شهد ميدان عابدين أمس المؤتمر التأسيسي لتدشين التيار الشعبي المصري، الذي أسسه نخبة من الرموز الوطنية، لإحداث حالة من التوازن في العملية السياسية في مصر، وتقديم بديل سياسي شعبي مدني، يضع في مقدمة أولوياته استكمال مهام الثورة "حرية ، عدالة اجتماعية، كرامة انسانية"، ويخوض تحديا كبيرا يتمثل في الوصول بالثورة إلى السلطة، من خلال صناديق الاقتراع وخوض كافة الانتخابات المقبلة (المحليات، البرلمان، الرئاسة)، برموز وطنية ومرشحين وقوائم موحدة، حتى تتمكن الثورة من تحقيق أهدافها التي استشهد من أجلها زهرة شباب مصر، فاتحا باب العضوية فيه لكل التيارات والقوي السياسية والمصريين جميعا، من الحزبيين وغير الحزبيين، لتشكيل تيار شعبي، يخوض الانتخابات ويقدم في كل قرية بالريف وكل حي بالمدينة، مشروعات خدمية صغيرة ومتوسطة وتعاونية يساعد بها المصريين أنفسهم على تطوير مجتمعهم وحل مشاكلهم المحلية. وجاء اختيار ميدان عابدين، من جانب المنظمين ، استلهاما للحظة تاريخية مجيدة لا ينساها الشعب المصرى عندما وقف الزعيم أحمد عرابى قائد الثورة العرابية فى 9 سبتمبر 1881 فى مواجهه الخديو توفيق وأطلق مقولته الخالدة: «لقد خلقنا الله أحرارًا، ولم يخلقنا تراثًا أو عقارًا؛ فوالله الذى لا إله إلا هو، لا نُورَّث، ولا نُستعبَد بعد اليوم». وقد افترش المئات من مؤيدي التيار الشعبي المصري الذي يترأسه حمدين صباحي المرشح السابق لرئاسة الجمهورية حديقة عابدين المحيطة بالسرادق المقام في ميدان عابدين للاحتفال بإنطلاق التيار الشعبي ، ولجأ الحضور على الجلوس على الحديقة بعد أن امتلاء السرادق بالحشود الغفيرة الذي أتوا من جميع محافظات مصر للمشاركة في احتفالية تأسيس التيار، حيث توافدت إلى الميدان الحافلات المحملة بأنصار التيار الشعبي من مختلف المحافظات كما تجولت عدد من المسيرات في شوارع وسط القاهرة وميدان التحرير وشارع محمد محمود للدعوة إلى حضور المؤتمر، مرددين هتافات "يا حمدين قولها قوية لا لحكومة إخوانية"، "ولا حكومة ولا إخوان .. التيار الشعبي صمام الأمان" "عبد الناصر قلها زمان الإخوان مالهمش أمان" "مش بالسكر ولا بالزيت حمدين صباحي في كل بيت"، والهتاف التاريخي لثورة يناير المصرية "عيش - حرية - عدالة اجتماعية "، كما هتفوا "ياحرية فينك فينك لسه السجن بينا وبينك"، و"شمال يمين بنحبك ياحمدين"، و"هي رسالة من عابدين .. مصر لكل المصريين". وحضر المؤتمر الذي بدأ فعالياته مساء أمس الجمعة، في الساحة المقابلة لقصر عابدين، أكثر من 30 ألف مواطن، ونخبة كبيرة من رموز العمل الوطني والمثقفين والفنانيين وشباب الثورة، منهم المهندس عبد الحكيم جمال عبد الناصر والفلاح الفصيح عبد المجيد الخولي رئيس اتحاد الفلاحين المستقل، والاعلامي حمدي قنديل، والدكتورة كريمة الحفناوي القيادية في حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، وكمال أبوعيطة رئيس اتحاد العمال المستقل، والقيادي اليساري كمال خليل، وجورج إسحاق عضو المجلس القومي لحقوق الانسان، والنواب السابقين جمال زهران باسم كامل و أمين اسكندر ومحمد شبانة، ومصطفى الجندي، والقيادي اليساري عبدالغفار شكر، وعزازي على عزازي محافظ الشرقية السابق، والكاتب الصحفي جمال فهمي، والكاتبة نجلاء بدير، و المستشارة نهى الزينى والكاتب