د.تليمة: مصر البلد الوحيد على مستوى العالم الذي لم تتبدل حدوده ولم يشهد حروبا أهلية آلاف السنين. د.حامد طاهر: ثورة يناير هي الثورة الأولى في تاريخ مصر. د. كمال مغيث: طه حسين كان يود أن يكون الهدف الأكبر للتعليم هو تعاطي الثقافة ويصبح العلم هو مصدر لقوة الدولة. الندوة الأولى لمنتدى الوادي الثقافي، الذي عقد بفندق (هورايزون)، تحت رعاية جريدة "الوادي"، والتي تحدث فيها المفكر الكبير دكتور عبد المنعم تليمة، الذي قدم تحليلات للوضع السياسي والثقافي الراهن في مصر، حيث قدم حلولا علمية لبعض المشاكل التي تعوق الثقافة، عبر بانوراما تاريخية ثقافية ثرية، زاد من ثراءها مداخلات الحضور، التي شارك فيها الأستاذ الدكتور حامد طاهر أستاذ الفلسفة بجامعة القاهرة، والأستاذ الدكتور كمال مغيث الباحث بمركز البحوث التربوية. وأدارت اللقاء الأستاذة وفاء حلمي رئيس القسم الثقافي. في البداية قدم د.تليمة تعريفا للثقافة هو: كل مساحة يحتلها البشر من الطبيعة، تضاف إلى ذواتهم أو تكوينهم، وان "مصر مبدعة ثقافة" على مستوى التاريخ الإنساني، وهذا ما أكده يوسف كامبل في كتابه الأول: (البطل ذو الألف وجه) الذي أكد فيه أن ثنائية: العدل/ الخير، خلقت في مصر، وأضاف: أن من مقولات كامبل الشهيرة "ابدأ بإيزيس المصرية"، فإيزيس هي العذراء مريم، وهي السيدة المصرية، فمصر تتميز بأشياء لم تكن موجودة في بلد آخر، فهناك مدرسة واحدة لتجويد القرآن هي المدرسة المصرية، والآن ونحن على مشارف رمضان كل دولة إسلامية ترسل لتأخذ القارئ المصري. وهيجل عندما قسم الإبداع المصري إلى ثلاث حجوم وجسوم ورسوم، فالإنسان القديم كان يسعى إلى الجمال والجلاء، الجمال يتحرك من: الهجوم إلى الجسوم إلى الرسوم، وقال: أنظروا إلى معابد الأقصر وأودية الهند والسند، ثم انتقل إلى فنون "الرهافة" الشعر الرومانتيكي والموسيقى الكلاسيكية والرسم بالزيت. ونحن حين أنجزنا اتفاقية برشلونة 1995، وهي العرب الذين يعيشون في شمال القارة الإفريقية، الاتفاقية تنقسم إلى ثلاث أقسام: الأول: السياسة والأمن 50% الدول الغربية: 50% الدول العربية، الثاني: الاقتصاد 90% الدول الغربية: 10% الدول العربية، الثالث: الثقافة 10% الدول الغربية: 90% الدول العربية. ويضيف د.تليمة: الثقافة تقوم على أربعة أعمدة: أولها الفن، الدين، الحكمة "الفلسفة"، وأخرها العلم ولو أنه أصبح هو القوة الشابة، إذن فمصر بشهادة العالم مبدعة ثقافيا. مصر الحديثة: متى بدأت الحداثة؟ في القرن 18 يشهد شيوخ الحرف، في القرن 16 الإسكندرية عملت تآخيا مع الدول الأوربية، فنهضتنا مع مدار القرنين ال18، ال19 لماذا سميت الحملة الفرنسية ولم تسمى بالاحتلال الفرنسي، لأنهم لم يناموا ليلة واحدة، وفيهم جنرالات منهم من قتل، ومن هرب، ومن أسلم وتزوج، وفي النهاية هربوا جميعا. من القرن 18 حتى اليوم نسميها النهوض المصري في التاريخ الحديث، وهو كان استئناف لمبادرة قائمة منذ فجر التاريخ، هذا النهوض المستأنف مر بأربعة مراحل: خروج المصريين ضد الفرنسيين - الخروج العرابي - الشعبي الديمقراطي سنة 1919 - الخروج العسكري 1952، لهذا الخروج أربع غايات: تحرير الوطن من على أسنة الشعراء، على حناجر المغنيين، تحديث المجتمع، تعقيل الفكر، توحيد الأمة. مصر البلد الوحيد على مستوى العالم الذي لم الذي لم تتعدل حدوده عبر آلاف السنين، ولم يشهد حروبا أهلية، ورشح تاريخنا الحديث 4 قوى: فكرية اجتماعية اقتصادية هي: قوة بعض أفرادها نظموا أنفسهم في حزب الوفد سنة 1919، قوة بعض أفرادها نظموا أنفسهم في الحزب الاشتراكي سنة 1920، قوة الإخوان المسلمين 1928، تنظيم الضباط زمن أحاط بهم "الاتجاه القومي" سنة 1937. الثورة الثقافية تبدأ من محمد باشا البقلي، مرورا برفاعة والسنهوري وحسين المرصفي ، وشعار ثورة 19 الدين لله والوطن للجميع والحكم للشعب. مشاكل تاريخنا الحديث هو الحلقة الرابعة منذ 1952 حتى الآن، كانت النهضة تمشي في طريقها وأنجزت أشياء كبيرة فظهر محمود مختار وسيد درويش، فجاء العسكريون وتبنوا المشروع الوطني لكنهم أقاموا نظاما لإدارة البلاد يأتي بنتائج عكسية لما آمنوا به بسبب العشوائية/ الانتقائية/ التجريبية. أنشئت وزارة للثقافة بعد الإرشاد القومي والإعلام فالثقافة ثم تم ضمهم "تسييد الرأي الواحد وما تراه السلطة فقط" بينما مصر الحديثة بناها المجتمع المدني "الأهلي"، كيف تفجر الإبداعية بعد أن أسبحنا كلنا موظفين عند الحكومة، فالاحتكار وحكم الفرد المطلق هو عثرة التنمية. 25 يناير: لم تكن مرحلة خامسة بعد المراحل الأربعة السابق ذكرها، لكنها ثورة ثانية. فمراحل التاريخ الإنساني: المرحلة الأولى الثورة الزراعية، المرحلة الثانية الثورة الصناعية، مجتمع شبه زراعي شبه صناعي، المرحلة الثالثة ثورة العلم وتطبيقاته "الاتصال والتوصيل وتدفق المعرفة والمعلومات"، وفي القرآن الكريم "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا"، أي أن الخلافة على كوكب الأرض صارت للبشر، فالإنسان بدأ يخلق الحلم على صورته، مثلما خلقه الله على صورته، وشباب 25 يناير صناع مهرة في استخدام الثورة، ثورة يناير القائمة الدائمة، هي أول تطبيق للثورة الثالثة التي تسعى إلى التعددية والمؤسسية. من ثورة 1919 حتى 2011 تاريخ من منازلة الشمولية، بين العسكري والسلفي، فالشمولية شخص يريد أن يقول بسم الله دون أن يوحى له، آخر يريد أن يتولى الحكم برأي الشعب دون انتخابات، والحل يكمن في التعددية والمؤسسية، ومنهج السير لابد أن يكون منهج جبهوي قائم على المحاورة الوطنية، فالمنظمات كلها قامت على أسس سياسية جبهوية تعددية، رفعوا التناحر ووضعوا التحاور "سلمية. سلمية"، الجبهة الوطنية جبهة جماعية، التفكير والتعبير بديل الشمولية هو الجبهة التي تحقق التعددية ثم الدستور أولا الذي يحقق المؤسسية، والمنهج