حمدين: لن أسمح بتحوّل معركتي الانتخابية لصدام بين القوى الثورية والجيش.. وسنبني مصر بشعار «الجيش والشعب ايد واحدة» حين تمس حماس أمن مصر فإنها تخون القضية الفلسطينية.. وعليها ألا تكرر خطيئة «الإخوان» في الانتصار للجماعة على حساب الدولة حملتي الانتخابية لم تتشكل بعد.. ومؤمن بشعار جمال عبد الناصر «القتال شرف والاقتتال جريمة».. وزيارة السيسي لروسيا «ناجحة جدا» اعتبر حمدين صباحي، المرشح المحتمل للرئاسة، أن المنافسة بينه وبين المشير عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع، في الانتخابات الرئاسية المقبلة، ستكون بين الحسن والأحسن، قبل أن يستدرك قائلا: «أتمنى أن أكون الحسن», وأكد صباحي خلال لقائه في «صالون التحرير» مع الكاتب الصحفي والإعلامي عبد الله السناوي على فضائية التحرير، أنه لن يسمح بتحوّل معركته الانتخابية لصدام بين القوى الثورية والجيش، داعيا المشير في الوقت نفسه، إلى مناظرة علنية في سياق منافستهما في الانتخابات الرئاسية المقبلة. وحضر اللقاء الروائي الكبير صنع الله إبراهيم والكاتب الصحفي عماد الدين حسين رئيس تحرير جريدة الشروق، والمنتج السينمائي محمد العدل، ومحمد عبد العزيز أحد مؤسسي حركة "تمرد"، والدكتورة نيفين مسعد أستاذة العلوم السياسية بجامعة القاهرة ومديرة معهد البحوث والدراسات العربية التابع لجامعة الدول العربية. وبدأ الكاتب الصحفي عبد الله السناوي الحلقة بتوجيه سؤال مباشر لصباحي عن أوجه التنافس الحقيقي بينه وبين المشير عبد الفتاح السيسي في سباق الرئاسة في ظل التقارب الكبير بينهما في الأفكار والتصورات، مما يجعل السباق أكثر صعوبة، لافتا إلى تعبير حمدين عن هذه المنافسة بعبارته بأنها "منافسة بين الحسن والأحسن". ورد صباحي ضاحكا: "أرجو أن أكون أنا الحسن وأدعو لكل مصري وللمشير السيسي بأن يكون هو الأحسن". وردا على سؤال للسناوي عن موقفه من زيارة السيسي لروسيا وإبرام صفقة عسكرية تقدر قيمتها ب3 مليارات دولار، ورؤيته لتصريحات بوتين بشأن دعمه لترشح وزير الدفاع للرئاسة ومدى تأثيرها على حملته الانتخابية، قال صباحي: "رحبت بهذه الزيارة واعتبرتها خطوة لتصحيح دور مصر لأنها في حاجة لاتزان وتعدد الأقطاب، فلم يعد هناك معنى يكون أن دورها في العالم مرتهن بالتبعية لقطب من الأقطاب، نحن نريد ألا ننتقل من قطب إلى آخر، أرى أن دور مصر يجب أن يقوم على علاقات متكافئة فيها ندية وودية وتعبر عن القيم التي تليق بمصر وموروثها الحضاري بما يؤكد المصالح المصرية والعربية". ووصف صباحي الزيارة بأنها "ناجحة جدا وتعيد ترتيب علاقات مصر، بدلا من أن تكون مائلة غربا لتتزن وتعتدل"، وأشار إلى حاجة العلاقات المصرية الخارجية إلى "التطوير بحيث تشمل الصين والهند مع تعزيز دورنا العربي والإفريقي فضلا عن العلاقة مع الدول الناهضة في أمريكا اللاتينية". وردا على تصريحات بوتين، قال صباحي: "أثق أن الشعب وحده صاحب قرار اختيار رئيسه، وهذه التصريحات نوع من المجاملات التي كنت أفضل ألا يعلن عنها. وتوجه السناوي للدكتورة نيفين مسعد بالسؤال عن دلالات زيارة السيسي لروسيا، وحسابات موسكو إزاء مصر، فقالت :"الزيارة تؤكد استقلالية الإرادة الوطنية خاصة مع تصريح سفير مصر في روسيا بأنه لن يحل قطب محل آخر". وعن صفقة الأسلحة، قالت: "الصفقة تتجاوز مجرد أسلحة مصدرة إلى مصر وهي متنوعة وضخمة صواريخ أرض جو، فهي تشمل لأول مرة استضافة الضباط المصريين في روسيا وإجراء مناورات مشتركة للتدريب على الأسلحة الجديدة". من