طابور طويل يمتد لمئات الأمتار، يقف الناخبون فيه انتظاراً للوصول إلى الباب الرئيسى للجنة الانتخابية. حوارات ونقاشات تدور حول الدستور وموقفهم منه. البعض فضل التزام الصمت، وآخرون انهمكوا فى المناقشة التى تسفر فى النهاية عن عبارات التمنى «ربنا يهدى الحال». وسط هذا الزخم يُؤْثر بعض الناخبين السلامة، ويقضى وقته مع جريدته المفضلة، يتسلى بتصفحها وقراءتها، لحين وصوله إلى صندوق الاقتراع، والإدلاء بصوته. «الوطن» ظهرت فى أيدى كثيرين، كان من بينهم فتحى محمد، بدا فى هيئة بسيطة مرتدياً جلباباً، ومستغرقاً فى القراءة نائياً بنفسه عن الأحاديث الجانبية التى تدور حوله، أمام لجنة مدرسة بهتيم الثانوية بنات، التابعة لمنطقة شبرا الخيمة (ثانٍ). «أنا جاى أصوَّت حسب قناعاتى، محدش بيجبرنى على حاجة، معنديش مرشد ولا دليل إلا دماغى». يقولها الرجل، قبل أن يتدخل شخص يحمل نسخاً من جريدة «الحرية والعدالة» ويعرضها على «قارئ الوطن»، فينأى بوجهه عنه، فيقربها موزع جريدة الإخوان إليه قائلاً: «ببلاش يا بيه اقرأ «الحرية والعدالة»، هى دى الصحافة الصح وابعد عن جرايد الفلول»، فيزيحها الرجل بهدوء من أمامه قائلاً: «مش عاوزها.. عمرى ما أقبل بالتوجيه لا فى التصويت ولا فى الصحافة». الهجوم الحاد على الصحف المستقلة يسبب ل«قارئ الوطن» إزعاجاً، «يعنى إيه يتهموا الناس اللى مش فى صفهم بأنهم فلول، ده إرهاب». يقول الرجل الأربعينى ذلك، مؤكداً أن الصحافة المستقلة هى التى تكشف حقيقة ما يحدث فى مصر، فالحقيقة عنوانها الإعلام الصالح، حسب كلامه، مشيراً إلى أن الهجوم على الإعلاميين المحترمين سُبة على جبين «جماعة المتأسلمين»، ويضيف أنه رغم كل هذه الحملات، فإنه يتابع الصحف المستقلة والمعارضة بشغف، ويتابع بابتسامة ساخرة تعلو وجهه «أنا مكنتش بقرأ الوطن، لحد ما سمعت من الناس الكدابة إنها جريدة فلول، قلت أجيبها وأقرأها عشان أتعلم منها إزاى أبقى فِل».