الجبهوي هو المحاورة الوطنية العظمى، والسلام السياسي بديلا عن السلام الاجتماعي، والاستمرار بديلا عن الاستقرار. الإصلاح السياسي الراديكالي الجذري، مدخل لكل إصلاح، لابد أن يسبق الإصلاح السياسي الإصلاح الاقتصادي أو على الأقل يواكبه؛ إنشاء الأحزاب، ووزارة الثقافة تعمل ثلاث مجالس عليا منتخبة من أهل الاختصاص وأصحاب الشأن: للآثار والكتاب والترجمة تلحق بمكتب رئيس الوزراء، وهدا هو المطلوبة الآن وليس وزارة الثقافة، فوزارة الثقافة لا تقوم بتحقيق التراث والحفاظ عليه وهو الدور الأهم لوزارة الثقافة، العالم كله مبهور بالآثار المصرية إلا المصريين، فالآثار عندنا مهدرة، والكتاب ضائع، والترجمة أمة وسط، فهناك ثقافة مقصودة، وثقافة غير مقصودة هي "الثقافة الشعبية" التي نتلقاها من الهواء، الثقافة مقصودة تقوم بها مؤسسات رسمية تعنى بالصناعات الثقيلة التي لا تقدر عليها الجمعيات الأهلية، وتدار ديمقراطيا، ومؤسسات أهلية فالمجتمع المدني الأهلي هو الأصل، بينما المؤسسة الثقافية يجب أن تقوم بالصناعة الثقافية الثقيلة التي لا تقدر عليها الجمعيات الأهلية. وفي مداخلته أكد د.حامد طاهر اختلافه عن د.تليمة في نظرته التفاؤلية للأمور، معللا ذلك بأن ثورة يناير لم تقم على مبادئ وإنما كرد فعل للطغيان، أي عكس الثورة الفرنسية التي ساوت بين جميع طوائف المجتمع في كل شيء حتى الألقاب، لا يوجد شرطي فرنسي يمشي في الشارع بملابسه الرسمية إلا في أوقات العمل الرسمية فقط، فيما عدا ذلك فهو مواطن عادي مثل كل المواطنين، له ما لهم وعليه ما عليهم. في مصر نرى أعضاء لجنة الدستور من محدودي الثقافة، كما أن ثورة يناير هي الثورة الأولى في تاريخ مصر التي وقعت تحت الاحتلال ألف سنة منها 760 سنة احتلال روماني، ولا توجد أية رواية عن قيام أية مجموعة بثورة، كما أن ثقافة الشعب المصري ضعيفة وضئيلة. واتفق د. كمال مغيث مع مقاله د.حامد، حيث قال: إذا كانت ثورة يناير قامت بسبب حادث مقتل خالد سعيد، وهو أقل جريمة من جرائم الشرطة، فماذا سيحدث إذا فتح ملف قضية رضا هلال واختفاءه الغامض، وماذا لو فتح ملف العبارة التي أجبرت على عدم استخدام إشارة استغاثة فغرق الركاب أفضل من فتح تحقيقات دولية، وماذا لو فتح ملف بيع أراضي ساحل البحر الأحمر، كل هذه الملفات مغلقة وتم التعتيم عليها، فمبارك شريك في كل هذه الجرائم، وفي جريمة تدهور الثقافة، ماذا يفعل التعليم؟ فمن أهداف التعليم المواطنة، فظهر الزعيم الوطني والمطرب الوطني والمنتخب الوطني لينشغل الناس بهم. في مصر نرى كلية الآداب تنظم مؤتمرا للعلاج من المس والجان، والعلاج ببول الإبل.. طه حسين كان يقصد أن يكون الهدف الأكبر للتعليم هو: تعاطي الثقافة، الإعداد للعلم والرؤية العلمية، أن يصبح العلم هو مصدر لقوة الدولة، الإعداد للمهنية، في ظل نظام مبارك لم يعد لهذه الرباعية وجود، وقابلها رباعية تدهور التعليم.