كتب - ربيع السعدني وايمان عبدالقادر قديماً قالوا "كن ذئباً وإلا ضاجعتك الكلاب" وبعد قرارات الرئيس محمد مرسي الصادرة منذ ساعات بإقالة كلا من مدير المخابرات وقائد الشرطة العسكرية والحرس الجمهوري وآخرون، فضلا عن إقالة محافظ شمال سيناء، ومدير أمن القاهرة، ومدير أمن شمال سيناء.. أُثيرت العديد من التساؤلات لدي القوي السياسية والحزبية والعسكرية والثورية التي تباينت آرائهم بين من وصفها بالخطوة الايجابية علي طريق الثورة. وبين من يراها تصفية لحسابات قديمة ونظام "مبارك" وأخرون يؤكدون أن أحداث رفح الاخيرة كانت السبب الأكبر في حزمة الإقالات الرئاسية لهؤلاء القادة العسكريين. وكان خالد علي، المتحدث باسم رئاسة الجمهورية، قد اعلن في مؤتمر صحفي، صباح أمس الأربعاء، أن رئيس الجمهورية كلف اللواء محمد رأفت عبد الوهاب شحاتة بتسيير جهاز المخابرات العامة مؤقتا، فضلاً عن إصدراه تعليمات بتعيين قائداً جديد للشرطة العسكرية بديلاً عن اللواء حمدي بدين وإحالة اللواء مراد موافي، مدير المخابرات العامة للتقاعد، وإقالة محافظ شمال سيناء اللواء عبد الوهاب مبروك وتعيين محمد أحمد زكي قائدا جديدا للحرس الجمهوري. إن القرارات التي اتخذها الرئيس محمد مرسي تبدوا في ظاهرها قرارات جريئة ولا ينبغي تهميشها، ويستلزمها الوضع الحالي ، ولكن ثمة تساؤلات أخري تتوقف على إجابتها فاعلية هذه القرارات من عدمها. "الوادي" طرحت مجموعة من التساؤلات علي الخبراء الاستراتيجيين والقوي السياسية والحركات الثورية حول ما إذا كان سيتم إحالة المقالين إلى التحقيق الجنائي، أم أن الإقالة وحدها كافية؟ وهل المسئولية هنا سياسية أو إدارية فقط أم جنائية؟ وهل اتخذ "مرسي" تلك القرارات بشكل منفرد دون موافقة المجلس العسكري عليها، خاصة أن تلك القرارات خرجت بعد اجتماع الرئيس ومجلس الدفاع الوطني ذي الأغلبية العسكرية، والذي تُتخذ قراراته بأغلبية الأعضاء؟ وما الذي يضمن أن هذه القرارات تم اتخاذها لتهدئة الرأي العام الذي ثار سخطه خلال الفترة الماضية بسبب تشكيل الحكومة الجديدة والأزمات التي تتعرض لها البلاد؟ تساؤلات عديدة عرضتها "الوادي" علي الدكتور نبيل عبدالفتاح، مدير مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، التي وصفها بالخطوة الأولية علي طريق الثورة ويستلزمها الوضع الحالي، ولكن هل المشكلة فعلا تكمن فيمن تتم إقالته، أم فيمن سيُعين مكانه، والذي بالقطع لن يخرج عن رضا المجلس العسكري حسبما تشير كل قرارات "مرسي" تقريبا من بداية توليه الحكم، خاصة إذا علمنا أن قائد الحرس الجمهوري الجديد هو قائد المظلات في أحداث مجلس الوزراء الشهيرة، والقائم بأعمال مدير المخابرات الجديد، كان وكيلا وأمينا عاما للجهاز ووافق المشير "طنطاوي" عليها في 2011. وأكد جمال أسعد، المفكر القبطي أننا إزاء حادثة محورية وضعت أوزارها في سيناء التي صارت اشبه