لاتنهض دولة ما وصحة مواطنيها في خطر، ولا توجد صحة سليمة دون دواء سليم وفعّال، فغش الدواء في مصر أصبح ظاهرة خطيرة تستحق الوقوف أمامها لدق ناقوس الخطر والتحذير من انتشار "مافيا غش الدواء" التي لا يدفع ثمنها إلا المريض الفقير. وتجارة الأدوية المغشوشة ما هي إلا تجارة منظمة تحركها أصابع دولية وهدفها الأسمى هو الربح على أجساد المواطنين، حيث أشارت منظمة التجارة العالمية إلى أن رأس مال هذا السوق يصل إلى 200 مليار دولار ، يتركز 70% منها في المنطقة العربية والدول الفقيرة، وتحتل الصين والهند صدارة تلك الدول المصدرة للأدوية المغشوشة. وعن هذا يقول وكيل نقابة الصيادلة بالقاهرة، والقائم بأعمال الوكيل سابقاً، الدكتور ماهر ندا، أن الأدوية المغشوشة ما هي إلا سموم مغلفة لتضر بحياة المواطنين، مشيراً إلى أن هناك العديد من الشركات المنتجة للأدوية التي ساهمت مع مصنع المتحدون للمحاليل الطبية في توزيع التشغيلات الغير صالحة على الصيدليا ت، مضيفاً أن نسبة الدواء المغشوش بمصر تخطت ال12% . وأضاف "ماهر" في حواره للوادي أن هناك30% من صيدليات مصر أصحابها ليسوا صيادلة، مضيفاً أن عدد الصيدليات بمصر ما بين 50 ألف : 60 ألف صيدلية ، وأن عدد المفتشين لا يتوائم مع عدد الصيدليات، مطالباً بتوفير ما يقرب من 1100 مفتش على مستوى الجمهورية. وأشار وكيل نقابة الصيادلة بالقاهرة إلى أن وزارة الصحة تعجلت في انشاء مشروع هيئة الدواء المصري، وأنه كان لا بد من دراسة القرار دراسة حقيقية، مشيراً إلى ان الهدف وراء هذا التعجل أن يصبح أصحاب الفساد هم المسيطرين على الدولة، مطالباً بإنشاء هيئة للدواء يرأسها صيدلي. وإلى نص الحوار:- بدايةً ما هو وضع الصيادلة بمصر؟ وضع الصيدلي أسوأ ما يكون، وذلك لإعتبار الصيدليات مشروع تجاري ضخم، حيث يتم دفع فواتير كهرباء عالية الثمن مما يقرب إلى 1500 جنيه شهرياً، بالإضافة إلى أجور العمالة والضرائب الباهظة التي لا يتحملها الصيدلي في حين أن المشروعات المجاورة للصيدليات كالكافيهات والمحلات التجارية وغيرها، وبنهاية المطاف سيتطر كافة الصيادلة إلى غلق صيدلياتهم أو بيعها للسلاسل، وبذلك تحولت مهنة الصيدلي بعمدا كانت في غاية الإحترام في الثمانينات من كون المستوى الإجتماعي والرفاهية التي كان الصيادلة يحيوها آنذاك إلى حياة دنيا لا تكفي أصحابها الكفاف، والذي له دور كبير في جودة الخدمة التي يقدمونها للشعب. كما أن هناك تعسف واضح وتغول على حقوق الصيدلي من قبل الشركات المنتجة وموزعي الدواء المعتمدين بمصر مثل: ( فارما أوفرسيس، إيميك، ابن سينا، المتحدة للصيادلة، مالتي فارما)، وهذه الشركات الموزعة ساهمت مع مصنع المتحدون للمحاليل الطبية في توزيع التشغيلات الغير صالحة على الصيدليا ت وعلى المستشفيات كما حدث في بني سويف في محلول الجفاف. وهناك وقفة احتجاجية يوم 20 /10 " وقفة الكيس الاسود" أمام الإدارة المركزية للصيدلة من أجل الوصول إلى اتفاقية عادلة لتعويض الصيدليات عن الأدوية النتهية الصلاحية والأدوية التي يتم سحبها من الأسواق المصرية حيث أن الصيدلي هو من يتحمل الخسارة وقليلاً ما يتم التعويض من الشركات التي يًرد إليها الدواء، حيث أن الشركات في كافة الدول المجاورة تتحمل جميع تكلفة الأدوية المنتهية الصلاحية أياً كان كميتها دون أن يتحمل الصيدلي اية أعباء، وتلك الوقفة لصالح كلاً من ( الصيدلي المسكين، والمريض الغلبان). ما هي أسباب انتشار الدواء المغشوش؟ جميع الأسباب السابقة تجعل الصيادلة ضعيفي الأنفس أو سواء الدخلاء على المهنة من التوجه إلى طرق بديلة لشراء الأدوية بخصم عالٍ والتي تحوي( المغشوشة والمهربة وأدوية المخازن التي انتهت صلاحتها والمدورة) وجميع تلك الطرق غير مشروعة .حيث أن هناك 30% من صيادلة مصر أصحابها ليسو صيادلة، مما أدى إلى تزايد نسبة الدواء بمصر إلى أكثر من 12%، وليس كما أشارت وزارة الصحة إلى 7%. كما أن الأطباء يكتبون وصفات طبية حاملة أسماء أدوية غير مسجلة وغير مدرجة بدليل الدواء المصري، وتم شكوتنا إلى نقابة الأطباء ولكن لا مجيب، فهناك عدد من الأطباء يتقاضون الرشاوي من الشركات للترويج لأدويتها، كما أنهم يوجهون المريض لشراء الدواء المستورد مثل البنادول وبعش أدوية الروماتيزم والهرمونات النسائية . هل يؤثر الدواء المغشوش على المواطن؟ وما هو تأثيره؟ الدواء المغشوش ما هو إلا سموم مغلفة في صورة أدوية، حيث أنه يؤثر على الكبد والبنكرياس والكلى والصحة العامة نسأل الله أن يعافنا منها. كما نعتبر الأدوية المهربة بطرق غير شرعية داخل إطار الأدوية المغشوشة حيث أنها يتم وضعها داخل الكبائن للطارات والتي لا يتوفر بها وسائل تهوية جيده وتكون درجة الحرارة في غاية الإرتفاع مما تفسد الأدوية، كما أن تلك الأدوية لا تخضع لعمليات التحليل للتيقن من سلامتها حين الوصول إلى مصر. كيف للمريض أن يكتشف الدواء مغشوش؟ الدواء المغشوش دائماً يكون عليه خصم كبير يصل إلى 15 % ، في حين أن باقي الصيدليات تبتاع الأدوية من الشركات المسجلة بخصم يتراوح بين 8% : 15% ، فهل الصيدليات التي تبيع الدواء بهذا الخصم تريد الخسارة ، ولهذا أناشد وسائلا الإعلام بتوجيه المرضى إلى عدم شراء الأدوية من صيدليات تعطي خصماً. وما هي مشاكل الدواء المصري ولماذا يقل الإقبال علية عن بديلة المستورد؟ لا توجد مشكلة بالدواء المصري ولكنه يحتاج إلى الجودة في التصنيع وتطبيق الأيزو واتباع معايير الجودة العالمية في التعبئة، والتحليل قبل الإفراج عنه، حيث أنه يتواجد بمصر 138 مصنع، 34 مصنع تحت الإنشاء، وشركات المصنعة لدى الغير. هل هناك مشاكل تواجه المفتشين على الصيدليات؟ وهل هناك تناسب بين عدد الصيدليا ت والمفتشين ؟ بالطبع توجد ففي بداية الأمر لا يوجد تناسب حقيقي بين عدد المفتشين وعدد الصيدليات، فمثلاً يتواجد بمدينة نصر ما يقرب من 1500 صيدلية وعدد المفتشين المسئولين عن تفتيش تلك الصيدليات 4 أو 5 مفتشين،في حين توافر أكثر من 20 مفتش على الصيدلية الواحدة للمستشفيات، كما أن الإمكانيات البشرية والمادية لا تفي بالغرض لضبط سوق الدواء المصري، كما أن العديد من المفتشات على الصيدليات بالأماكن النائية قد تتعرضن للتحرش سواء الجنسي أو اللفظي، وذلك بتلك الصيدليات التي تمارس أنشطة غير شرعية في تجارة الأدوية، فلا يجوز للمفتشة أن تنتقل ب (توك توك) للتفتيش بتللك المناطق، ولهذا أطالب بتخصيص سيارات خاصة و مناسبة للتفيش بصحبة موظف إداري لنقل المفتشين والمفتشات ولحمايتهن من التعرض للتحرش. ما رأي حضرتك عن قرار وزارة الصحة بانشاء مشروع هيئة الدواء؟ أعترض على هذا المشروع حيث أن هذا المشروع لم يتم الرجوع إلى القاعدة الاساسية حين تنفيذه ولم يتم مناقشة نقابة الصيادلة على مستوى واسع، وهناك اتفاق ما بين الإدارة المركزية للدواء ووزارة الصحة لسلق هذا المشروع في أقصى سرعة وهذا غير مرضي لجميع الصيادلة. وقد نادينا من قبل وزارة الصحة بانشاء هيئة للدواء يرأسها صيدلي وليس طبيب ولكنه لم يتم السماع لنا، ولا بد من انتظار مجلس الشعب لانجاز هذا المشروع، فلا هناك أي وجه للاستعجال. وما هو الهدف الكامن وراء التعجل في انجاز المشروع؟ قانون المشروع الذي أقرته وزارة الصحة أبان الأسباب الحقيقية وهي أن يرأسها طبيب، وحتى يصبح أصحاب الفساد هم المسيطرين على الدولة. بعد استقالة الحكومة الحالية ماذا تتوقع بوزارة الصحة الجديدة؟ نتعشم في الحكومة الجديدة أن تكون إيجابية و لكن لا بد من تشكيل الحكومة من قبل مجلس الشعب، ومن الظواهر الأولية وقراءة سريعة لأسماء المرشحين يتضح أنه لا يمثل الشعب، حيث يتضح ان هناك عدد لا بأس به من نظام مبارك الفاسد، كما أن هناك عدد مما صدر ضدهم أحكام بالفساد من سيئي السمعة ومصاصي دماء الشعب ومتاجري قرارات العلاج أيام "حاتم الجبلي"، وأتوقع احجام عدد كبير من الشباب الفاعل عن الإدلاء بأصواتهم في تلك الغنتخابات مما يعطى الفرص إلى التزوير. وأخيراً ماهي مطالب الصيادلة من وزارة الصحة؟ نطالب وزارة الصحة بانشاء هيئة للدواء يرأسها صيدلي وليس طبيب ويشارك بها أحد أعضاء نقابة الصيادلة، على أن تكون تلك الهيئة هي من تدير منظومة الدواء بمصر، والنظر إلى الأعباء التي يعاني منها الصيدلي . كما أطالب وزارة الصحة بزيادة عدد مفتشين الصيادلة على أن لا يزيد مجموع الصيدليات التي يغطيها الصيدلي عن 50 صيدلية، فهناك بمصر ما يقرب من 50 ألف : 60 ألف صيدلية ، وعلى هذا الاساس نحتاج إلى ما يقرب من 1100 مفتش على مستوى الجمهورية ، وبذلك يستطيع المفتش المرور على الصيدلية الواحدة مرتين شهرياً.