لا يختلف منا اثنان على أن مفهوم الدولة يعني أن جميع الأفراد والهيئات خاضعة لسلطاتها وقوانينها وإن لم يكن هذا حادثاً فإن هذه الدولة تكون غير مكتملة السيادة . وقد تعالت في الآونة الأخيرة هتافات كثيرة من كتاب محسوبين على التيارين الليبرالي واليساري وحذا حذوهم فلول النظام السابق والذين يسيطرون على بعض الأبواق الإعلامية, تعالت هتافاتهم بتقنين أوضاع جماعة الإخوان المسلمين بحيث يتم مراقبة مصادر دخل الجماعة ومصادر الصرف. وبالرغم من اختلاف توجهاتي السياسية مع تلك التيارات فإني أوافقهم قلباً وقالباً في هذا المطلب فليس من المعقول أن تكون مؤسسة مثل جماعة الإخوان المسلمين بأعضائها التنظيميين الذين يقتربون من المليون عضو بدون رقابة مالية , هذا الوضع يخلق لنا كيانات تمثل دولة داخل الدولة. ولكن من المؤكد أيضاً أن هذه التيارات وتلك الأقلام التي تنتحب ليلاً ونهاراً لهذا المطلب لن تتجرأ أن تطلب التقنين المالي للكنائس والأديرة المصرية والتي لا تخضع لأي نوع من أنواع الرقابة المالية , ليس خوفاً من الأخوة الأقباط ولكن لأن هذه التيارات لا ترى نقيصة وخطر على هذه الدولة إلا في كل ما هو إسلامي ولهذا فلن ترى أي من هؤلاء يرد على الأنبا باخميوس في تصريحاته لجريدة الشروق اليومية بتاريخ 27أغسطس والتي قال فيها «لن نقبل إشراف أية هيئة أو جهاز من أجهزة الدولة على أموال أو تبرعات أو مشروعات الكنيسة القبطية الأرثوذكسية» هذه التصريحات التي تعتبر خروج على الشرعية وتمثل انتقاصاً لسلطة الدولة ويجب أن يحاكم قائلها مهما كان منصبه. ولكن لنكن صرحاء فإنً أي من الوسائل الإعلامية المحسوبة على تلك التيارات لن تحاول مناقشة أو إظهار تلك التصريحات وسيختفي كل فرسان الكلمة المغاوير ولن يعلقوا ولو بحرف واحد على تلك الجريمة في حق الأقباط قبل أن تكون في حق الدولة . وحين يصرح الأنبا باخميوس قائلا عن اقتراح التقنين المالي للأديرة والكنائس في الدستور «أمر مرفوض تمامًا، وإذا حدث وتمت الموافقة عليه، فليس لهذا الاقتراح معنى سوى أن هناك اضطهادًا واضحًا للأقباط»، مضيفًا: «مراقبة أموال الكنيسة أمر مرفوض، ولن تقبل به الكنيسة تحت أي ظرف». هل هذه التصريحات ستمر مرور الكرام من أمام هذه التيارات التي تصدعنا ليل نهار بتقنين جماعة الإخوان المسلمين وهل عملية المراقبة المالية للكنائس والأديرة تعتبر اضطهاداً للأقباط وبناءً عليه فالمسلمون مضطهدون فعليا فكل جنيه يوضع في صندوق الصدقات في أي مسجد على مستوى الجمهورية يدخل في موارد وزارة الأوقاف والتي تصب في موارد الدولة . ومع كامل يقيني بأن من ينادي بتقنين جماعة الإخوان المسلمين سيجد مائة حجة عبقرية ليبن لنا أن هناك فرق بين الكنائس والأديرة وبين جماعة الإخوان المسلمين وهنا أرد عليه قائلاً أنا لا أقول لك عاملهم بالمثل ولكني أقول عامل الكنائس والاديرة بما تعامل به المساجد وإلا فلا.