كتب - أمين أبو عقيل وحسناء محمد يوجد في القاهرة ما لا يقل عن مليوني طفل لم يبلغوا السن القانوني للعمل، فضلا عن إنتشار عمالة الأطفال في مصر بشكل كبير وهو مرتبط بصورة مباشرة بالفقر وإرتفاع تكاليف التعليم على الأسر الفقيرة والمتوسطة. وبسبب هذا الفقر يتعرض أطفال تلك الأسر المعدمة لمخاطر كثيرة من خلال العمل في مهن وحرف خطيرة لا تتناسب مع أعمارهم. وجاءت احصائيات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والاحصاء صادمة للمصريين طبقاً للمسح القومى لعمالة الاطفال 2010 والذى جاء فيه أن عدد الاطفال العاملين فى مصر فى الفئة العمرية من (5 إلى 17) وصل عددهم ل 1,6مليون طفل وهي نسبة افضل كثيرا مما كانت عليه خلال عام 2001 حيث كانت تبلغ ال2,6 مليون طفل أغلبهم يعملون في مهن خطيرة. إلتقت ال "الوادي" بمجموعة من أطفال هذه الحرف الخطيرة للوقوف علي مدي معاناتهم في هذه السن الصغيرة وتلك المهن الشاقة الخطيرة وكانت البداية مع أحمد علام ويعمل في "ورشة ميكانيكا" في النعام أمام مدرسة بن خلدون والذي يبلغ من العمر 12 سنة والشهير ب "بسبوسة" قام والده بإجباره على العمل في تلك الورشة، حيث يعمل والده "بوابا" ومرتبه لا يتعدي ال "600" جنية في الشهر ووالدته تخدم في البيوت ولديه 6 أخوات ولا يستطيع الإنفاق عليهم فأمر بنزول أربعة من أخوات أحمد في ورش متعددة لكي يتولى كلا منهم مسئولية نفسه والانفاق علي مصاريف البيت.، كان أحمد وأخواته يحصلون على 5 جنيهات يوميا مقابل عملهم في هذه الورش . أحمد لديه أحلاما كثيرة يحدثنا عنها فهو يحلم أن يعمل في ورشة أخرى بدلا من تلك التي يعمل فيها الآن" لأنه يتعرض لإهانات وضرب بالحديد على رأسه من قبل الأسطي صاحب الورشة وحينما ذهب إلى والده لكي يحميه من صاحب الورشة الذي يوجه له الإهانة والضرب دائما فقام بدوره بإستكمال مسلسل ضربه وإجباره على العودة للعمل في نفس الورشة. هناك أيضا وعلي بعد كيلو مترات من "علام" التقينا توفيق المعلم الذي يبلغ من العمر، 15 عام ووالده متوفي ووالدته لديها عجز بصري ويسكن في عشة صغيرة في المرج الجديدة مقابل 50 جنيها في الشهر ولا يوجد داخلها أي شيء نهائيا. ويحكي توفيق قصته ل"الوادي" بقوله: إنه يعمل في ورشة عفشة سيارات أمام معسكرات الجيش ويضيف أنه بدأ في هذا المهنة منذ الثامنة من عمره ويعمل 6 أيام في الأسبوع من ال 9 صباحا إلى ال 8 مساءا ويُحاسب بالأسبوع ويحصل على 150 جنيها كل سبت كما أنه لم ينكر أنه يتعاطى "الحشيش". وأوضح أنه تعلم هذا من خلال عمله في هذه الورشة وله أحلاما كثيرة كأي طفل حلمه أن يمتلك ورشة خاصة به بمفردة لكي يبعد عن الإهانات وحصوله على مبلغ جيدا ليستطيع الإنفاق على والدته وأخيه الذي يبلغ من العمر 13 سنة. وكان هناك طفل حالته تختلف عن الأخرين يدعى "ممدوح كوبرى" ويبلغ من العمر 18 عاما ولا يملك أي شيء، منزلا أو مكانا يقيم فيه وكان دائما ينام تحت كبري "الخارجة". ويقول ممدوح أنه هرب من منزله عند ال 10 سنوات وسبب هروبه من المنزل زوجة والده وخلال تلك الأونة التقي صاحب ورشة بشارع عين شمس أخذه معه للعمل مقابل 150 جنية في الأسبوع وأحيانا يحصل على مبالغ مالية من أصحاب العربيات وكان يجعله ينام بداخلها . وفي إحدي الأيام قام صاحب الورشة ببيع هذه الورشة وسافر لللخارج وعاد ممدوح لنفس الوضع الذي