كتائب القسام: أطلقنا طائرة زواري الانتحارية تجاه القوات الإسرائيلية في مستوطنة حوليت    بعد بيان الأبيض.. اتحاد الكرة يبحث عن حكم أجنبي لإدارة قمة الأهلي والزمالك    إيقاف قيد نادي مودرن فيوتشر.. تعرف على التفاصيل    الفرحة القاتلة، تفاصيل وفاة عروس المنيا أثناء حفل زفافها (صور)    مصرع عامل نظافة تعاطى جرعة زائدة من المواد المخدرة بالجيزة    الأرصاد تكشف عن تفاصيل طقس الصيف والظواهر الجوية المصاحبة له    yemen exam.. رابط الاستعلام عن نتائج الصف التاسع اليمن 2024    يورو 2024| صربيا مع سلوفينيا وصراع النقاط مازال قائمًا .. والثأر حاضرًا بين الإنجليز والدنمارك    «إن كنتم تناسيتم ذلك أنا لم أنسى».. تعليق مثير من محمد عواد بعد إحالته للتحقيق    انفجارات واشتباكات مسلحة مع الاحتلال بالضفة الغربية    الجيش الأمريكي يعلن تدمير محطة تحكم أرضية وزورقين مسيرين للحوثيين في اليمن    «آخرساعة» في سوق المدبح القديم بالسيدة زينب| «حلويات المدبح»    الركود يسيطر على سوق الذهب وإغلاق المحال حتى الإثنين المقبل    تشييع جثامين أم وبناتها الثلاث ضحايا حادث انقلاب سيارة في ترعة بالشرقية    هل يسمع الموتى من يزورهم أو يسلِّم عليهم؟ دار الإفتاء تجيب    بعنوان «قلبي يحبك يا دنيا».. إلهام شاهين تُعلن عن فيلم جديد مع ليلي علوي وهالة صدقي    رئيس قبرص ردا على تحذيرات نصر الله: نيقوسيا ليست متورطة في حروب    تراجع سعر الفراخ البيضاء واستقرار البيض بالأسواق اليوم الخميس 20 يونيو 2024    بعد نجاح زراعته في مصر.. هل الكاسافا هو البطاطا؟ الزراعة تجيب    تحت سمع وبصر النيابة العامة…تعذيب وصعق بالكهرباء في سجن برج العرب    كندا تصنف الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية    خاص.. موقف الزمالك من خوض مباراة الأهلي بالدوري    أهالي "محلة مرحوم" بطنطا يؤدون صلاة الغائب على أرواح الحجاج المتوفين بالأراضي المقدسة    قمة أوروبية.. جدول مواعيد مباريات اليوم والقنوات الناقلة    "تاتو" هيفاء وهبي وميرهان حسين تستعرض جمالها.. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    حمدي الميرغني يوجه رسالة ل علي ربيع بعد حضوره مسرحية "ميمو"    تامر حسني يشعل حفله بكفر الشيخ رابع أيام عيد الأضحى (صور)    «من أجل كايزر تشيفز».. بيرسي تاو يضع شرطًا مُثيرًا للرحيل عن الأهلي (تفاصيل)    وزير الرياضة ينعي مشجع نادي الزمالك    تفاصيل جريمة قتل اب لأبنته فى المنيا    مصادر: معظم الحجاج المتوفين من غير النظاميين ولم يحصلوا على تراخيص    سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 20 يونيو 2024 في البنوك    الخارجية الروسية تنفى وجود اتصالات منتظمة حول قمة السلام    أرقام قياسية من توقيع نوير وشاكيري ضمن أبرز لقطات سادس أيام يورو 2024    المركزي الكندي يدرس الانتظار حتى يوليو لخفض معدل الفائدة    وفاة الناقد الأدبي محمود عبدالوهاب    فرقة أعز الناس.. سارة جمال تغني "ألف ليلة وليلة" في "معكم منى الشاذلي"    معظم الحجاج المتوفين خلال موسم حج هذا العام من المخالفين    إقامة نهائى كأس الجزائر بين المولودية وشباب بلوزداد فى عيد الاستقلال    حظك