ب"الأرض البراح" المستباحة أمام الموساد الإسرائيلي وكافة التنظيمات الجهادية المتطرفة وهو ما يسفر عن سقوط عشرات الشهداء من جنودنا علي الحدود، وتترك جرحا غائرا في نفوس المصريين ومن ثم كان من الطبيعي ان يتخذ الرئيس مرسي تلك القرارات المطلوبة جدا في ذلك التوقيت الخطير ولكنه يخشي أن يكون صدور تلك القرارات في إطار سياسة رد الفعل التي كان يعيش ويسير عليها النظام القديم، موضحا أنه يتمني أن تكون قرارات مدروسة وصادرة عن دراية ورؤية وخطة حقيقية وواقعية لمعرفة واختيار البدائل ذات الكفاءة العالية. ونفي "أسعد" امتلاك الاخوان المسلمين والرئيس محمد مرسي لتلك الرؤية الشاملة لمواجهة الأزمات، فضلا عن منع وقوعها من آن لأخر ولعل طريقة إدارتهم للمرحلة تؤكد فشلهم في النهوض بالبلاد علي حد قوله. وفي السياق ذاته أوضح الدكتور سعد الدين ابراهيم، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية أن أحداث رفح الأخيرة دفعت الرئيس في ظل تاييد شعبي وثوري لا بأس به للثورة علي بعض القيادات العسكرية التي كانت سببا في سقوط أرواح مصرية علي الحدود، رغم أنها ضربة قاضية للمؤسسة العسكرية لإبعاد العناصر المباركية وفي الوقت ذاته احلال العناصر الإخوانية بدلا منها ليضعون بصمتهم علي كل مرفق من مرافق ومؤسسات الدولة. وهي سابقة ليست جديدة، إنما وقعت في عهد الرئيس الراحل أنور السادات الذي حاكم رموز من نظام عبدالناصر في أحداث مراكز القوي الشهيرة وكذلك فعلها المخلوع "مبارك" مع بعض القيادات الدينية وبالتالي فإن الأنظمة السياسية دائما ما تحاكم رموز أنظمة اخري سابقة لتكرس وجودها في السلطة. وقال عبدالعزيز الحسيني، القيادي بحزب الكرامة الناصري إنه فى الانظمة الديمقراطية يجب ان تكون الاسباب معلنة ولكن ما حدث هي فرصة أخيرة لإحكام السيطرة علي مقاليد الحكم وخطوة اولية من رئيس الجمهورية في تسلمه لجزء من سلطته التي لن يكتمل انتزاعه لصلاحياته الا بعد اجراء الانتخابات التشريعية المقبلة. فيما وصف الاعلامي حمدي قنديل إحالة مدير المخابرات العامة اللواء مراد موافي للتقاعد ليس السبب الرئيسي لها حادثه رفح الأخيرة، فقط استغلها "مرسي" من اجل اقالته، خاصة بعد فشل المخابرات في تأمين منطقة سيناء والحدود مع الكيان الصهيوني وتكرر الاعتداءات عليها من قبل الجماعات الجهادية من آن لأخر، فضلا عن عدم مقدرة الشرطة العسكرية والحرس الجمهوري تأمين الرئيس مرسي في الجنازة العسكرية التي خرجت أمس من مسجد "آل رشدان" ومن ثم جاء القرار يحمل جزءا منه تصفية لحسابات قديمة والجزء الاخر من أجل تثبيت مكانته في الحكم. وعلي صعيد عسكري وصف اللواء طلعت مسلم، الخبير الإستراتيجي قرارات الرئيس بالقرارات المتعجلة وغير المقنعة، مضيفا أن هذه الجهات غير مسئولة عن أحداث رفح التفجيرية مساء الأحد، وليست مقصرة حيث أعلن رئيس المخابرات أمس أنه قدم للجهات المختصة