عبدالله السناوى، والفنانة اسعاد يونس و المخرج محمد فاضل و الفنانة فردوس عبد الحميد و الفنانة عزة بلبع و الفنان أحمد عبد العزيز والفنانة سميرة احمد و الفنانة شريهان و من الشعراء سيد حجاب وزين العابدين فؤاد والاعلامي يوسف الحسني والدكتور عمرو حمزاوي، الناشط أحمد حرارة، ووالدة الشهيد خالد سعيد، ومن مشايخ سيناء ، سالم سليمان من شيوخ شمال سيناء ، والشيخ دخيل الله سويلم شيخ قبيلة الحويطاط بجنوب سيناء. وبدأت الفعاليات بصعود حمدين صباحى إلى المنصة، بعد صلاة العشاء، ثم تلاوة آيات من القرآن الكريم، وعُزف السلام الوطنى، وسط هتاف "ثوار أحرار هنكمل المشوار"، ثم بدأ الاعلامي حسين عبدالغني في تقديم المتحدثين ليلقوا كلماتهم على الجمهور، وتخلل المؤتمر فقرات شعرية وغنائية، قدمتها فرقة بساطة الفنية، وفرقة الفنان النوبي سيد الركابي. أول كلمات المتحدثين ألقاها الإعلامي حمدي قنديل، وحيا فيها الحضور واعتبرهم يمثلون روح ثورة 25 نياير، وأكد أن التيار الشعبي هو تيار وطني جامع وأن الإخلاص الحقيقي للثورة يتمثل في انتشار وتوسع للتيار بالأقاليم للمعركة السياسية القادمة بعد عدة أشهر. وأضاف أن «مصر مدعوة للانضمام إلى التيار الشعبي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة». وتابع «لا يستطيع أحد أن يغير صورة مصر التي قاومت الغزاة والمستبدين». وبدأ حمدين صباحي مؤسس التيار الشعبي مشاركته في المؤتمر بتقبيل رأس والدة الشهيد خالد سعيد. وقال "أعلن باسمنا نحن المصريين المؤمنين بربنا ورسله ولا نفرق بين أحد من رسله، نحن أحفاد ثورة 1919 وأبناء ثورة يوليو وجنود ثورة 25 يناير، تأسيس "التيار الشعبي المصري". وأشار صباحي إلى أن باب التيار مفتوح لكل المصربين، فهو قوة العدل حينما تنتشر الكراهية، مضيفاً "نحن جنود الثورة حتى تنتصر وتستكمل أهدافها"، كما أكد أنه ليس ممثلاً للتيار الشعبي وليس رئيساً له، موضحاً أنه تيار شعبي جماهيري وليس حزباً وعضويته متاحة لكل أعضاء الأحزاب المحترمة التي ترغب في الانضمام، مشددا على أن مصر أكبر من أن يتحكم فيها حزب أو جماعة أو فصيل سياسي واحد. وقال «نحن مستمرون في أخذ حق الشهداء والقصاص لهم، لأننا لم ولن ننسى دماء شهدائنا»، وأكمل : "نحن عدنا من أجل أن نصارع اليأس ونحتفظ بالأمل، فنحن جنود الثورة و سنظل جنود الثورة حتى تنتصر ونستكمل أهدافها، وأضاف أنه ليس رئيس لهذا التيار، وإنما جندي مثل جميع أعضاءه، وأن التيار الشعبى هو تيار الشعب وليس تيار جماعة أو حزب، مؤكداً أن التيار عضويته لكل أعضاء الأحزاب المدافعة عن خط الثورة، كما أنه بلا أيديولوجية معينة، وسيسعي لبناء قوة وطنية تسعى لإستكمال أهداف الثورة. وتابع: التيار سيكون باب الطمأنينة لكل الخائفين، والعدل لكل المظلومين، وأعضاؤه هم دعاة المحبة، وأن الجميع تحت لواء التيار ستجمعهم الوطنية المصرية، دون تعصب لأي فكر. وأشاد مؤسس التيار الشعبي، بالحضورة الجماهيري الكبير قائلاً إن الجمهور هو الكلمة الحقيقية في هذه الليلة، ووجه التحية لحزب الدستور وزعيمه د. محمد البرادعي، وكذلك الحزب المصري الديمقراطي ورئيسه د. محمد أبو الغار. وشدد صباحي علي ضرورة النضال من أجل دستور حتى لا ينفرد به أحد سواء كانت جماعة أو حزب، معترفاً أنه أخطأ في الفترة السابقة، قائلاً: احنا