تشهد العديد من القرى بمحافظة الشرقية، تجمع البنات وربات البيوت علي شواطئ الترع بشكل متكرر بهدف غسيل الأوانى والسجاد، وبعضهم يفضل غسيل ملابسهم الشخصية في مياه غير آمنة، رغم وجود مياه حكومية بمنازلهم التى عادة تتمتع بأحواض حديثة وأجهزة معالجة كيميائية. من جانبها، قالت أحلام إبراهيم التى فضلت عدم تصويرها أنها تأتى في اليوم الواحد مرتين من أجل الوقوف علي مياه ترعة بحر مويس بقرية كفر الصعيدى التابعة لمركز منيا القمح، وتغسل الأوانى والملابس والسجاد، مشيرة إلى أنها تفضل مياه الترع دون غيرها في أعمال نظافة الأواني وأحياناً الملابس عن نظيرتها في المنازل، معللة ذلك بسهولة القيام بأعمال النظافة دون جهد -علي حد قولها-. بينما ذكرت السيدة محمد عربي، وهى من نفس القرية السابقة، أنها تفضل غسيل الأوانى بمياه الترع، حيث يجتمع صديقتها وتتحدث معهم وتكون فرصة جيدة للتواصل مع أصحابها في الوقت الضائع، معتبرة إنها بوجودها مع صديقتها تستطيع أن تغسل أغراض أسرتها وترفه عن نفسها في مكان مفتوح وصفته ب"الممتع". هند فاروق طالبة في المرحلة الثانوية، أكدت أن قضاء وقت علي "البحر" مع نساء جيرانها وأصحابها يكون ممتع ونتواصل جميعا، ونتعرف علي مشكلاتنا وأحيانا نمكث لساعات علي شاطئ البحر وقد نصل لحل لمشكلة ربما كانت مزعجة لأحدنا. باهية محمود سيدة تبلغ من العمر 58عام، وقفت دون كلام مباشر، ولكنها قالت كلمتها الوحيدة وهى تنظر لجارتها، لتكشف لنا الكثير حول طبيعة علاقتهم بمياه الترع قائلة: "علي البحر الكل بيفضفض.. ولو عايز نشرة إخبارية عن القرية هات زوجتك معانا وهي ترجع بكل الأخبار" الأمر الذي دفع باقي النساء للضحك والرد عليها بكلمة "خبرة الحاجة باهية". علي بعد أمتار قليلة من السيدات اللاتي يغسلن أوانيهم بشاطئ ترعة بحر مويس، قام أحد الفلاحين بالسماح للمواشي بالنزول بنفس مياه الترعة، كما قام بعض الأطفال بالقفز والسباحة لتكتمل الصورة. الدكتور محمد العدوى مدير التدريب بالشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي، قال: "إن مياه الترع غير آمنة وقد تحمل أمراضًا تنتقل لكل من يسبح فيها أو للنساء اللاتى تغسل أوانيهن، ومنها دودة السيركاريا المسببة للبلهارسيا، وخاصة إذا قامت الاطفال أو الفلاحين بالتبول بمياه الترع فإنها تكون أسرع في انتشار الأمراض الوبائية". بينما أكد الدكتور عمرو الحداد الباحث في العلوم الأجتماعية، أن تجمع النساء علي شواطئ الترع له أسباب متعددة منها تشكيل حفلات بينهن للحوار والتقابل وهو الهدف الرئيسي لنزولهن من المنازل وليس من أجل غسيل الأواني أوالملابس، وذكر أن النساء عادة تفضل معرفة جميع أخبار جارتهن، حيث يعد التجمع فرصة كبيرة للتواصل فيما بينهن. وأضاف الباحث الاجتماعي، أن تواجدهم في المياه يعطيهم نوعًا من الاسترخاء والراحة النفسية، علاوة علي الجو المفتوح والمنظر الجمالي المتمثل في شكل السماء والمياه واللون الأخضر من المحاصيل الزراعية، المختلفة عن الغرف والمنازل المغلقة.