سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"زيزو" مدرب "الهتيفة": شعارات المظاهرات تؤرخ للثورة.. و"الشعب يريد" كسر قاعدة الوزن والقافية "زيزو" هتف لإسقاط نظام مبارك قبل الثورة.. ويدرب كوادر للهتاف بمطالبها
حاولت حنجرته في المرة الأولى، التي أطلق لها العنان لتصل بهتافات أطفال الانتفاضة الفلسطينية إلى أسماع سفير إسرائيل، والذي كان يجلس بالطابق العلوي للسفارة، التي كانت على مقربة من تظاهرات طلاب جامعة القاهرة عام 2001 لدعم الانتفاضة الفلسطينية، زيزو عبدو، مدرب هتيفة المظاهرات، يتذكر أيامه الأولى مع هتافات المظاهرات، وأول ما شارك في صناعته مع زملائه بالجامعة ضد مبارك وأمن الدولة والكيان الصهيوني. انضم "زيزو" إلى التيار الاشتراكي بالجامعة، وهو ما زاد من مهارته في جمع المتظاهرين تحت هتاف واحد، وخبرته في قيادة المظاهرات والمسيرات، ويؤكد ل"الوطن"، الهتاف المصري له خلفيات تاريخية، والمصريون دائما ما اشتهروا بصناعتها معتمدين على الوزن والقافية. يتوقف "زيزو" صاحب أول ورشة لتدريب الهتيفة، والقيادي بحركة 6 أبريل، ملياً ليتذكر ما جمعه عن تاريخ الهتاف في مصر، للتحضير لإصدار كتاب عن الهتيفة في مصر، مؤكدا ارتباط تاريخ الهتاف بالثوارات والانتفاضات الشعبية، والمطالب الاجتماعية والسياسية. ويتتبع مدرب الهتيفة أثره مع المتظاهرين منذ عهد دولة المماليك، والذي نطقت حناجرهم بالهتافات، اعتراضا على الضرائب التي أعلنها البرديسي والي مصر آنذاك، مرددين "يا برديسي يا برديسي اش راح تاخد من تفليسي". "يا الله يا متجلي أهلك دولة العثمانلي" هتاف ردده المصريون حين خرجوا لإسقاط الدولة العثمانية، والمطالبة برحيلها، ويستمر زيزو بالسرد، مفعم بحماسه دائما، والذي ينقله لزملائه في المظاهرات، خلال الهتافات، يؤكد أن الهتافات والشعارات تؤرخ ثورات المصريين، من خلال المطالب، التي تصاغ في شغل هتاف مضبوط وزناً وقافية. شارك زيزو في ثورة 25 يناير التي جاءت لكسر قاعدة الوزن والقافية بالهتاف، وخرجت بجملة واحدة مستقيمة، دون وزن، ودون قافية، "الشعب يريد إسقاط النظام"، وكانت ملهمة للثورة، الهتاف الذي شارك زيزو في ترديده للمرة الأولى ليلة 24 يناير على سلالم نقابة الصحفيين. "الشعب يريد إسقاط النظام" استلهمها المصريون من ثورة تونس لفظاً ومعنى، ويكشف "زيزو" أن الهتاف الأول الذي خرج من رحم الثورة المصرية، نبع من شباب 6 أبريل، "عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية"، والذي نطق للمرة الأولى "خبر.. حرية.. عدالة اجتماعية". شارك زيزو في تطوير الهتافات بعد الثورة، لإيمانه بأنه رسالة يرددها المتظاهرون بقوة، وراء الهتيف، فأدخل أسلوب "هديل الثورة"، والذي يعتمد على البدء بحالة صمت تامة، للمتظاهرين، ثم يعلو بالهتاف بشكل تدريجي حتى يصل إلى أعلى درجات صوته، ومن ورائه المتظاهرين، ثم يصمت لدقيقة، حتى يُسمع "صدا الصوت"، ويصل لكل المحيطين بها، وبذلك تصل الرسالة بشكل أقوى. واعتاد زيزو استخدام أسلوب هديل الثورة خلال مسيرات مصطفى محمود لميدان التحرير ضد الإعلان الدستوري، مؤكدًا أن "الهتيف مش مجرد