ذهبت الأموال التى أنفقتها مديرية التربية والتعليم وجامعة بنى سويف، لتجديد حوائط منشآتهما التعليمية بدهانها قبل أسبوعين هباءً، فما إن انتهت معركة الدستور، التى تضمنت عشرات الشعارات، والتى غطت جدران مبانى الجامعة والكليات والمدارس، ما بين مؤيد ومعارض وما بين لا ونعم، إلا وتلوثت مرة أخرى بما شوه الذوق العام، وبما عبر عن طبيعة وشكل الصراع السياسى الدائر الآن فى مصر. الشعارات التى ملأت شوارع مدينة بنى سويف، التى تراوحت بين تأييد الدستور بألفاظ مثل «نعم للدستور، ولا للدستور، ودستوركم لا يمثلنا، يسقط دستور المرشد ولا لدستور الإخوان» تمت إعادة صياغتها مرة أخرى، عن طريق شطب بعض العبارات، وتحويرها وإفقادها لمضمونها، فتحولت لا للدستور، لنعم للدستور، ونعم للدستور للا للدستور، وأضيفت عبارات أخرى لجمل كانت تتناول رأياً أو وصفاً أو تشبيهاً، فتحولت إلى «أنا إخوان» وتحولت أخرى إلى «لا لدستور البرادعى»، بل إن حركة «حازمون» دخلت على الخط، وبدأت تطمس ما تم نشره على الحوائط بصورة كاملة وكتابة «حازمون.. أسود مصر» بديلاً لما نشره الإخوان المسلمون والقوى والتيارات المدنية. يشير ما سبق إلى استعداد مبكر من قبل أنصار الشيخ «حازم أبوإسماعيل» لخوض انتخابات الشعب القادمة، وأيضاً إلى رفض أنصارها لما تمت كتابته من قبل الإخوان أو القوى المدنية على السواء، حيث لوحظ أنهم يطمسون كافة الشعارات دينية كانت أو مدنية. الظاهرة لفتت أنظار العديد من المواطنين والمحللين السياسيين ببنى سويف، الذين رأوا العبارات التى شوهت جدران مدينة بنى سويف، تعبيراً عن الصراع السياسى القائم فى مصر بصورة جديدة. أشرف أنور حسن، الناشط والباحث فى العلوم السياسية، رآها انعكاساً لما يحدث فى الفضائيات بتوجهاتها المختلفة وموقع الفيس بوك، ونتيجة للتراشق اللفظى العنيف الذى يحدث يومياً ووصل إلى حد السب والقذف، بل وصل إلى ساحات المحاكم، وأشار إلى أن اقتصار الظاهرة على مدينة بنى سويف يعنى تركز التيارات المعارضة فى المدينة، وعدم انتشارها فى القرى والمراكز وإن كانت بعض المراكز قد شهدت حالات من العنف البدنى بين المعارضين والمؤيدين، كما حدث فى مركز الفشن، بما يشير إلى أن هذا التراشق اللفظى على الحوائط، وإن كان مرفوضاً ويجب التوقف عنه «فوراً» إلا أنه أقل عنفاً مما يحدث فى بعض القرى نتيجة للصراع السياسى بين جماعة الإخوان والتيارات المدنية. ويقول أيمن محمد أنور، أمين الشباب بحزب التجمع ببنى سويف، وأحد القيادات الناشطة فى الشارع السويفى، إن التيارات الدينية بكافة توجهاتها هى التى تعمل على تشويه شعارات قوى الثورة، ضمن توجهها القمعى الرافض للرأى الآخر، مؤكداً أن ما يحدث لا يمثل إلا تجاوزاً فى حق القوى المعارضة التى تعبر عن رأيها عبر الكتابة على الجدران، مشيراً إلى أن القوى الدينية بطبيعتها لا تقبل الرأى الآخر. سيد عدلى، أمين مساعد حزب المصريين الأحرار ببنى سويف، أشار إلى أن ما يحدث من تشويه للحوائط والجدران دليل على الجهل السياسى للقوى السياسية، وأنه نوع من «العبث السياسى» الذى يفتقر للمنطق ويدل على أن القوى السياسية لا تمتلك قنوات اتصال مباشرة «تختلف وتتفق من خلالها»، مؤكداً أن هذه الظاهرة تقتصر على المجتمعات التى تفتقد ثقافة الحوار «فلا يوجد بالخارج مثل هذا العبث الذى يدل على انعدام الإحساس بالذوق السياسى» ويهدر أموال المؤسسات الحكومية فى تجديد الدهانات وإعادة الطلاء للحوائط التى تم تشويهها بصورة غير لائقة. دكتور إبراهيم نبيل، الناشط السياسى ورئيس حملة «بايدينا خير» على الفيس بوك، أكد أنه رافض من الأساس لموضوع النشر على الحوائط، وأكد أنه تسبب فى انقسام المصريين بين «مؤمنين وكفار»، مشيراً إلى أن ما يسمى «حركة ثوار بنى سويف» ضللت المواطنين، من خلال طمس كلمة لا، واستبدالها بنعم، بينما لم يقم الثوار بشطب كلمة «نعم» إلا بعد أن بدأت القوى الأخرى بالشطب على «لا». مسئولو الإخوان المسلمين، والحرية والعدالة، نفوا علمهم بما يكتب على الجدران والحوائط وتشويه شعاراتهم أو شعارات غيرهم من القوى السياسية، مشيرين إلى أنهم يهتمون حالياً بعد انتهاء معركة الدستور بالعمل على تحقيق صالح المواطن السويفى.