بعد موافقة اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية منح 320 عضوا من الاتحاد العام للجمعيات والمؤسسات الأهلية لمراقبة العملية الانتخابية بخلاف التصاريح الخاصة بالجمعيات الحقوقية كان لا بد ان نتساءل عن آليات رصد التجاوزات التي تحدث خلال فترات الدعاية والتصويت والفرز، وكيفية توفير الحماية للراصدين والشروط التي تضعها اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية للمراقبة وقيمة تلك التقارير في ظل المادة 28 من الإعلان الدستوري التي تحول دون الطعن في قرارات اللجنة؟ كل هذه التساؤلات وغيرها حملتها "الوادي" إلى منظمات المجتمع المدني ومسؤولي الجمعيات الأهلية الذين أكدوا على القيمة الأدبية والمعنوية لتلك التقارير التي تمثل حرجا للرئيس القادم أمام الرأي العام إذا جاء بالتزوير. فمن جهته وصف محسن بهنسي، المدير التنفيذي لمركز الشهيد لحقوق الإنسان، التقارير الحقوقية بأنها وثيقة شرف حقوقية عامة للرصد والتوثيق والتدقيق في المخالفات منذ تاريخ بدء الحملات الانتخابية وحتى البت بآخر طعن مقدم وتشمل المستويات التالية، إدارة الانتخابات والحملات الانتخابية والتغطية الإعلامية بالإضافة إلى رصد أداء الناخبين مما يسهل إعداد برامج توعية في المرحلة المقبلة. وأشار بهنسي إلى المعايير التي يلتزم بها الراصد او المراقب خلال العملية الانتخابية بداية من فترة ما قبل الانتخابات واستخدام الشعارات الدينية من عدمها او الإساءة من قبل بعض المرشحين ضد أحد منافسيه والاعتداءات اللفظية والجسدية على انصار المرشحين ورفع وازالة وتمزيق البوسترات الخاصة بالمرشح الرئاسي، مرورا بمرحلة التصويت وما إذا كان هناك حشد لمرشح بعينه ووسائل النقل العامة التي تقل الناخبين لمقار اللجان الانتخابية، فضلا عن وضعية المرشح داخل اللجان والتمييز الذي يمارس ضده دون غيره وطبيعة الاوراق التي يتم توزيعها داخل اللجان. ويروي بهنسي أنه خلال الانتخابات البرلمانية قبل الأخيرة تم حشد مجموعة من ذوي الإعاقة ممن لا يسمح لهم القانون بالإدلاء بأصواتهم للتصويت لصالح مرشح الحزب الوطني المنحل في تحد صارخ للقانون وهو ما رصده المراقبون وقدموا بذلك التقارير الكاملة التي ضُرب بها عرض الحائط، اضافة إلى حرمان فئة غير قليلة من المصريين من حقهم الدستوري في التصويت الانتخابي ولا شك أن المراقبين يضعون تلك الطائفة على راس اولوياتهم بجانب المرأة التي يتم استغلالها بصورة كبيرة في التصويت الجماعي لصالح مرشحا بعينه دون إدراك لخطورة ذلك، مؤكدا أن الإتفاقيات والمواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان تضمن الحماية الكاملة للراصدين والمدافعين عن حقوق الإنسان، فضلا عن التصاريح الممنوحة من قبل اللجنة العليا التي تفرض الحماية المطلقة للمراقبين للقيام بالدور الأمثل خلال العملية الإنتخابية. ومن جانبه أوضح بهي الدين حسن، مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، أنه لا علاقة للتقارير الحقوقية التي تمثل قيمة أدبية وليست لها صفة أو مكانة قانونية بالمادة 28 من نص الإعلان الدستوري التي تفرض الحماية والقدسية على قرارات اللجنة العليا للرئاسة وتكون قراراتها نهائية ونافذة بذاتها، غير قابلة للطعن عليها بأي طريق وأمام أية جهة، كما لا يجوز التعرض لقراراتها بوقف التنفيذ أو الإلغاء، موضحا أن تلك المنظمات ليس لديها من الصلاحيات التنفيذية الكافية التي تفرض سطوتها علي قرارات اللجنة العليا، إنما تأثيرها الأكبر ينحصر في ذاك التوجيه الذي تحمله للرأي العام ضد مرشحا رئاسيا بعينه، سواء توجد المادة 28 من عدمه. فيما أكد جمال عيد، المدير التنفيذي للشبكة العربية لحقوق الإنسان، انه مهما كان هناك من تحصينات للجنة العليا في ظل المادة 28 فيكفي قيمة الرصد الإعلامي الأقوى لسير العملية الانتخابية حتى ولو أنكر الآخرون وهو ما يمثل علامة سوداء في سجل الرئيس القادم وخروجه عن المقتضي الدستوري (غير الشرعي) فضلا عما تمثله تلك التقارير من تحديد الملامح العامة للوضع الانتخابي في مصر والصورة الحقيقية لوضعية الرئيس أمام الرأي العام. ويضيف عيد أن الرئيس القادم سوف يكون محملا بمواقف مبهمة حول المرحلة الانتقالية ومواقفه الوطنية خلال تلك الفترة وما تمثله تلك التقارير الحقوقية من قيمة معنوية لإحراج الرئيس إذا جاء على خلفيات غير قانونية أو إجراءات غير دستورية وهو ما يتم التحرك بها دوليا، مشيرا أن أغلب المنظمات الحقوقية والجمعيات الأهلية التي استخرجت تصاريح المراقبة على صلة قريبة من الحكومة ونظام المخلوع في الوقت الذي لم تمنح فيه الجمعية المصرية للنهضة والمشاركة الاجتماعية التصريح الخاص بالرقابة، الأمر الذي يثير العديد من علامات الاستفهام حول الشكوك والنوايا السيئة التي تمارس من الآن ضد منظمات المجتمع المدني ومن ثم فغياب المؤسسات الجادة لا يعني سوى أن هناك نية سوداء مبيتة في الانتخابات الرئاسية القادمة على حد وصفه. وعلى صعيد آخر قال نجاد البرعي، مدير المجموعة المتحدة لحقوق الإنسان، أن الدور الذي تقوم به منظمات المجتمع المدني والمؤسسات والجمعيات الأهلية مضيعة للوقت والمال، فلا أحد يسمع أو ياخذ بتلك التقارير فالوضع العام بعد الثورة صار أسوأ بكثير مما كان قبلها ومن ثم فلا قيمة لها على الإطلاق. وفي المقابل أعلنت نحو 18 منظمة حقوقية عن رفضها التام لشروط اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية حول آليات المراقبة خلال العملية الانتخابية التي تمثل العديد من القيود والعراقيل على آداء تلك المنظمات لدورها على الوجه الأكمل، رافضين تلك الإجراءات الشكلية التي تضع بصمات الجمعيات الأهلية ومنظمات المجتمع المدني على سكين تزوير الإنتخابات الرئاسية المقبلة.