كان عليه مسبقا سريحا في الشوارع والمواصلات وأضاف أن من حقه أن يشعر بأمان ويحصل على بطاقة شخصية بدلا من إحساسه الدائم بالخوف من أي جهات أمنة يمر بجانبه ويضيف أنه بحاجة إلى معاملة نظيفة ومكان يستطيع النوم فيه بآمان. إلتقت ال"الوادي" بطفلين من هؤلاء الأطفال بالشارع وهم يستعدون للنوم ،أمام ورشة كهرباء للسيارات بشارع متحف المطرية بعين شمس يسمى واحدا منهم ب "قلبظ" والأخر ب "عناكب" يبلغون من عمرهم 8 سنوات يعتبرون أيتام بدأوا حديثهم "إحنا بنشم الكلة يوميا لنستعد للنوم" ليقوموا بنسيان كل ما يتعرضون له من إهانة والغريب في هذا أنهم يضعون الكلة في علب جهينة ليأخذوا مزاجهم قبل النوم ويعمل داخل هذه الورشة التي ينامون أمامها يوميا وكانوا يحصلون على 10 جنيهات في اليوم. وكانت أثار "مية النار" واضحة جدا على أجسامهم وأثار الحروق أيضا هناك طفل يسمى "أطة" عمرة 14 عاما يعمل "سايس جراج" يقوم بحماية السيارات التي تتواجد داخل الجراج من8 مساءا إلى 7 صباحا ومن 7 صباحا إلى 12 مساء على عربية فول عم إسماعيل بالمطرية ويحصل من خلال عمله داخل الجراج على 5 جنيهات على كل عربية يقوم بتنظيفها ومن خلال عمله على عربية فول عم إسماعيل يحصل عى 10 جنيهات في اليوم. وأضاف أنه يقوم ببيع "بانجو" لجميع شباب المطرية وأنه يبيع الباكتة ب 15 جنيهات. ويضيف أنه كان يعيش في الأقاليم ووالده هو الذي أجبره على العمل داخل الجراج في المطرية من أجل الإسترجال وتحمل مسئولية نفسه. وأيضا هناك طفل يبلغ من العمر 10 سنوات إسمه "أحمد" لجأ للعمل في محل كاوتش في شارع أحمد عرابي بشبرا الخيمة بسبب طلاق الأم من الأب وهو أكبر أخواته ويعتبر المصدر الوحيد لدخل الأسرة ويتحمل الكثير من هذه المهنة ولكنه لم يكن في يده حلا أخر. وطفل يدعى "خالد" ويبلغ من العمر 17 سنة ويعمل في مخبز النجاح بشارع ناصر التجاري بشبرا الخيمة يعرض نفسه للأخطار الشديدة وليس بإمكانه ترك هذه المهنة لأنها تساعده بشكل مناسب لحياته الإجتماعية ويضيف أنه لا يملك الخبرة الكافية في أي مهن أخرى. في شارع أحمد عرابي يتواجد هناك حلواني الجهاد يعمل بداخله طفل يلقون عليه إسم "الفأر" لأنه يجلس ولا يشعر به أحد ويبلغ من العمر 15 عاما ويقوم بتوصيل طلبات المحل إلى الخارج ويقوم أيضا بتنظيف المحل لجأ إلى العمل لسوء حال أسرته المادية ولمساعدتهم في الدخل الأسري وتم غصبه أيضا على ترك التعليم لكي يقدر على التواصل بالعمل وبالرغم من وجود كثير من الأطفال ليس لديهم رغبة في ترك التعليم لكي يعملون يوجد هناك أيضا كثيرا من الأطفال يرغبون في تعليم "صنعة أو حرفة" معينة لكي يتمكنوا من تأمين مستقبلهم بهذه الصنعة وهذا لأنهم لا يملكون الرغبة في التعليم. مشكلة عمالة الأطفال في مصر لا ينبغي أن تبقى هكذا دون حل وينبغي للمجتمع المدني والقطاع الخاص وللحكومة العمل معا "لمكافحة عمل الأطفال في المهن التي لا تتناسب مع أعمارهم" وينبغي للحكومة أن تسحب الأطفال الذين لم يبلغوا السن القانوني للعمل في الوظائف الأكثر خطورة ووضع خطة واقعية لتحسين حياتهم وحماية حقوقهم الصحية مثل عدم تعرضة للمواد الكيميائية الخطرة والفوضاء والحق في العمل لساعات معقولة وينبغي أيضا للحكومة تشمل القروض الصغيرة الأموال للأسر الفقيرة جدا ولمساعدتهم وعدم تعرض أبنائهم للمهن الأكثر خطورة. وعلي جانب