بعيداً عن قضايا القومية العربية والصراعات العسكرية التى كانت تسود المنطقة فى فترة إتمامه الثانوية العامة والتى إنعكست بالضروة على الخطاب الروائى ، كانت موهبة الأديب صالح مرسى مازالت راسية على بر "البحرية التجارية" التى التحق بها بعد إتمامه الثانوية، ولأن للسفر فوائد سبع تعلق صالح مرسى بالقراءة خصوصاُ وأنه وجد متعة كبيرة فى روايات مكتبة والده، ثم راح يبحث عن المزيد بالمكتبات العامة كإبداعات محفوظ وإدريس والحكيم، وبالتحديد رواية بداية ونهاية لمحفوظ ,التى ذكر أنها كانت وراء تركه العمل بالبحر واشتغاله بالكتابة. بعد أن نال شهادة الليسانس فى الآداب، تعرف أديبنا على يوسف إدريس وهو فى بداية شهرته فى منتصف خمسينيات القرن الماضي, عن طريق إرسال محاولاته الأولى فى القصة عبر البريد لإدريس, فشجعه على نشرها فى مجموعة قصصية، والرحيل إلى القاهرة، وهناك ارتاد المنتديات الأدبية والتحق بمجلة صباح الخير ونشر أول مجموعة قصصية بعنوان "الخوف"، ورشحت لجائزة الدولة لولا رفض العقاد لمجرد أن حوارها مكتوب بالعامية.. حرص صالح مرسى أن يسلك مساراً مغايرا فى الكتابة, فاتجه إلى عوالم البحر والصيادين ، ولطالما تجول فى حواري الأنفوشى ورأس التين ورافق أصحاب الفلايك واستمع إلى حكايات الميناء وأساطيرها فكانت رواية زقاق السيد البلطي, التى نالت إعجاب نجيب محفوظ, كما نشر رواية بعنوان البحار مندى و لكن سرعان ما هجر أديبنا البحر لينزل هذه المرة على ضفاف النيل بالقاهرة ويعيش تجربة حقيقية كجرسون فى مقهى بحى السيدة زينب لكتابة رواية الكذاب. ومن البحر والمقهى ترك صالح مرسى أجواء القاهرة الصاخبة واقتحم عالم الجاسوسية ، وبدأ بكتابة مسلسل للإذاعة عن جاسوس مصرى كان يعمل لصالح إسرائيل بسكرتارية المؤتمر الأفروآسيوى من واقع ملفات المخابرات- وتلته مجموعة قصصية بعنوان الصعود إلى الهاوية وروايات الحفار ودموع فى عيون وقحة وسامية فهمى ورأفت الهجان، وكلها كانت ملاحم وطنية تحاول إيقاظ الثقة بالنفس وأن هناك عدوا يتربص بنا ولا يجب أن نسترخى على مائدة السلام. صالح مرسي من مواليد مدينة كفرالزيات بمحافظة الغربية "17 فبراير 1929 - 24 أغسطس 1996 "، ونحتفل غداً الأثنين بذكرى ميلاده ال85، كان يعمل مع جهاز المخابرات العامة المصرية فيما يخص الروايات الخاصة بالجهاز، ويعتبر من المدنيين الذين عملوا مع المخابرات المصرية. توفي يوم 24 أغسطس عام 1996 في الساحل الشمالي على إثر هبوط حاد في الدورة الدموية.. من بعض أعماله الأدبية :" صور من مصر، قصة زواج عصري، رواية المهاجرون، حب للبيع، حرب الجواسيس رواية من ملفات المخابرات المصرية".