يناقش مجلس الشورى حالياً مشروع قانون تعديل بعض مواد انتخاب مجلس النواب الذى حل طبقاً للدستور الجديد محل مجلس الشعب، ويلاحظ بشكل عام أن هذه التعديلات ليست جوهرية حيث يستمر القانون رقم 38 لسنة 1972 بشأن مجلس الشعب كما هو بشكل عام مع تعديلات محدودة. وسوف يرسل مشروع القانون إلى المحكمة الدستورية العليا لإبداء الرأى فى مدى دستوريته تطبيقاً لمبدأ الرقابة الدستورية السابقة الذى ابتدعه الدستور الجديد لمنع المحكمة الدستورية بعد ذلك من النظر فى أى طعون تقدم بعدم الدستورية بعد إجراء الانتخابات، وفيما يلى نعرض بعض الملاحظات السريعة على التعديلات المقترحة لتأثيرها السلبى على نتائج الانتخابات. أولاً: لم تشمل التعديلات إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية حيث يعيب التقسيم الحالى للدوائر أنها متسعة للغاية لا يستطيع المرشحون تغطيتها بالدعاية الانتخابية أو الاتصال بالناخبين بها خلال الفترة المخصصة للدعاية ويكفى أن الدائرة تشمل محافظة كاملة فى أكثر من ست محافظات وأن البعض الآخر يزيد مساحته على 2500 كم2: يضاف إلى هذا أن التقسيم الحالى للدوائر لا يراعى مبدأ التمثيل المتساوى للسكان، فبعضها يمثل عدداً أكبر بكثير من السكان عن الدوائر الأخرى، من هنا ضرورة إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية بحيث تكون مناسبة فى حجمها ومساحتها لإمكانية اتصال المرشح بالناخبين جميعاً، ونقترح فى هذا الصدد تقسيم الجمهورية إلى 83 دائرة للمرشحين على القوائم بحيث تضم القائمة أربعة مرشحين فقط وبذلك نضمن مساحة أقل للدائرة كما نضمن تطابق أعداد دوائر القوائم مع دوائر الفردى مما يتيح إمكانية أكبر للتنسيق والتحالف بين الطرفين وهو ما يساعد على تعزيز وتقوية المنافسة الانتخابية ويساهم فى نفس الوقت فى تخفيض تكلفة الدعاية الانتخابية ويقلل من مقاعد الأحزاب والمستقلين فى ترتيب القوائم التى كثيراً ما تفشل إذا كانت القائمة تضم عشرة مرشحين أو ثمانية مما يدعو أصحاب الترتيب المتأخر إلى عدم المساهمة فى الدعاية الانتخابية لفقدانه الأمل فى الفوز فى الانتخابات، ويراعى فى التقسيم المقترح أن تمثل هذه الدوائر عدداً متساوياً من السكان وأن تتماشى مع التقسيم الإدارى للدولة وأن تكون متصلة جغرافياً (مراكز أو أقسام إدارة متجاورة). ثانياً: تهمش التعديلات المقترحة المرأة باقتراح أن يكون اسم امرأة ضمن النصف الأول من القوائم لأنها غالباً ستكون فى الترتيب الرابع أو الخامس إذا بقى التقسيم الحالى للدوائر (عشر مرشحين أو ثمانية) ولن تتاح لها فرصة الفوز بأعداد تتناسب مع دورها فى المجتمع، والمقترح أن يرد اسم امرأة فى الثلاثة المرشحين الأول وكذلك فى المرشحين الثلاثة التالين وهكذا. أما إذا أخذ باقتراح تصغير الدوائر فإنها يمكن أن تكون المرشح الثانى أو الثالث فى القائمة. ثالثاً: أثبتت التجربة أن النص الخاص بتسليم كشوف الناخبين للمرشحين لا يفى بالغرض المطلوب لأن المرشح يتسلم الكشوف بأسماء الناخبين فى الدوائر غير موضح بها رقم اللجنة الفرعية المقيد أمامها الناخب ومقر اللجنة وعنوانها وبذلك تضيع الفائدة من معرفة المرشح بأسماء الناخبين لأنه لا تتوفر له فرصة معرفتهم وتوزيعهم على اللجان الفرعية والمطلوب أن يشمل الكشف المسلم للمرشح توزيع الناخبين على اللجان. رابعاً: يلاحظ أن عدد الناخبين المقيدين بكل لجنة فرعية تزايد فى السنوات العشر الأخيرة بدرجة ملحوظة، فقد كان فى حدود 500 - 700 ناخب يكفى الوقت المخصص للتصويت لكى يقوموا جميعاً بالتصويت، وأن العدد زاد بعد ذلك إلى أكثر من ألف ناخب فى اللجنة الواحدة ثم زاد إلى ما يقرب من ألفى ناخب، وهو ما يستحيل معه تصويتهم جميعاً، ومن الضرورى أن يظل عدد الناخبين فى اللجنة الفرعية أقل من ألف ناخب ويتم التصويت على يومين إذا كان عدد القضاة غير كافٍ لتغطية كل اللجان الفرعية وأن يشرف القاضى الواحد على لجنتين. خامساً: ترددت معلومات مختلفة عن العتبة الانتخابية، وهى الحد الأدنى من الأصوات اللازمة لفوز القائمة بالمقاعد وكانت فى الانتخابات الأخيرة نصفاً فى المائة من إجمالى الأصوات على مستوى الجمهورية، ومن المهم هنا إلغاء العتبة على مستوى الجمهورية لأنها لا تتناسب مع السماح للمستقلين بالمشاركة فى القوائم لعدم إمكانية التنسيق بين المستقلين خارج الدائرة الواحدة والأفضل إلغاء العتبة الانتخابية والاكتفاء بفوز القائمة بعدد المقاعد التى حصلت على الأصوات اللازمة لها طبقاً للمعامل الانتخابى فى كل دائرة. كما أنه من الضرورى أن تستمر قاعدة توزيع الأصوات طبقاً لقاعدة الباقى الأعلى حيث يمنح الباقى الأقل للقائمة التى حصلت على الباقى الأعلى دون اشتراط أن تكون هذه القائمة قد حصلت على مقعد أو أكثر، وفى هذا تعزيز لفرصة الأحزاب الصغيرة فى الوجود بمجلس النواب مما يعزز التعددية الحزبية بشكل عام. هذه ملاحظات سريعة، وهناك ملاحظات أخرى عديدة سوف نطرحها فى المناقشات الجارية حول مشروع القانون.