آسفين، ونحن أخطأنا وسنتوحد، ونتعلم من خطأنا، وسنناضل من أجل حق المصريين في العدالة الاجتماعية، ومن أجل حرية تسود مصر". وتابع صباحي : سنحافظ على التحاور والتشاور فى الانتخابات البرلمانية القادمة، لاننا جميعاً اخطأنا لعدم تحلفنا من قبل، وسنناضل لكى تكون مصر بالمكانة التى تليق بها، ومن هنا نعاهدكم أن نناضل من أجل دستور لكل المصريين، وأن مصر أكبر من يتحكم بها فيصل أو جماعة أو حزب، وطالب صباحى برد حكومى قاطع على الاساءة للرسول وطالب أيضاً بقانون دولى يجرم الاساءة لاديان . وبعد انتهاء كلمته حمل الحضور حمدين صباحى على الأعناق وسط هتافات "الرئيس أهه.. الرئيس أهه". وقال المهندس عبد الحكيم عبد الناصر نجل الزعيم الراحل جمال عبد الناصر في كلمته إن التيار يجسد إرادة الشعب المصري بأسره حتي لانكون كنزا استراتيجيا للإمريكان والصهاينة، وأضاف عبدالناصر: "لن نتلقى أوامر من واشنطن، ولن نكن كنزًا للعدو الصهيونى، فلا توجد ديمقراطية بلا عدالة اجتماعية، وجاء اليوم لأشارك فى إعلان تحالف قوى الشعب من فلاحين وعمال ومسلمين وأقباط، وأى حد هيحاول يكون ضد شعار إيد واحدة، ستسحقه جموع الشعب، ويجب أن ينتصر دم الشهداء فى النهاية". وتابع عبد الحكيم «إننا نجتمع اليوم لنعلن أن الثورة مستمرة، ولنعلن أن التيار الشعبي يمثل الشعب المصري في عيش وحرية وعدالة اجتماعية». وأضاف «إخواني إننا نبدأ اليوم تاريخا جديدا»، مؤكدا أن مصر دائما في المقدمة، وقائدة العالم العربي ومنارة العالم الإسلامي ورائدة الأمة. وأشار إلى «أننا شعب بسيط، لكن أحلامه كبيرة، ونعلن تحالف جميع قوى الشعب من فلاحين وعمال وفلاحين، ونتضافر من كل منطقة في مصر»، مضيفا «نحن نسيج واحد مهما حاولوا تفريقنا، والتيار الشعبي هو أملنا النهاردة لنفرض مطالب هذا الشعب واللى نجيب بيه دم شهدائنا اللى مستحيل نسيبه يروح هدر".وأكد عبد الناصر قائلا: "لن نركع للعدو الصهيونى، ومصر ستكون دائما منارة للعالم كله". وأعاد كمال أبوعيطة رئيس الاتحاد المصري للنقابات المستقلة في كلمته ما قاله أحمد عرابي بميدان عابدين "لانورث ولا نستعبد من قبل سلطة لاتنفذ إلا برنامج الجماعة كما كان يفعل الخديوي مع نظام الخلافة الاسلامية بتركيا"، واعتبر أبوعيطة، قسم الزعيم الراحل أحمد عرابي، قسمًا للتيار المصري الشعبي. وأضاف أبو عيطة : "لن يتمكن منا أحد ولن يغير طبيعتنا أحد، ونحن نحمل مطالب العمال والفلاحين، وقضيتنا مازلت كما هي"، مشيراً إلى أن النظام السياسي لم يتغير بعد، مطالباً بمواجهة الاستبداد السياسي والاجتماعي الذي مازال يصف حقوق العمال بالفئوية. وهتف أبو عيطة، من فوق منصة تدشين التيار الشعبي بميدان عابدين، قائلاً: "يا نجيب حقهم يا نموت زيهم"، فى إشارة لشهداء ثورة 25 يناير، الأمر الذي قابلته الجماهير بالميدان هاتفة: "عضمنا جامد مش هيلين.. حق الشهداء مش هيضيع"، "هى رسالة ومن عابدين.. لسه الثورة فى الميادين"، "يسقط يسقط حكم المرشد". وفي كلمته بارك القس يوحنا إسحق راعي كنيسة العذراء بالشرقية التيار الشعبي وأعلن تضامن عنصري الأمة مع أهداف ومبادئ التيار، وبدأ كلمته بقولة تعالى "وأعتصموا بحبل الله جميعا" وقال: "الإخوة الأحباء جميعا عندما أقف فى هذا المكان وأتحدث للأطياف جميعا أشعر أنها مسئولية كبيرة لأننا