشدة ما فعله المستشار أحمد رفعت من تلاوة بيان قبل النطق بالحكم، وقال جمعة: إن القاضى أحمد رفعت لديه من الخبرة القضائية التى كانت تمنعه من فعل هذه الأشياء الدخيلة على القضاء المصرى، وأن ما تود أن تقوله المحكمة يجب أن يكون داخل الحكم القضائى ذاته، إذ صور لنا هذا البيان أن المحكمة تُحاسب الرئيس السابق عن ثلاثين عاماً من القهر مما أعطى آمالاً للمتلقين بأحكامٍ أشد وطأة، فى حين أن المتهمين جميعاً يُحاكمون على جرائم ثابتة بالأوراق، وهذا ساعد على ردود الأفعال التى اجتاحت الشارع المصرى عقب تلاوة منطوق الحكم. ووصف ناصر أمين، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، الحكم بأنه «تخريف قانونى»، مضيفا أنه توقع قبل الحكم بشهور براءة مبارك؛ لأن القضية أحيلت إلى المحكمة بطريقة غير قانونية، ولا يجب أن يتم الحكم فيها وفقا لقانون العقوبات المصرى، لأنه لا يتضمن عقوبات على جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، وبالتالى فإن القضية سيأتى الحكم فيها بالبراءة لأن ما فعله مبارك من جرائم غير منصوص عليه فى قانون العقوبات. وأضاف أمين أنه يتصور ضرورة اللجوء إلى القضاء الجنائى الدولى، ومؤسسات الأممالمتحدة الخاصة بالقتل خارج إطار القانون وتلقى الشكاوى من المجلس الدولى لحقوق الإنسان بجينيف، بعدما لم ينصف القضاء الوطنى الضحايا، وإجراء محاكمة حقيقية تتناسب مع طبيعة الجرائم شديدة القسوة التى ارتكبها مبارك ونظامه. ودعا أمين البرلمان المصرى إلى رفض الحكم وضرورة التصديق على اتفاقية روما، واستخدام صلاحيات البرلمان فى تشريع القوانين للانضمام للاتفاقية. وأشار إلى أن القاضى أحمد رفعت المختص بنظر القضية ليست لديه خبرة، فى مثل هذه الجرائم، ولم يسبق له الحكم فى قضايا قتل جماعى منظم، مثل تلك التى حدثت أثناء الثورة، كباقى قضاة مصر. بينما قال الناشط الحقوقى محمد زارع، رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائى، إن الحكم سياسى من الدرجة الأولى، مضيفا: «العدالة فى مصر غريبة جدا». وأضاف أن نظام الحكم فى مصر لا يرغب فى محاكمة مبارك بشكل حقيقى، لافتا إلى تجاهل محاكمة مبارك على قانون الطوارئ، أو المحاكم العسكرية، أو تزوير إرادة الشعب، أو الأدوية المسرطنة، أو الاستيلاء على أراضى الدولة أو الخصخصة. ويشير زارع إلى أن النظام الحالى لا يريد سوى محاكمة مبارك على التوريث فقط، بدليل إعداد بعض القضايا لنجليه جمال وعلاء كى يبقيان قيد استمرار الحبس.