يقف صامداً، يقول كلمة الحق فى وجه أعوان السلطان، لا يخشى فى الله لومة لائم حتى لو كلفه ذلك المنصب الأكبر فى العالم الإسلامى. الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، دافع عن الشرع والوطن فى آن واحد حينما عُرض عليه مشروع قانون الصكوك الإسلامية المقدم من الحكومة بتأييد رئاسى، والذى اعتبرته الحل السحرى لإخراج البلاد من كبوتها الاقتصادية الطاحنة. الإمام كان حريصاً على أن يصدر رأى الأزهر بكل حيادية وموضوعية، أحال المشروع إلى جلسة مجمع البحوث الإسلامية لمناقشته، لكن العلماء رأوا أنه لا يمكن إبداء الرأى النهائى دون الاستعانة بخبراء بالاقتصاد الإسلامى لفك طلاسم بعض بنود المشروع، بعدها قرر الطيب إحالة المشروع إلى لجنة البحوث الفقهية لمناقشته مع الاستعانة بثلاثة من أساتذة الاقتصاد بجامعة الأزهر. اللجنة التى شكّلها الطيب خلصت إلى أن المشروع بشكله الحالى خطر يهدد أمن واقتصاد البلاد القومى وينال من سيادتها، ورفضوا المساس بالأصول الثابتة، فضلاً عن اعتراضهم على حق الأجانب فى تملك الصكوك بما يسير فى اتجاه الهيمنة واحتكار مقدرات الوطن، بالإضافة إلى ضياع حقوق الأجيال القادمة من أصول البلاد. واعترضت اللجنة على تسمية المشروع «الصكوك الإسلامية السيادية»، معتبرة أن التسمية «سيئة السمعة» وتفصح عن نوايا غير طيبة، وممارسات تتنافى مع الشرع فيما بعد، لأن المشرع قصد من كلمة «سيادية» تحصين القانون وكل ما يصدر عنه سواء كان إيجابياً أم سلبياً. وفور علم الحكومة برفض الأزهر للمشروع أرسل ممتاز السعيد، وزير المالية السابق، بعض التعديلات عليه، وتبرأ الإخوان من المشروع وكذلك مجلس الشورى، وحاول الدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء احتواء الموقف بالاتصال بشيخ الأزهر لتكوين لجنة خبراء من الحكومة وعلماء الأزهر للتوافق على المشروع بعد تعديله، لكن الطيب أعلن أن هيئة كبار العلماء لا يمكن أن توافق على مشروع الصكوك الحالى الذى يعتمد على ضياع أصول الدولة وممتلكاتها. أبلغ الإمام الأكبر، رئيس لجنة الشئون المالية والاقتصادية بالشورى بأن أصول الدولة ملك للشعب وحده، وكل ما لا يتفق مع الضرورات والواجبات الوطنية فهو غير شرعى، ورعاية أصول الدولة، وتنميتها، والحفاظ عليها واجب جميع المصريين، وقال: «نحن مع أى مشروع يخدم المصلحة العليا للبلاد، ولا يبدد ممتلكاتها، ولا يتعارض مع شريعة الإسلام، لأن المشروع بشكله الحالى به محاذير شرعية ولا يلتفت إلى ضرورات وطنية وأمنية يجب مراعاتها من أجل الصالح العام فى إعداد مشروع الصكوك». لمح السلفيون إلى رفض وجود الطيب من خلال ياسر برهامى، وغادر الطيب من قبل فى خطبة للرئيس اعتراضاً على البروتوكول، لتستمر حالة عدم الوفاق بين شيخ الأزهر وتيار الإسلام السياسى.