أخر استطلعت اراء علماء النفس والاجتماع فى ظاهرة عمالة الاطفال والنتائج الاجتماعية والنفسية المترتبة عليها، بداية أكدت الدكتوره هبة العيسوى استاذ الطب النفسى بجامعة عين شمس ان العمل للاطفال فى الصغر يعد جرما فى حقه ولابد حيث يوثر ذلك على صحته النفسية ولابد من توفيرالبيئة النفسيه المناسبه والعمل المبكر جريمه فى حق الطفوله وكل الابحاث النفسيه تقول ان الطفل لابد ان يكون فى بيئه نفسيه تضمن له النمو الاخلاقى والنمو الجسمانى والنمو الانفعالى السليم وتعرض الطفل الى سوق العمل مبكرا يعرضه الى نوع من الاهانه وسوء الاستغلال من اصحاب العمل وهذا السلوك يفرز طفل عنيف بالفطره وكثير الاستعداد للدخول فى العمليات الاجراميه لا نه تعرض الى سوء الاستعمال والعنف وبالنسبه الى الناحيه الجسمانيه وان (الطفل بليه ) المعروف فى مصر وكل ورشه بها هذا الطفل ويتعرض الى مجهود اكبر من طاقته الجثمانيه ولا تتحمله بنيته الضعيفه فهذا يصنع اضطراب فى فقرات الظهر والاعصاب الطرفيه وتعامل الاصحاب الاعمال بطريقة الاستعباد او الامتلاك اما عن الجانب الاخلاقى فيوضع الطفل فى بيئه غير مناسبه وغير امنه يصبح الطفل مستعدا للعمل الأجرامى فى اى وقت . واضاف الدكتور محمد خليل استاذ علم النفس ان الطبيعى فى فترات الطفوله ان الطفل لا يعمل ولكن هذة الفتره يجب ان تكون فترة تعلم ولعب وفى بعض الاحيان يكون العمل مضر عندما يعمل فى بعض الاعمال الشاقه مثل العمل فى الورش واعمال اخرى قاسيه عليه بدنيا واستعباد وسوء معاملة اصحاب العمل اما ان يعمل الطفل فى المزرعه مع والده فى جنى القطن وهذة الاعمال الخفيفه. من ناحية أخرى أكد احمد مصيلحى المستشار القانونى للائتلاف المصرى لحقوق الطفل ان الرقم الصادر عن التعبئة والاحصاء بعيد عن الحقيقة وانه يصلح لتقدير عدد الاطفال العاملين فى المهن الأكثر خطورة فقط مشيرا الى ان عدد العاملين فى قطاع الزراعة يقدر بحوالى 3 مليون طفل ، مؤكدا على أن معظم القرى المصرية تلجأ للاطفال فى جنى المحاصيل . وأشار مصيلحى اننا نحتاج لتفعيل دور لجان الحماية التى نص عليها قانون الطفل الأخير وتفعيل المجلس القومى للامومة والطفولة وتطبيق الاتفاقيات الدولية التى صدقت عليها مصر فيما يخص حماية الأطفال . واكد خالد فواد حافظ رئيس حزب الشعب والمحامى بالنقض والمهتم بقضايا الطفل .ان العمل للاطفال يعد جريمة وفقا لقانون الطفل (12 لسنة 1996) والذى بدأ العمل به منذ يوم 29 مارس 1996 وان قانون الطفل من القوانين الخاصه التى وضعها المشرع من اجل حماية الاطفال بطش الاباء واصحاب العمل الذين يستغلو الاطفال استغلالا خاطئ ولتحقيق المكاسب والزج بهم فى الاعمال الخطيره مثل المناجم والمحاجر وكذلك الصناعات التى تتنتج عنها الغازات السامه . واضاف حافظ ان قانون الطفل قام باستخداث نيابه جديده سمية بنيابة الطفل وهذة النيابه موجودة بكل دائره وكذلك استحدث النظام السابق قبل سقوطه رقم هاتف 16000 وهذة الخط يسمى خط ساخن للطفل و يقصد بالطفل كل من لم يبلغ 18 سنه وهذاالخط كان ممولا من قبل منظمات دوليه والغريب ان نيابات الطفل غير معلوم مدى ما انجزته لحماية الطفل وهذا القانون استحدث فى مادته 117 الضبطيه القضائيه لبعض الموظفين فيما يحض الجرائم التى تقع من الاطفال او حالات التعرض من حالات الانحراف التى يوجدون فيها.