جهته، تحدث الروائي الكبير صنع الله إبراهيم عن فكرة "التبعية" وإمكانية التحرر منها، انطلاقا من أعماله الأدبية التي ناقشتها قائلا: "من الممكن وقف مسلسل التبعية الممتد منذ عقود، وإلا ما استطاع المشير السيسي زيارة روسيا". وتطرق إبراهيم إلى التعبير الذي ورد على لسان صباحي في وصفه ووصف منافسه السيسي بعبارة "الحسن والأحسن"، وأضاف :" أري مرشحين اثنين، أحدهما له تاريخ سياسي ونضال ومواقف محددة وحاسمة دخل بسببها السجن، وآخر معرفش حاجة عنه أو تاريخه السياسي رغم أهمية موقفه في 30 يونيو، وأرى أنه لا يمكن أن ينجح حمدين كرئيس دون دعم المؤسسة العسكرية، والسيسي لن ينجح كرئيس دون دعم حمدين والقوى السياسية، وبالتالي أهمية ترشح حمدين أنه يؤكد وجود حيوية وعملية سياسية، وفيما يتعلق بالتبعية للأمريكان فأعتقد أن المؤسسة العسكرية بالتحديد تعرضت من أول يوم بعد حرب أكتوبر لعملية تخريب وتغيير العقيدة السياسية والقتالية وتم فتح باب نشاط اقتصادي أمام أفرادها ولابد أن يؤخذ هذا في الاعتبار، وما حدث من تغيير لكيان المؤسسة العظيمة التي نفتخر بها، لا أقدر المغامرة على مستقبل مجهول، في النهاية أرى أننا بصدد صيغة ما بأن أختار الاثنين من خلال فريق رئاسي مثلا". وعاود السناوي توجيه الأسئلة لصباحي، عن العلاقة مع حماس في غزة وحق مصر في الحفاظ على أمنها وحاجة الفلسطينين ل"التنفس" في غزة، ورد صباحي قائلا: «على مصر وشعبها وقواها الحية أن تستعيد مصر دورها وهذا الدور مفتقد جدا في الحالة العربية، وأؤكد على أن فلسطين قلب الأمن العربي، وأنا واحد من الناس ارتبط وعيه وتكوينه واحلامه بتحرير فلسطين والقدس، هذا الحلم اعتقد انه كل شوية بيبعد عننا أوي لغاية ما ننساه، فلسطين لابد أن تظل في قلب أمتها، لا يمكن أن أتفهم على أي نحو أي إساءة لمصر وأمنها إلا أنها إساءة مباشرة لفلسطين، حماس تمتعت، عن استحقاق، بتأييد كل المصريين في السابق لكن عندما تمس حماس أمن مصر، فإنها تخون القضية الفلسطينية وتخرج عن ثوابت القضية والأمة العربية، اي من يعرض امن مصر للخطر فانه بذلك يحول سلاحه من الاتجاه المقدس ضد الصهاينة ليوجه الي صدره كفلسطيني. وتابع حمدين: «الخطيئة التي وقعت فيها جماعة الإخوان، أنها فضلت مشروع الجماعة على مشروع المجتمع، لا أريد لحماس أن تكرر ذلك، وأن تنتصر لحماس على حساب الشعب الفلسطيني، فقضية فلسطين جوهرية تحتاج مصر أن تأخذ موقف جاد إزاءها عندما تستعيد عافيتها ببناء الدولة الديمقراطية الوطنية العادلة وأن تستعيد دورها. وحول الملف السوري، قال صباحي: أرى أنه إذا سمحت مصر بتقسيم سوريا أرضا أو شعبا، فإنها تكون تفرط في أمنها، وعلى مصر حماية سوريا ضد أي عدوان أجنبي وألا تسمح أن تكون سوريا مستهدفة كما كانت". وتابع صباحي: «عاوزين نساعد سوريا بأن ننتمي لحلم شعبها مش لحكومتها ودولتها لحلم الشعب السوري بإقامة دولة وطنية ديمقراطية، ويجب أولا وقف إراقة الدم السوري على يد السلطة أو العصابات الإجرامية المسلحة التي سرقت الثورة السورية لمجموعة من المنتمين لفكرة تكفيرية، بحيث يقتلون ويحملون السلاح لا من أجل سوريا وإنما من اجل مصالحهم». وأضاف: «هناك حرب إقليمية تدور على أرض سوريا، وأنا سعيد أن مصر الآن منتبهة مع سوريا، وأريد لمصر أن تبقى مع الشعوب وليس مع جماعة او حزب او تنظيم، فالمخاطر المحدقة بنا الآن تمتد جنوبا في السودان وغربا في ليبيا التي تعيش في فوضى دون حكومة ومن صالح مصر أن هذا المخيط المتفجر من حولها يستقر وامتداده