معلومات حول إمكانية وجود تدبير لهذا الحادث، والجهات هى المسئولة عن إتخاذ الموقف تجاه التأمينات العسكرية. وتسائل الخبير العسكرى عن علاقة الشرطة العسكرية والحرس الجمهوري بهذا الحادث، أم أن الرئيس مرسى يدافع عن نفسه أمام الشعب بهذه الإقالات، مشيرا إلي أن أحداث رفح تتعلق بالدرجة الأولى بالأوضاع الأمنية فى سيناء، وأرجع مسئولية الحادث بالدرجة الأولى على القوة الموجودة هناك، وأنها كانت مسئولة عن تأمين نفسها. وأضاف "مسلم" أن محاسبة المسئولين عن الأحداث كان يجب أن يكون فى ظل إجراءات تحقيق موسعة قانونية. وفى ذات السياق صرح اللواء محمد على بلال، قائد القوات المصرية فى حرب الخليج، أن قرار مرسي صائب قائلاً "بلا شك إنهم مسئولين عماحدث حتى لو لم تكن مسئولية مباشرة، فالقائد مسئول عن قواته بصفة مستمرة"،مضيفا أن الشارع المصري فى حالة غليان ويجب أن يتم القضاء على الإرهاب فى سيناء والكشف عن الجناه الحقيقين ومحاسبة المسئولين عن ذلك بسرعة حتى يهدأ الشعب المصري. وأرجع "بلال" إقالة مدير المخابرات بصفة عاجلة بسبب البيان الذى أعلنه أمس، والذى إتهم فيه بشكل غير مباشر القوات المسلحة ومؤسسة الرئاسة أنها المسئول الرئيسي عن الحادث، وأنه قدم المعلومات حول الحادث قبل وقوعه، وهم لم يتخذوا الاجراءات الإحترازية. أما الجنازة العسكرية التى لم يستطع الرئيس"محمد مرسى" حضورها فكانت السبب الرئيسي وراء إقالة كلاً من رئيس الحرس الجمهوري وقاد الشرطة العسكرية، لأنهم لم يقوموا بواجبهم فى تأمين موكب الرئيس لحضور الجنازة مما تسبب فى حرج للرئيس أمام الشعب. ومن جهته أشار الناشط السياسي أحمد دومة إلي أنه كثيرا ما كان الثوار يرددون أن النظام ما كان يجد أفضل من هذا الفصيل الديني للإنقلاب على كل أهداف الثورة، بعد أن كانوا يرفعون شعار "اتنين مالهمش أمان العسكر والاخوان" فهذا الفصيل لا يختلف كثيرا عن سلوك الضباع في الغابة، موضحا أنه ليست هناك إقالات ولكن ترقيات. وما بين ترقية من تكلم وفضح الشلة وبين وجه قبيح يريدون أن يحموه من القضايا وبين قائد عسكري أجاد قتل المتظاهرين في محمد محمود ومجلس الوزراء، فجئ به قائداً للأمن المركزي وبين من له علاقات جيدة بإسرائيل وحماس وكاتم أسرار فليمسك المخابرات وبين رجل أجاد في قهر المتظاهرين وتعرية وسحل النساء في أحداث مجلس الوزراء ليترقى ليكون قائدا للحرس الجمهوري وجميع الترقيات خرجت بقرار من مجلس الدفاع الوطني الذي يضم نحو 11 قيادة عسكرية وفيه "مرسي" بصوت واحد وعلى الإخوان إستثمار ذلك الموقف لتصفية حسابات شخصية. وتسائل "دومة" هل الثوار ذهبوا للقصر الرئاسي من أجل مباركة ترقية من سحلوهم وقتلوهم أم مصر أصبحت خالية من الثوار، واختتم "دومه" كلماته قائلاً "حقاً الأسود تأكل أولا كل شئ ثم تأتي الضباع لتأكل ماتبقي من الجيف"، مطالبا المصريين بألا يكونوا كالديدان تنتظر الفتات.