مياه النيل.. «مغسلة» الأوانى والملابس والحيوانات

من كان يصدق أن النيل، الذى كان عدم تلويثه أولى خطوات نجاة المصرى القديم من أهوال العالم الآخر، يصبح مرتعاً لغسيل الأوانى والملابس والحيوانات بل والسيارات أيضاً؟ نعم يحدث هذا فى العديد من المدن والقرى والنجوع الممتدة على ضفافه، ومن بينها عزبة الصفيح بقرية كفر جمعة بمركز »ببا«، محافظة بنى سويف، هذا المركز الذى أطلق عليه الرومان فى الماضى السحيق اسم »الزهرة الكبيرة« ويضم آثاراً للعصرين اليونانى والرومانى.
ففى عزبة الصفيح بمدينة ببا التى تقع على بعد أمتار من نهر النيل، غسيل أوانى المطبخ والملابس فى النيل يعتبر من العادات الموروثة التى لا ترتبط بالنظافة ومفهومها وحسب، ولكن بمفهوم لقاء السيدات والبنات عند شاطئ الترعة للحديث والفضفضة والتعرف على آخر أخبار البلدة التى لا يعترف أهلها إلا بماء النيل فى تحقيق نظافة أوانيهم رغم وجود المياه فى منازلهم.
وهو ما تؤكده سيدة- 55 سنة- من أنها شبت وهى ترى أمها وجدتها تلتقيان مع أقاربهما عند النيل كل صباح. وتضيف: »لقد كان غسيل الأوانى والملابس فى النيل سبباً فى زواجى عندما كنت صبية عمرى 16 سنة، كنت مع والدتى ورأتنى إحدى الجارات فطلبتنى زوجة لابنها وهو ما تم«.
وإذا كانت النساء يغسلن أدوات المنزل فى النيل، فإن الشباب يغسلون الموتوسيكلات فى النهر أيضاً.
يقول الدكتور جمعة طه عبدالعال مدير جهاز شؤون البيئة السابق ببنى سويف، إن نهر النيل يمتد من الشمال إلى الجنوب بطول 70 كيلومتراً وتستقبل المحافظة من حصة النيل 2 مليار متر مكعب سنويا من مياه النهر ويستخدم أكثر من 92% منها فى الرى و5% فى مياه الشرب و3% للأغراض الصناعية،
ويؤكد الدكتور جمعة أن النساء يقمن فى العديد من المناطق بغسيل الأوانى والملابس وبالتالى يوجد خطر من انتشار الأمراض المحمولة فى المياه مثل الإسهال والتيفود والبارا تيفود والتهاب الكبد الوبائى، وأظهرت عينات المياه من محطات الرصد على نهر النيل وجود بكتيريا الدودة المعوية فى نهر النيل بمحافظة بنى سويف وطالب بضرورة عمل حملات توعية للمواطنين وإنشاء مغاسل على النيل للنساء عن طريق إدارة البيئة.