أحمد وحمادة، توأم من قرية بنى يحيى فى القوصية شمال أسيوط، جمعهما بطن واحد، وفرقهما الموت فى قطار البدرشين، كانا معا فى طريقهما إلى معسكر مبارك؛ حيث كان أحمد وشقيقه يجلسان على مقعد واحد، ورغم ذلك اختاره الموت، وبينما كانت سيارة الإسعاف تنقل حمادة إلى مستشفى المعادى العسكرى بين الحياة والموت، لم يكن يعلم أن الآلاف من أبناء قريته يشيعون جثمان أحمد صباح الخميس. التوأم ودّعا أسرتهما صباح يوم الاثنين الماضى، واتجها إلى منطقة التجنيد فى أسيوط، وسط دعوات لا تتوقف من الأم والجيران: «خلوا بالكم يا أحمد.. مش هاوصيك على أخوك يا حمادة.. مع السلامة يا ولاد»، لينطلق الشابان بحيوية وتعود الأم إلى داخل المنزل وقلبها ينتفض، تتذكر لحظات قدومهما للحياة، والفرحة التى ظهرت على وجه زوجها المدرس، تقول: «ياااااه، الولاد كبروا ودخلوا الجيش، بقوا رجالة، يا مرارى، هيغيبوا 40 يوم ويرجعوا لى؟!». لكن الغياب لم يطُل، ولم تكتمل رحلة التوأم؛ فبينما الأم وباقى أسرتها يستغرقون فى نوم عميق، صباح الثلاثاء، جاء الخبر المشئوم: «بيقولوا قطرين دخلوا فى بعض ومنهم القطر الحربى»، وتنتظر الأسرة ساعات ويسافر بعض رجالها ليأتوا بالخبر اليقين: «أحمد مات وحمادة فى مستشفى المعادى فى غيبوبة»، ليتحول المنزل إلى سرادق عزاء، حضره الآلاف من أهالى القرية والقرى المجاورة لمواساة الأب. يقول قريبهم «عبدالعال»: «أحمد وحمادة كانا معى قبل الحادث بيومين، وأخذ أحمد يوصى حمادة على والده ويقول له إننا لم يعد لنا فى الدنيا سواه، فأحسن معاملته». أصيب محمد محفوظ، مدرس، والد التوأم، بوعكة صحية عقب سماعه خبر وفاة نجله، ليقف حائراً بين تلقى العزاء والاطمئنان على نجله الثانى، الراقد بين الموت والحياة.