تستعد وزارة الداخلية الألمانية لإطلاق حملة إعلانية موسعة تستهدف ما اسمتهم بالمهاجرين المسلمين المتطرفين، وسوف تنطلق الحملة في21 سبتمبر الجاري وتعتبر جزء من خطة كبيرة لأجهزة الأمن في ألمانيا؛ لاحتواء خطر التطرف الإسلامي الذي بات يهدد النظام الديمقراطي الليبرالي في ألمانيا، على حد زعم وزير الداخلية الألماني "هانس بيتر فريدريتش". وسوف تتضمن الحملة الجديدة توزيع عدد كبير من 4 لوحات إعلانية "بوسترات" مكتوبة بثلاث لغات هي الألمانية والعربية والتركية، في مناطق وتجمعات المهاجرين المسلمين في المدن الرئيسية، وتحديدًا برلين وهامبورج وبون. إحدى اللوحات، التي تضم صورًا لأربع شباب مسلمين مختلفين، تبدأ بكلمة "مفقود" بحروف كبيرة جدا، وتحتها صورة لشاب بلحية سوداء، وتحت الصورة الكلمات التالية: هذا ابننا أحمد الذي نفتقده كثيرًا، ولم نعد قادرين على التعرف عليه، فقد بدأ ينسحب ويتقوقع على نفسه ويزداد تشددًا وتطرفًا يوما بعد يوم، ونخشى أن يقع في أيدي الجماعات الإرهابية والمتطرفة ويضيع منا للأبد". اللوحة الثانية تحمل نفس المضمون لكنها تبدأ ب"أخي حسن"، وثالثة تبدأ ب"صديقتي فاطمة"، والأخيرة تقول "ابننا تيم". اللوحات الأربع تحمل رقما ساخنًا للاتصال بمركز "استشارات مكافحة التطرف" الذي تم إنشاؤه في الأول من يناير 2012 كجزء من مبادرة تسمى "الشراكة الأمنية: نعمل سويا مع المسلمين من أجل الأمن" وهي ما يأمل وزير الداخلية أن يساهم بشكل إيجابي في حربه ضد التطرف الذي تعهد- فيما عرف بقمة "الوقاية" في 24 يونيو 2011 بالقضاء عليه وملاحقة المتشددين الإسلاميين في بلاده. الإعلان عن الحملة الإعلانية، التي تبلغ تكلفتها 375 ألف دولار، أثار غضب وحفيظة المسلمين في ألمانيا واعتبرها كثير منهم عاملا إضافيا لإذكاء روح العنصرية والتعصب ضد المهاجرين والأقلية المسلمة، وانتقدت وايدن اوزحوز، وهي سياسية وناشطة ألمانية من أصل تركي، الحملة لأنها لم تحدد معنى متطرف أو راديكالي وهو ما يعني أن "أجهزة الأمن ستستهدف أي مواطن من لحظة اعتناقه الإسلام"، على حد قولها. الحملة المثيرة للجدل، حسب تقرير لمعهد جيت ستون الأمريكي المهتم بالإسلام السياسي، تأتي في سياق عدة إجراءات تعكس القلق المتزايد للسلطات الألمانية ممن تصفهم ب "السلفيين"، في إشارة للمسلمين المتشددين الذين يعلنون عن رغبتهم في تطبيق الشريعة في ألمانيا وأوروبا. ففى أول يوليو الماضي، أصدرت ولاية "نيدر ساكسون" دليلا من 54 صفحة تحت عنوان "الراديكالية الإسلامية والإرهاب"، وهو يرسم صورة مقلقة جدًا لخطر السلفيين على هوية ومستقبل ألمانيا. وتقدر أجهزة الأمن، طبقا لتقرير" جيت ستون" - أن في ألمانيا الآن 1140 مسلم يمثلون "مشاريع إرهابية " أو "إرهابين تحت الطلب"، وهناك 100 ألف ألماني تحولوا للإسلام في السنوات الأخيرة"، وحسب أجهزة الاستخبارات الألمانية فإن "هؤلاء جميعا عرضة بشكل خاص للتطرف" ويمثلون ما بين 5 و10% من السلفيين الألمان. وقد وصف وزير الداخلية "هانس بيتر فريدريتش" الذي وصف الإسلام المتطرف بمخدر قوي كل من يتعاطاه يصبح عنيفا"، تعهد في حوار صحفي في 8 يونيو الماضي بملاحقة المتطرفين في كل مكان. وأضاف:"السلفيون يحاربون هويتنا الديمقراطية والليبرالية .. لكننا لن نسمح بذلك وسندافع عن حريتنا وأمننا بكل ما أوتينا من قوة". المعروف أن هناك 4 ملايين مسلم في ألمانيا يمثلون 5% من سكانها لتكون بذلك ثاني أكبر دولة أوروبية من حيث عدد المسلمين بعد فرنسا، ويمثل الأتراك النسبة الأكبر بين هؤلاء المسلمين. على الجانب الآخر، تتهم تركيا السلطات الألمانية بتضخيم خطر المسلمين في مدنها، وحسب المحلل السياسي التركى، بصحيفة توديز زمان- عبدالله بوزكارت فإن المخابرات التركية لديها أدلة تؤكد أن الحملة الأخيرة ضد السلفيين تستهدف الأتراك الألمان، الذي يقدر عددهم بنحو ثلاثة ملايين نسمة. وفي مايو الماضي أصدر البرلمان التركي تقريرا يتهم الإعلام الألماني وبعض السياسات الحكومية بإذكاء العنصرية والإسلام فوبيا اللتين وصلتا لمستويات مقلقة فى ألمانيا. وحسب التقرير فإن عام 2011 وحده شهد 10054 جريمة عنصرية معظمها ضد مسلمين أتراك. وتهدد تركيا ألمانيا بتصعيد الأمر للأمم المتحدة و إصدار قرار إدانة لعنصريتها من منظمة التعاون الإسلامي.