من أجل الضعفاء كانت الكلمة سلاحا لمن لا سلاح له وبراحا لمن ضاقت عليه الأرض بما رحبت.. ولذلك فإن الصحافة الحقة هي التي تنحاز لما تراه حقيقة .. وتنتصر دائما للحلم وتحلم بالمستقبل وإن ضاق الأفق. الصحافة مهنة يسارية بطبعها.. دائما تكون على يسار أي نظام.. فهي تحلم دائما بالأفضل.. ودائما هناك أفضل وهناك المزيد.. ومهمة الصحفي دائما أن يبحث عن مساحة أكبر من العدل والحرية.. ولكن عندما تواجه الصحافة محاولة لتأسيس ديكتاتورية جديدة أو إستعادة دولة قديمة فمهمة الصحفي تتجاوز حدود البحث عن الحقيقة إلى السعي للحفاظ على حلم من خرجوا يوما من أجل العدل والحرية والتصدي لمن يحاولون هزيمة الحلم والإستيلاء عليه. فمن ساندوا يوما من خرجوا من أجل العدالة والكرامة الإنسانية ولو بكلمة لا يمكن أن يسمحوا بعودة الانتهاكات التي سعوا لهدمها.. ومن خرجوا من أجل حق خالد سعيد، لا يمكن ان يسمحوا بإنتهاك حق دهب وكلبشتها اثناء ولادتها.. ومن حلموا بغد مختلف لن يصمتوا على محاولات استبدال الحرية بالأمن ولا العدل بالقمع. ومن ثاروا ضد دولة مبارك والإخوان لن يستبدلوا قمعهما بقمع جديد.. ومن رفضوا عنف الإخوان ومحاولتهم سرقة الثورة بعد خيانتها لن يسمحوا بتسليمها لمستبد آخر ولو ارتدى ثياب الثورة.. فما بالكم بمن يحاول استعادة ما فات ولو على جثث وحرية من صنعوا الحلم؟ هذه هي رسالة الصحفي أن يحلم بالعدل ويحلم للعدل.. وحتى في دولة العدل يكون همه هو استشراف جوانب لم تطأها أحلام العادلين. لذا ربما يظل السؤال الذي يواجه أي صحيفة هو لماذا تصدر ولمن تنحاز؟. الاختيار في الوادي في إصدارها الجديد كان سهلا.. اختيارنا هو الثورة والانحياز لأهدافها.. كرامة للجميع وعدالة للجميع وحرية للجميع.. وقانون يعلو ولا يعلى عليه .. لكن السؤال الصعب كان كيف نحول الحلم إلى كلمة وكيف نعبر عن الثورة من خلال الصحافة. في الوادي اخترنا أن ننحاز للمباديء لا الأشخاص .. نرفض الظلم ولو جاء ممن ساروا يوما على الدرب نفسه.. وندافع عن حق خصومنافي العدل مثلما ندافع عن حق رفاق دربنا.. أن نصنع دولة عدل وحرية تتسع للجميع. أخذنا عهدا ونحن في بدايتنا الجديدة.. لن نقبل تعذيبا لإنسان ولن نرضى بظلم حتى ولو لخصم.. لن نضع سقفا لأحلامنا وأقلامنا ولا لمبادئ الثورة التي من أجلها نزف الجميع، ولم يحصد ثمرة حريتها هذا الشعب حتى الآن. ستكون الوادي، بداية الحلم، ونحلم أن تكون نهاية لكوابيس طالما دفعنا ثمنها.. رفة فراشة تحاول أن تواجه كل شيء: الفاسدين القدامى، واللصوص الجدد.. مجاذيب كل سلطة ودراويش كل حاكم.. سنواجه معكم، لصوص الثورات، وتجار المبادئ وسمساسرة الأوطان، ومهما ارتفع ضجيج من أعجبتهم كثرتهم، ستظل الوادي، حلماً ممتداً لكل من ضبط قلبه على بوصلة الثورة، وآمن بأن له في هذا الوطن حق يدافع عنه، ودور يؤديه بإخلاص، ولو كره الظالمون.