حصلت "الوطن" على أبرز مقترحات التيار العلماني للكنيسة الأرثوذوكسية التي تقدمت بها للبابا تواضروس الثاني، بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية، والتي سيتم مناقشتها خلال المؤتمر الذي يعقد حاليا بدير الأنبا بيشوي بوادي النطروان، والذي يترأسة البابا تواضروس الثاني، وقام بافتتاحه صباح اليوم، والذي سيستمر حتى بعد غد الأربعاء، ويشارك به عدد كبير من الأساقفة والرهبان من كل الأديرة في كل أنحاء المحافظات. ويعد المؤتمر الأول من نوعه للبابا لمتابعة شؤون الأديرة والحياة الرهبانية، وتتمثل أبرز تلك الاقترحات في إنشاء مجلس أعلى للرهبنة ينظم الانخراط في الرهبنة ويضع قواعد للاعتراف بأديرة جديدة، ولترتيب كيفية الإفادة من طاقات الرهبنة فكريا وثقافيا واقتصاديا وزراعيا، وكذلك هيكلة الرهبنة عبر إعادة إحياء مدرسة الرهبان بشكل علمي وكنسي لدعم الرهبان علمياً وروحياً وفكرياً ولاهوتياً، بالتعاون مع الجامعات المدنية في بروتوكول علمي لتدريسهم العلوم الإنسانية والإدارية والاقتصادية، إضافة إلى العلوم اللاهوتية والكنسية، وشروط وطريقة قبول طالبي الرهبنة، وإعادة نسق التلمذة، وضبط العلاقات داخل الأديرة، وإضافة الرهبنة الخادمة بجوار الرهبنة التقليدية. وقال الدكتور كمال زاخر، مؤسس التيار العلماني بالكنيسة في تصريحات خاصة ل"الوطن"، إن المؤتمر يأتي كأول تفعيل لتوصيات التيار للكنيسة، وأنه سيناقش الورقة البحثية التي قدمها التيار للقائم مقام البابا السابق الأنبا باخوميوس والتي تم رفعها للبابا تواضروس، فور توليه مسؤولية الكنيسة، وقال إن الورقة التي تأتي تحت عنوان "الرهبنة المعاصرة"، تأتي في ضوء احتياجات الكنيسة والمجتمع المصري، لإعادة النظر في ملف الرهبنة؛ لأنها المدخل الرسمي لتولى مقاليد إدارة الكنيسة على مدى قرون طويلة. وتشير ورقة التيار العلماني، إلى أن الرهبنة بالكنيسة لم تنل القدر الكافي من البحث والتنقيب والتقييم والتقويم، كما أنها لها تأثير ميتافيزيقي لا يبارى من شأنه حال تفاقم هذا المذاق الشعبي والميتافيزيقي تضليل الشعب إيمانيا وتغييبه عن واقعه ساعيا نحو توافه الأمور تاركا عمق الإيمان، عطفا على أن الرهبنة "منطقة جذب" في ظرفنا هذا الذي يحفل بكم من الضغوط الاجتماعية والاقتصادية المتباينة، والتي تتجمع لتكون "عوامل طرد مجتمعية" يتعاظم في ظلها "التوجه الرهباني" باعتباره المنفذ للخلاص، وكذلك الرهبنة تحظى بتركيز إعلامي كنسي معاصر عبر كثير من أدبيات الكنيسة المكتوبة والمتواترة، على أنها مرتبة روحية أعلى من مرتبة الحياة في العالم، واستقر تبعاً لذلك عند كثيرين إن الحياة في العالم أمر غير مستساغ، حتى سارع البعض ليعلن عبر كتب مطروحة بالمكتبة القبطية أنه اكتشف وجود "علمانيون أبرار"، وهذا التصور غير الكنسي ومؤشر خطير يحتاج إلى أكثر من انتباه. وأوضحت الورقة البحثية، أن الحركة الرهبانية تأسست على ركائز أربع هي: البتولية والوحدة والتجرد (الفقر الاختياري) والطاعة، ويحوط ذلك "فكر الاتضاع" الذي يحمي مسيرة الراهب في سعيه للأبدية، لكن الأحداث والظروف تتبدل وتتغير عبر التاريخ والزمن، فيتغلغل المنهج الرهباني النسكي إلى الكنيسة، حتى يصبح هو الفكر الغالب والمسيطر، الأمر الذي أفقد الكنيسة اتساقها بل وسلامها مع العالم ومع البيئة المحيطة، تلك البيئة التي هي هدف خدمة الكنيسة، فانفصلت الكنيسة عن واقعها، مما أفقدها أن تكون ملح الأرض ونور العالم، ومن هنا تبرز أسئلة حائرة، من خلال عقد مقارنة بين الواقع الرهباني الكنسي المعاصر وبين الجذور، وتطرح الورقة بعض الاسئلة التي بحاجة إلى إجابات موضوعية، أولها كيف ولماذا أصبح الخطاب الرهباني هو السائد على الكنيسة، والغالب على مضمار الخدمة الرسمية الكنسية؟ برغم كون الرهبنة توجه شعبي ومنهج نسكي تقشفي خالص، وخاص بمن يقبلونه طواعية، ولا يمكن بأي حال أن يكون هو منهج الكنيسة كلها، وكيف تطور الأمر إلى الدرجة التي صارت فيها مقاليد المراكز التدبيرية القيادية في الكنيسة في يد الرهبنة وحدها؟ ثم من يخضع لمن؟ هل تخضع الكنيسة وهي الأصل والأم والأساس والكل للرهبنة وهي الفرع والجزء؟ في نفس السياق، أشار التيار العلماني للكنيسة، في خطاب سابق قام بإرساله للبابا تواضروس قبل تولية الكرسي البابوي، إلى ضرورة تفعيل تكريس عمل الرهبنة في خدمة الكنيسة خارج أسوار الحياة الديرية، وهيكلة الرهبنة عبر إعادة إحياء مدرسة الرهبان بشكل علمي وكنسي لدعم الرهبان علمياً وروحياً وفكرياً ولاهوتياً بحثياً، بالتعاون مع الجامعات المدنية في بروتوكول علمي لتدريسهم العلوم الإنسانية والإدارية والاقتصادية، إضافة إلى العلوم اللاهوتية والكنسية.