يعبر عما أدعو إليه إلي عروبة جديدة تبني صالح الأمة، وتصون مصالحها ومشروعنا في مصر دولة معبرة عن إرادة الناس». من جانبه، تحدث رئيس تحرير جريدة الشروق عماد الدين حسين، وقال: «أتمنى شخصيا أن المعركة الانتخابية في سباق الرئاسة تستمر كما هي، مهم جدا التنافس السياسي، وان يكون هناك تعاون بين المرشحين بعد المعركة، فمصر لا يجب أن تخسر صباحي». وتحدث حسين عن زيارته لأوروبا مع وزير الخارجية مؤخرا، قائلا: «رافقت وزير الخارجية لأوروبا الغربية، وزرنا قبلها الدنمرك وهولندا، وللأسف علاقتنا بالدول الأوروبية تمضي من سنوات على طريقة أننا الطرف الذي يتلقى المساعدات، وللأسف أيضا فقد خسرنا المعركة الإعلامية تماما في أوروبا، فهناك نشاط من الاخوان والجالية التركية والدور القطري، هناك صورة سيئة جدا". والتقط المرشح الرئاسي حمدين صباحي خيط الحديث قائلا: «الوطن لن يقوم إلا على شراكة حقيقية تجمع القوى الشعبية التي آمنت بالثورة وشاركت في الثورة بموجتيها، وكل من شارك فيها أيا كان مصدره الفكري يبنغي أن يكون في برنامج شراكة وطنية حقيقة مابين الشعب والقوى الشعبية والدولة وفي قلبها الجيش، هذه الشراكة يجب ان تقوم على عقد واضح ليس من حق أحد أن يكتبه إلا بدم الشهداء والمتظاهرين والمصابين الذين هتفوا للحرية والعدالة والكرامة». وأضاف: «المعركة الانتخابية في السباق الرئاسي هي معركة أخلاقية، وفي هذه الانتخابات نريد أن نؤسس لتنافس لا يتحول إلي صراع أو عداوة أو مشتمة وده بالغ الأهمية لتأسيس ديمقراطية تشبه الأخلاق المصرية»، مؤكدا سنبني مصر عبر «هتاف الجيش والعشب إيد واحدة» الذي أسقطنا به مبارك ومرسي، ولن اسمح بأن تتحول المعركة الي فصام بين القوى الثورية والجيش. وأضاف المرشح الرئاسي: حملتي الرسمية لم تتشكل حتى الآن، وحين سأعلن رسميا ترشحي، سيرافق الإعلان ميثاق شرف لهذه الحملة الانتخابية، أعلن فيه التزامي بما اعتقد انه ميثاق شرف ملزم يؤسس لضمانة أخلاقية ووطنية المعركة، وألا تنحرف لصراع وألا تكون لاستنزاف القوى خارج حدود الخلاف المطلوب، فأنا مؤمن بمقولة الزعيم جمال عبد الناصر بأن القتال شرف والاقتتال جريمة. بدوره، أعلن الدكتور محمد العدل، المنتج السينمائي، تأييده لصباحي قائلا: "حمدين يسبقه تاريخ، والمرشح الآخر له مواقف جيدة ورائعة، لكنه صندوق مصمت بالنسبة لنا لم نعرفه إلا في 30 يونيو، لأرى هذا الصندوق لابد أن يقدم كل واحد منهما رجاله حال فوزه في الانتخابات، أراهن على حمدين بغض النظر عن نضاله، فأنا أعرف توجهاته بالنسبة لفقراء هذا الوطن، وأتمنى أن المشير السيسي بمجرد إعلان ترشحه يبقى اسمه السيد عبد الفتاح السيسي، وألا يكون مرتبطا بالمؤسسة العسكرية واعرف أني أناد بوادٍ، لأنه دون حدوث هذا فان نجاح عبد الفتاح سينقل للمؤسسة العسكرية وفشله سينقل لها، وعلى الجيش أن ينحي بنفسه عن ذلك ليتحول التنافس إلي عبد الفتاح ينافس حمدين، ففكرة مواجهة الثورة ومؤسسات الدولة قصاد بعض شيء مضر". وانتقد العدل الأوضاع الحالية قائلا: «هناك حالات احتجاز كثيرة، هل هذا يدل على أن الناس هتعيش كدة ولا دي فترة انتقالية؟! انا براهن على انحيازات حمدين صباحي لأني مشفتش الانحيازات الاخري». انتقل الحوار بعد ذلك إلى بواعث القلق لدى الشباب، ووجه السناوي سؤالا لمحمد عبد العزيز قال فيه: ما هي مصادر القلق عند الأجيال الجديدة؟ فقال عبد العزيز: "القلق في تقديرنا حالة من حالات الرؤية الضبابية، فليس هذا هو الواقع الأمثل الذي تحلم به مصر بعد 25 يناير و30 يونيو، فكيف تصدر تصريحات عن تصالح الدولة مع حسين سالم وأحمد دومة في السجن، كيف تتصالح الدولة مع وجه أساسي من نظام مبارك وليس لديها استعداد لاحتواء أفكار زي أحمد دومة، الأمن والحرية لا ينفصلان. وتابع أن المشهد الحالي يتمثل في أن البلد داخلة في مواجهة أمنية، لكن المواجهة الفكرية غائبة، وأنا واحد من اللي كتبوا الدستور، وأفهم أن يكون معيار الوطنية أن تشارك في الاستفتاء، لكن لا أفهم أن يكون معيار الوطنية هو التصويت بنعم، وأن يتم القبض على شباب توزع دعاية تدعو للتصويت بلا، أحادية من ليس معنا هو ضدنا ده سبب القلق". وأعاد سناوي الحوار إلى صباحي، ليتحدث عن منافسته للمشير السيسي قائلا: «حريص على هذا التنافس فهو جزء من آليات ألا تكون قطيعة بين المرشحين، وأن يكون تنافسا ايجابيا على رؤى وبرامج وطريقة تفكير وانحيازات وهذا يلائمه لقاء جاد مع كل مرشح، فكرتي في ميثاق الشرف أن أدعو لتشكيل لجنة قيم تضم أعضاء عن كل مرشح، وأنا شخصيا لدى انطباع عن السيسي بأنه رجل وطني وأتمنى له كل خير، فقد لعب دورا أوصله إلى مكان تاريخي، وأفضل طريقة للحفاظ عليه أن يبقي في مكانه، أما وإن قرر، بضغوط من حوله، فأنا حريص على أن تكون المعركة الرئاسية مباراة جادة بمعني الكلمة، وأرى أن نتائجها ليست محسومة كما يظن كثير من المحللين». وزاد صباحي: «إيماني بالشعب وبالله علمني أن الشعب قادر على الاختيار، هذا الشعب سيختار وفقا لإرادته الفطرية وخبرته التاريخية، وهذا الشعب يبحث عن مرشح يشبه برنامجه ويقدر يصدقه، والسؤال: هل نريد دولة يخدمها الشعب أم نريد دولة تخدم الشعب، جزء من معاني ترشحي أنني واثق أن الاختيار صحيح بعد هذه الثورة، أن ننشئ دولة تخدم الشعب». وتطرق الحوار إلى اللقاء الذي جمع بين صباحي والسيسي، قبيل إقرار الحد الأدنى للأجور، وقال صباحي: "اللقاء كان طيبا، سمع السيسي مني باهتمام، فهو قادر ان يستمع ويتفاهم ويقرر بشأن العدالة الاجتماعية، وكانت الحكومة تقول إن الميزانية لاتسمح بحد أدني 1200 جنيه، وبعد لقائي معه تم إقرار الحد الأدني بهذا الرقم". ونفى صباحي أن يكون صدر عنه في أي يوم أنه لن يترشح لو ترشح المشير السيسي للرئاسة، وقال: "طرحت رؤية عن الشراكة وسأظل أطرحها، وأطالب بالتزام حقيقي بأهداف الثورة، وببلد ديمقراطي تلعب فيه الأجيال الجديدة دورها". ورأى صباحي أن مصر مؤهلة لإحداث "نمو هائل في الاقتصاد المصري بشرطة أن يتم توزيع عائده بالعدل وفق خطط فنية مدروسة بعقول ولاد مصر، مضيفا: لا بديل عن ضرائب تصاعدية حقيقية، ولابد من نظرة جادة لقضية الدعم، وكل دعم للفقراء سأدافع عنه وأزوده وكل دعم للأغنياء لن يستمر وسيتم توفير ثلثي الدعم، فأنا لا افهم إزاي البطاقة المدعومة تعطي للمصانع كثيفة الاستخدام للطاقة التي تبيع منتجاتها بالسعر العالمي، دي سرقة علنية لموارد الشعب المصري". وردا على سؤال عن الدولة العميقة ومدى خشيته منها حال فوزه، أجاب: «أخشى من الدولة العميقة لكن أريد أن أتفادى الصدام معها» وقال: «مش هجيب شباب التحرير أقولهم امسكوا البلد.. لكن هجيبهم قصر الاتحادية». كما انتقد صباحي بشدة استمرار احتجاز شباب الثورة ومشهد السيدة التي وضعت طفلتها وهي رهن الاحتجاز، واختتم صباحي حديثه بالقول :" لابد من الإفراج عن أبناء الثورة من السجون ووقف كل أشكال المعاملة غير اللائقة مع أي سجين، ومن الممكن أن أشارك مع المشير عبد الفتاح السيسي في عمل مشترك عن العدالة الاجتماعية لكن أعتقد أن مشروعي سيكون أقرب للناس".