اليوم| برج الجدي الخميس 20 يونيو.. «ثق بقدراتك»    حظك اليوم| برج الدلو 20 يونيو.. « الابتكار يزدهر بالأصالة»    ارتفاع رصيد الذهب فى الاحتياطى الأجنبى لمصر إلى 456 مليار جنيه    هيئة الداوء تحذر من 4 أدوية وتأمر بسحبها من الأسواق لعدم مطابقتها للمواصفات (تفاصيل)    هيئة الدواء المصرية: تلقينا 1500 شكوى واستفسار منذ مطلع الأسبوع الجاري    مشروبات صحية يجب تناولها عقب لحوم العيد (فيديو)    تعرف علي المبادرات التي أطلقتها الدولة المصرية لتدريب الشباب وتأهيلهم وتمكينهم    إحالة مديرى مستشفى "ساقلتة" و"أخميم" للتحقيق لتغيبهما عن العمل فى العيد    بخطوات سهلة.. طريقة عمل كفتة داود باشا    بعد انتهاء أعمال الحج.. علي جمعة يكشف عن آداب زيارة مقام النبي والمسجد النبوي    تنسيق الجامعات 2024.. شروط القبول ببرنامج بكالوريوس الطب والجراحة (الشعبة الفرنسية) جامعة الإسكندرية    إجازات شهر يوليو 2024.. تصل إلى 11 يومًا    النائب العام يلتقي نظيره الصيني على هامش زيارته للعاصمة الروسية موسكو    هل ينتهي الغياب المتكرر دون إذن إلى فصل الموظف من العمل؟    مايا مرسي تستقبل رئيس الوكالة الإسبانية للتعاون الإنمائي    ما هي علامات قبول الحج؟.. عالم أزهري يجيب    تنسيق الثانوية العامة 2024.. تعرف على درجات القبول في جميع المحافظات    علي جمعة ينصح: أكثروا في أيام التشريق من الذكر بهذه الكلمات العشر    ما هي الأشهر الحرم وسبب تسميتها؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ولادة الحلم

كانت الثورة بالفعل حُلماً يراود هذا الجيل البطل طيلة سنوات نضاله، هذا الجيل الذى تفتحت عيناه وتشكل وعيه مع بداية الألفية الثانية واغتيال الطفل محمد الدرة وانتفاضة شعبنا الفلسطينى الأبى من أجل الحياة ودفاعا عن الأرض.هذا الجيل الذى تشكل وعيه وهو ينتفض ضد احتلال العراق عام 2003 وحكام العرب جميعا فى سبات عميق لم يحركوا ساكنا، بل تواطأوا بكل وقاحة مع العدو فى مواجهة شعوبهم وأبناء وطنهم، كل ذلك خلق لدى هذا الجيل انتماءً حقيقيا بالقضايا القومية وأملا أصيلا فى تغيير هذا الواقع الأليم.. ولكن اصطدم هذا الحلم وهذا الأمل بصخرة أنظمة استبدادية قمعية تحكمهم فلم يكن هناك مفر من مقاومتهم.. وكانت هنا بداية «الطريق إلى الميدان».
بدأ هذا الجيل نضاله ضد نظام مبارك مع بداية الموجة المنادية بالتغيير فى نهاية 2004 وبروز الحركة المصرية من أجل التغيير «كفاية» فكانت أولى هتافاته «يسقط حسنى مبارك» و«لا للتمديد.. لا للتوريث «هتافات شكلت وعى جيل عبر فوق جدار الخوف والمذلة الذى تربى عليه أجيال من المصريين سبقتهم، لم تكن مقاومة هذا الجيل لنظام مبارك فقط من أجل حياة ديمقراطية فيها تعبير حر عن الرأى وتداول حقيقى للسلطة.. إلخ ولكن بالأساس لأن هذا النظام الذى ظل جاثما على صدور المصريين لأكثر من ثلاثة عقود أفقد هذا الجيل بالكامل أى أمل فى مستقبل أفضل، فكان لزاما عليهم أن يفتحوا من جديد طاقات للنور الذى لن يمر سوى بهدم هذا الجدار المقيت من الخوف الذى زرعته بداخلهم أنظمة بوليسية حكمت هذا الوطن بمنطق العزبة وبددت كل ثرواته وأفقرت شعبه وجعلت الملايين يبحثون عن قوت يومهم فى جبال القمامة.