نتمنى غدا أفضل ومن كل قلوبكم سيتم تسجيل أسمائكم فى التاريخ بأحرف من نور، فمصر كما قال فيها البابا شنودة "مصر ليست وطنا نعيش فيه بل وطن يعيش فينا". وأضاف: "يا رب صل أواصر المحبة بيننا جميعا ولا تكون محبة فقط بل محبة من أجل مصر وأمنها وسلامتها، وأقول لكل الموجودين فى هذا الميدان أنتم أهل الهمم تحية لكم من صميم قلبى". وتابع: الإخوة الأحباء أليس من الأجدى أن نتحد جميعا مع بعض لخدمة بلادنا يا رب يا من قلت مبارك شعب مصر وما أراه الآن ما هو إلا صورة مفرحة لمصر كلها لأننا نحب مصر وكلنا واحد فى حب مصر وكلنا فداء لمصر أبارك لهذا الإعلان التأسيسى، وأرجوكم أن تقولوا مبارك شعب مصر والمجد لله فى الأعالى وفى الناس المصرة". وقال مصطفى الجندى، النائب السابق: "أنا جاى زى كل واحد فيكو عديت على أمى قبل ما تنام، وقلت لها يا ما أقول إيه، قالت يا رب جمع ما تفرق وقالت ما تقسوش على الإخوان". وأضاف النائب السابق: "وأنا قلت لها يا ما إحنا مبنقساش والشيلة دى ماينفعشى يشيلها فصيل واحنا بنقول لهم إحنا الشعب بنعرض نفسنا معاك يا حاكم علشان نشيل معاك، لا بد أن يكون فيه دستور يريح الشهيد فى بيته". وتابع الجندى: "جمعيتكم التأسيسية الإخوانية باطلة، لأن مفيهاش ابن البلد ودستورهم باطل، وأقول للدكتور مرسى إن الدستور الذى يصنع فى الخفاء بدون إرادة الشعب المصرى هو دستور باطل". و قال الناشط السياسى باسم كامل، إن التيار الشعبى شبهى وشبهك، وكل فرد مؤمن بالعدالة الاجتماعية هو فرد فى التيار الشعبى حتى وإن لم يملأ الاستمارة، ونتمنى أن نرى شيئاً عملياً، لأنه سيجعلنا إيد واحدة ونحن نستحق أن تكون الثورة مستمرة. وطالب كامل، خلال مشاركته فى المؤتمر التيار الشعبى أمام قصر عابدين، بالوقوف دقيقة، حداداً على أرواح الشهداء الذين خرجوا من أجل تنفيذ أهداف الثورة. وأكد كامل، أنه "لازم نجيب حق الشهداء، عن طريق تحقيق أهداف الشهداء حتى تهدأ أمهات الشهداء"، لذا يجب أن تكون أفعالنا ثورية. وقال الناشط السياسى أحمد حرارة خلال كلمته، إنه يدعم كل الإضرابات والاعتصامات التى تحدث فى كل مكان، مطالبا بتعريف المواطنين بما يحدث فى الدستور، وأضاف: "الثوار كلهم لا بد أن يتحدوا وينزلوا إلى الشوارع لدعم مطالب الجماهير فى كل ربوع الوطن" وردد المتواجدين "بنحبك يا حرارة ..بنحبك يا حرارة"واستمر المتواجدين بترديد هتافات ضد جماعة الإخوان وحكم المرشد وهتافات تدعم دور التيار الشعبى لكل طؤائف الشعب منها"التيار الشعبى طالع ..طالع من غيطان ومصانع "،التيار الشعبى طالع طالع ..من كنايس ومن جوامع "وأختتم اليوم بحفل غنائى لفرقة بساطة . وقال كمال خليل وكيل مؤسسي حزب العمال والفلاحين إن من يرفعون الدعم عن السلع الأساسية ويتجهون للاقتراض الخارجي بدلا عن ملاحقة أموال مصر المهربة, لا يحق لهم صياغة دستور المصريين. أثناء إلقاء كلمة خلال مؤتمر التيار الشعبي لم يتمالك الشاب أحمد عبد الخالق أحد مصابي الثورة نفسه، وبكي علي حاله وزملائه من مصابي الثورة قائلاً: حسبي الله ونعم الوكيل فيك يا محمد يا مرسي. ودعا مصاب الثورة الي زيارة مصابي الثورة بمستشفي قصر العيني الفرنسي ليروا مدي الإهمال الذين يعانوه من المسئولين بالدولة. وتدخل الإعلامي حسين عبد الغني ليهدئ من روع الشاب الذي انهمر في البكاء.