ذكرت صحيفة "لوموند الفرنسية" فى مقال افتتاحى لها انه هناك خطأ يجب عدم ارتكابه فيما يخص الدراما التى تلعب فى الجزائرالان والتى لا تزال غير مكتملة، و هو ان نتخيل ان احتجاز مئات الرهائن فى موقع الغاز فى جنوبالجزائر هو نتيجة مباشرة للتدخل الفرنسى فى مالى، وهذا هو الذى تريد الجماعة التى ادعت الهجوم ان نعتقده والتى تسمى "الموقعون بالدم" ويقودها الجزائرى مختار بلمختار أحد المنشقين عن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي. والحقيقة هى ان هؤلاء المجاهدين الذين قاموا بالهجوم جاءوا من ليبيا وان مثل هذة العملية مستحيل تجهيزها خلال 48 ساعة فقط فانه على الارجح كان من المقرر لها قبل وقت طويل من دخول الطائرات الفرنسية في سماء منطقة الساحل. واضافت لوموند انه غير صحيح ان ننسب "انفجار الإرهاب الإسلامي" الذي يهز منطقة الساحل بشكل واسع اليوم الى سقوط نظام معمر القذافي بالتأكيد سقوط الدكتاتورية الليبية سهلت هذا التطور حيث عاد إلى الصحراء مئات المرتزقة من الذين كانوا يعملون لخدمة القذافي، وكانوا قد جلبوا معهم مخزون هائل من الأسلحة. ولكن مرة اخرى ان الجهادية لم تكن تنتظر سقوط نظام القذافى، انها كانت موجودة بالفعل فى منطقة الساحل نتيجة للحرب الاهلية فى الجزائر (1990-1999)و التى تم معالجتها بشكل خاطئ، بالاضافة الى التخلي عن السكان الطوارق إلى مصير بائس، وعدم قدرة العديد من الدول في المنطقة السيطرة على الحدود، فان الأسباب والتفسيرات كثيرة لما يحدث اليوم في منطقة الساحل، والنتيجة تتمثل الان فى ظهور عصابات التهريب وتجارة المخدرات واحتجاز الرهائن ونهب واغتصاب وقتل خسيس ياتى كل هذا مع المطالبة الجهادية لتحويل عدد من الدول في المنطقة الى إمارات إسلامية. المأساة التى وقعت فى موقع الغاز" عين امناس"فى الصحراء الجزائرية يبدو وكأنها تحذير رهيب، قضية مالى ليست قضية بين فرنسا و واحدة من مستعمراتها السابقة في غرب أفريقيا وانما هو الامر الذى يعبر عن زعزعة الاستقرار التدريجي لمنطقة الساحل بأكملها وهو الامر الذى يهدد جميع الدول فى المنطقة مثل الجزائر والنيجر وبوركينا فاسو، وكذلك تشاد وغينيا والسنغال وموريتانيا. وقضية مالى تمثل تحدي هائل، وهذا لمنع "الصوملة" أو "أفغنة" جزء من المنطقة، الامر الذى يتطلب تعبئة جميع هذه الدول. القضية تتطلب المساعدات العسكرية والاقتصادية والسياسية لهذة الدول المهدد استقرارها، وياتى هنا دور اوروبا، وكل المعنيين بالامر، ايضا الولاياتالمتحدة حيث نتوقع إشارة قوية إلى المخاطر العالية، وتعبئة استثنائية من الأوروبيين والا سوف يتركوا جزءا من مشروعهم تبتلعه الرمال في الصحراء.