كان التحول الجوهرى الذى فجر السخط الشعبى ضد نظام المخلوع مع بداية تحكم شلة جمال مبارك فى مقاليد الأمور بالبلاد وعلى رأسهم ذلك الاحتكارى القصير «أحمد عز» وبداية توغل سياسات الليبرالية الجديدة، فزادت معدلات احتكار السلع والخدمات وانطلق قطار الخصخصة بلا هوادة يحصد بفساد ممنهج ما تبقى من مقدرات هذا الشعب، وازدهر مشروع التوريث للنجل الأحمق الذى ظن أن هذا الوطن نصيبه فى تركة والده، ولكنها كانت قسمةً ضيزى لم تقبل بها الجماهير ولم تسمح بها.
ظل هذا الجيل يقاوم مبارك ونجله وعصابته من خلال زرع الحلم والأمل فى قلوب المصريين بقدرتهم على الانتصار، على خلع هذا الديكتاتور العجوز الذى يختبئ خلف آلة أمنية مرعبة ولكنها هشة فى نفس ذات الوقت، حتى جاءت اللحظة التى قرر فيها هذا الشعب العظيم أن يقرر مصيره، اللحظة التى قرر فيها فقراء هذا الوطن أن يخلقوا عالما جديدا أكثر عدلا من أجلهم ومن أجل الأجيال القادمة، قامت ثورة 25 يناير فكان شعارها «تغيير.. حرية.. عدالة اجتماعية.. كرامة إنسانية» شعار بليغ وعبقرى لخص معاناة المصريين عقوداً من الزمن أسيرة احتلال من جماعة من أبناء هذا الوطن.
∎ أحلام عاصرى الليمون
بدأت خطوات الثورة فى التعرقل منذ تولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة زمام الأمور، وحدث انتقال دراماتيكى للأحداث من هتاف الشعب بأسره «الجيش والشعب إيد واحدة» إلى «يسقط يسقط حكم العسكر، وبالطبع لم يكن هذا التحول من تلقاء نفسه فقد جاءت الفترة الانتقالية على أيادى المجلس العسكرى لتعبر عن أولى موجات «الثورة المضادة» وبدأت مظاهر القمع والسحل والقتل تعود من جديد للشارع المصرى فى مواجهة قوى حية ظلّت مُمسِكَة بجمر ثورتها رغم كل ما نالها.حتى أصبحت تركتهم ثقيلة للحد الذى عَجّل برحيلهم غير مأسوف عليهم، رحلوا وقد أتموا صفقة تولى الإخوان لمقاليد الحكم بالبلاد تحت رعاية أمريكية مقيتة، رحلوا وقد أنهوا طبختهم لوأد الحالة الثورية بوضعها أمام الاختيار بين «مرسى أو شفيق» بين «الماضى المُظلم والمستقبل الضائع».
تباينت مواقف الثوار والقوى الثورية بين اختيارين كلاهما مُر، وما بين المقاطعة أو انتخاب شفيق كان الصوت الأعلى ل «عاصرى الليمون» الذين قرروا أن يحلُموا من جديد بغد أفضل وأن يراهنوا على أن تلك الجماعة التى عاشت تحت الاضطهاد والتنكيل طيلة العقود المنصرمة لن تكون بأى حال أسوأ من إعادة إنتاج «مبارك جديد» قادم لتصفية حساب من ينتمى إليهم من تلك الثورة التى أطاحت بهم من عليين.
جاء مرسى فى مشهد مهيب بالتفاف واسع لقطاع عريض من القوى الثورية خلفه تأييدا له فى مواجهة عودة عقارب الساعة للوراء، ولكنه جاء وجاءت معه ومع جماعته رياح الموجة الثانية «للثورة المضادة» بكل عنفوانها.
∎ لا شرعية لرئيس تثور الجماهير عليه
منذ تولى الرئيس مرسى السلطة ونحن نسمع طنطنة فارغة ملأ أسماعنا بها شيوخ السلطان وقيادات جماعة الإخوان المسلمين، فضلا عن نخبتنا الليبرالية واليسارية الانتهازية التى تحاول أن تجد بإصلاحيتها المقيتة مكانا مميزا وسط المشهد السياسى الجديد الذى يُسلِمون فيه بسلطة الإخوان ويرغبون فقط بمقاسمتهم السلطة لا بتحقيق فعلى لآمال وطموحات الجماهير الثائرة والكادحين منهم تحديدا بغد أفضل يجدون فيه حياة كريمة.. لقمة عيش تسد الرمق وسكن آدمى، رعاية صحية وعمل شريف، غد لا يموتون فيه برصاص الشرطة وتحت عجلات قطار لا يرحم مَلّت قُضبانُه من دماء تتجرعها منذ عقود، غد لا ينتحر فيه عامل شاب بسيط أضرب عن العمل ليسترد حقه فى أن يعيش هو وأسرته البسيطة حياة كريمة ولم يسمع له أحد، غد لا ينتظر فيه أطفال هذا الوطن أن يتم اغتيالهم بثياب المدرسة، غد يثورون فيه ويدفعون فداء ثورتهم دماء غالية ولا يستطيع أحد سرقة أحلامهم البسيطة وتحويلها لكابوس من أجل تحقيق مصلحة ضيقة.
