كان حوارى مع الشيخ هشام العشرى مؤسس الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر (دون تصنيف هيئة أو ائتلاف علشان بيزعل)، والذى أثار حالة جدلية كبيرة فى المجتمع عقب نشره، أشبه ب«مهمة انتحارية» فى فكر مفخخ بالمعتقدات السلطوية تحت شعار الدين وراية الشريعة. لهذا، حمداً لله لأنه منحنى القدرة على تحمل كل ذلك الكلام الأقرب إلى هذيان محمومٍ فى ليلة شتاء قارسة البرودة، أو خرافات أساطير تعود بنا إلى عصور ما قبل الإسلام وأتون الجاهلية الأولى، أما ما لم أعد أتحمله حقاً فهو قدرة الشيخ الآمر بالمعروف والناهى للمصريين عن المنكر على التلون والإنكار إلى حد الكذب! أليس الكذب منكراً يا شيخ هشام؟ أم أن المنكر ينطبق على الجميع إلا أنت؟ أم أن صكوك دخول الجنة التى تروج لها بجماعتك «مجانية» فلا تحتاج لمحاسبة نفسك؟! لماذا ذكرت فى حوارك مع الإعلامى محمود سعد أننى سألتك تحديداً عن قناة «التت» وأنا لم أفعل؟ بالمناسبة «يعنى إيه قناة التت يا شيخ هشام؟ ولماذا ضحكت حينما سألك (سعد) عن معرفتك بها؟»! هل المنكر لا ينطبق على محتويات القناة إذا ما كنت تشاهدها؟ ولماذا أنكرت كل ما قيل فى الحوار، وادعيت أننا حرفنا كلامك على غير الحقيقة؟! قد أتفهم أن الشيخ هشام أصيب ب«خضة إعلامية» إثر هذا الكم من الأضواء المسلطة على وجهه وشعره «الممهور» ب«الجل الأمريكى» فجأة، فأراد أن يبقى قيد الشاشة أكبر قدر ممكن من الوقت لاستعراض بدلته يدوية الصنع بأنامله العبقرية، لكن ما لم أتفهمه حقيقة هو كذبه المحنك فى كل ما قاله فى «الوطن»، وتراجعه عن تصريحاته ناسياً فى حين غفلة من إغراء كادرات الكاميرات أن «الحوار مُسجل». «العشرى» أنكر كل ما قيل فى حوار «الوطن» فى برامج التوك شو، التى تلقفته ك«أب روحى للشريعة الإسلامية» على الطريقة السعودية، واعتبر تجرئى على الانسحاب على الهواء من حلقة الزميل جابر القرموطى، أمس الأول، اعتراضاً على إهانته للزميل يوسف الحسينى بشكل فظ ولا أخلاقى، هى جريمة «خيانة للدين»، وقال لى بعد انتهاء الحلقة: «ما انتو كلكو مع بعض»! لا أعرف «الحسينى» شخصيا، لكن إذا كان الاتهام الموجه لنا بجملة «كلكو مع بعض» هو الحفاظ على كرامة واحترام شخص زميل فى غيابه بعد أن وصفه «العشرى» بصفات لا تليق لمجرد «ضرب كرسى فى الكلوب.. بما لا يخالف شرع الله».. فأهلاً بالمعارك. أيوه «إحنا كلنا مع بعض» أمام الجهلاء وجحافل الظلام وكل مدعٍ بأن الدين حكر عليه. «نحن كلنا مع بعض» أمام «العشرى» الذى يريد أن يُشفر حياتنا فى المجتمع وفقاً لمعتقداته بأرقام سرية تحمل تفسيراً قاصراً لآيات الله وأحاديث نبيه الشريفة. «العشرى» لم يتحمل المكاشفة، ولم يستوعب أننا أشهرنا تديناً فى وجهه، وقلنا له إن الجنة ليست فى متناول جيبك أو جيوب تابعيك، وإنه ليس من حقك أن تبيع «أسهماً» فى الجنة بعد أن نَصبت نفسك وكيلا لله فى الأرض مقابل شهرة مصطنعة. ألم تقرأ يا شيخ عشرى تفسير القرطبى للحديث النبوى الشريف الذى تلوكه طوال الوقت للتدليل على ما تفعل، «من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان»؟ التفسير يشير إلى أن التغيير باليد من اختصاص الحاكم، وأن التغيير بالقول من اختصاص علماء الدين، وأن التغيير بالقلب سيكون للعامة، وبالطبع لن تكون أنت يا شيخ هشام، لأنك لا تعتبر نفسك من العامة بل فوقهم علماً وأقربهم إلى الله منا. قد يبدو أن ما قاله «العشرى» مجرد رؤوس أقلام على مسودات لن تُفعّل، لم يكن مجرد ثرثرة.. والدليل على ذلك ما قاله من أن لديه آلاف المتطوعين فى ائتلافه، وأنهم باتوا يحصدون نتائج إيجابية على الأرض فى جنوب مصر والصعيد، لكن الذى أعرفه أن أمثال «العشرى» ممن يريدون أن يقيموا مأتماً لإنسانيتنا وحقنا فى الحياة لن يتمكنوا من ذلك، وإنسانيتنا ستبقى كما هى.. شرط ألا تيأسوا من رحمة الله، فهو خلقنا وهو أولى بنا منا.