حفظ وحد بيشيلك"، مشددا على الدور المهم للهتيف في قيادة المسيرة، ومسؤوليته عن تنظيمها صوتيًّا، ومرورها من الطرق المناسبة، لأنه دائما ما يكون في المقدمة. "الهتاف الحدوتة" نوع جديد من الهتاف ظهر جلياً بعد الثورة، وكان قائده المناضل اليساري كمال خليل، من خلال صناعة ما أسماها ب"قصة هتاف"، وتتبع "زيزو" أثاره ليصنع "حكاية ثورة"، والتي تحكي ما قبل الثورة وحتى الآن، وتسرد بشكل قصص، وتردد بشكل هتاف سريع أحيانا، وبطيء أحيانا أخرى. "مش أي حد ينفع هتيف" كلمات يبدأ بها مدرب الهتيفة ورش الهتاف، والذي يؤكد في أولى تعليماته لكوادر الهتاف، على ضرورة أن يكون الهتيف واعيا ومثقفا وعلى دراية ورؤية بالمطالب السياسية للمظاهرة، ولديه القدر على توظيف وعيه للمطالب في الهتافات. يدرب زيزو الهتيفة من أعضاء 6 أبريل في ورش عمل، الغرض منها فرز كوادر قادرة على قيادة التظاهرات، وتأمينها، وتوصيل الرسائل المعبرة عن الثورة في المقام الأول، مشيرًا إلى دور الهتيف في انتقاء الرسائل السياسية، مبتعدًا عن الألفاظ المشينة والجارحة للمسامع. "لغة الجسد"، إحدى الأدوات التي يستخدمها الهتيف، ويقدم "زيزو" التعليمات لتلاميذه بضرورة أن يكون الهتيف مهاريا في تحركاته، وقيادته للمظاهرة، ويعرف الوقت المناسب لرفع يده، وتحريك قسمات وجهه، وصناعة تعبيراته، مشيرًا إلى قدرة الهتيف على الهتاف بدون كلمات من خلال الإشارات. "الهتيف الشاطر" حسب منهج زيزو التدريبي لابد وأن يكون لديه القدرة على إنهاء الهتاف الذي يختلف عليه المتظاهرون، قائلا: "الهتاف بيجمع الناس مش بيفرقهم". الصوت أهم أدوات الهتيف، فطالب زيزو كوادر الحركة الحفاظ عليه، من خلال التنويع بين الهتاف السريع والبطيء والحدوتة، مطالبًا بضرورة إراحة حنجرة الهتيف خلال المظاهرة بين الحين والآخر. أصوات البنات تختلف عن أصوات الأولاد، ولكن للبنات دورا كبيرا في الثورة المصرية، ودائما ما قدن مظاهرات نجحن في إيصال الرسالة، ويؤكد مدرب الهتيفة قائلا: "إن الفكرة في الكاريزما، أكثر من الصوت، وإزاي أقدر ألفت انتباه الناس ليا". مساعد الهتيفة وظيفة جديدة تخرج بها ورش الهتاف التي يقوم عليها "زيزو"، قائلا: "مش لازم الناس اللي بتخرج من الورشة كلهم بيهتفوا"، مشيرا إلى دور مساعد الهتيف بالمظاهرات الكبرى، حيث يقف في أول المسيرة أو آخرها، ومن خلال إشارات متفق عليها مع الهتيف الرئيسي، يردد نفس الهتاف بنفس الصوت، لتخرج المسيرة بهتاف واحد بوقت واحد، وبنفس الصوت. أهم محاور ورش الهتاف لزيزو، تدريب الكوادر على تأليف الهتافات من خلال تقسيم ورش معينة وكل مجموعة تقوم بدراسة القضية، وتخرج المطالب السياسية المطلوبة وتصاغ بشكل هتاف منظم. يستعد زيزو لإصدار كتاب عن الهتيفة، ليتناول به تاريخ الهتاف بمصر، وأدوات الهتيف، وأشهر الهتافات، والشعراء الذي خرجت عن أشعارهم أشهر الهتافات، وعلى رأسهم أبوالقاسم الشابي، وأحمد فؤاد نجم والشيخ إمام، فؤاد حداد. زيزو الهتيف الذي هتف من أجل إسقاط النظام، مستمر بعد الثورة ويدرب كوادر 6 أبريل من هتيفة للمطالبة بتنفيذ مطالب الثورة، قائلا: "الهتاف استمرار صوت الثورة".