مطالب الثورة بسيطة وتحقيقها لا يحتاج أى عناء من سلطة تنحاز لهذه الثورة وأهدافها، سلطة تنحاز للفقراء فى هذا الوطن لا تنحاز لعشيرتها فقط، سلطة تستعيد حق الدماء التى راحت من أجل الحرية والعدالة، سلطة تخلق دولة تعمل كل يوم من أجل تعويض بسطاء هذا الوطن عن معاناة عقود مضت من الفقر والجوع والمرض والتهميش والقمع والتعذيب والاستبداد.
ثورة يناير العظيمة هتفت من أجل هؤلاء فجاءت ثورة يناير لتعيد اضطهاد هؤلاء من جديد وتزيد من غُربتهم فى بلدهم الذى حاولوا بثورتهم استعادته لهم ومن أجلهم، سلطة لا تحاكم الفقراء من جديد أمام المحاكمات العسكرية لأنهم يدافعون عن حقهم فى أرضهم دفاعا عن حقهم فى الحياة، سلطة لا تقترض من جديد على حساب مزيد من إفقارهم وتجويعهم.
إن الحديث عن أن إسقاط رئيس شرعى منتخب - لا يضمن لهذه الجماهير أبسط الأهداف التى ثارت من أجلها - «جريمة» هو محض افتراء، فأبسط قواعد ومحددات الشرعية هو الرضاء الشعبى فإن غاب الرضا الشعبى وسقطت الدماء فقدت أى سلطة منتخبة بالصناديق أى شرعية، فأى صناديق تبيح إراقة الدماء من حق الجماهير الإطاحة بمخرجاتها، أى صناديق تبيح إفقار وتجويع الناس من حقهم أن يثوروا عليها، أى صناديق تبيح لمصر الثورة أن تغازل الصهاينة وتستلقى من جديد فى أحضان الأمريكان تذهب للجحيم، أى صناديق تبيح لأصحابها تقسيم هذا الوطن بين مؤمنين وكفار، مسلمين ومسيحيين، رجالاً ونساء وتتصالح مع الفساد وتكرم قتلة الثوار وتتآمر معهم لسرقة الثورة من حق الجماهير أن تنزع عنها أى شرعية مشوهة تحتمى بها.
∎ ولسه جوا القلب أمل
ستخرج الجماهير قريبا لاستكمال ثورتهم بل لاستعادتها وتصحيح مسارها وإرجاعها لأصحابها وليس لعمل ثورة جديدة، ستخرج الجماهير لتستكمل القضاء على دولة مبارك وإزالة كل مخلفاتها فى الحقل السياسى، كما ستطيح بمن تآمروا عليها تحقيقا لمصالح أهلهم وعشيرتهم، فالثورة لا تتحالف مع أعدائها أيا كانت ثيابهم جلباب وذقن أم بدلة وسيجار.
الشعب يريد إسقاط النظام.. هتاف ستهتفه الجماهير مرة أخرى ولكن لفقراء هذا الوطن هذه المرة كلمة سيضعون لمساتها فى مواجهة السلطة التى تصر كل يوم على إفقارهم وإهمالهم وتهميشهم، وحينما يتكلم الفقراء فلا صوت يعلو فوق إرادتهم، الجميع يتحدثون عن ثورة الجياع رُعبا منهم لأنهم يعلمون أنها لا تعرف أنصاف الحلول، يصفونها بالفوضى لأنها تخلق عالما جديدا من أجلهم لن يستطيع أحد سرقته منهم بكلمات معسولة من نخب مدنية مرموقة أو حديث عن الجنة والنار من شيوخ أبعد عن الدين بُعد هؤلاء الفقراء عن قصورهم وعربياته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.