اختراق تونس بقاعدتين أمريكتين.. والرياض تتآمر على اليمن.. والسودان ينجو من الربيع بتسليم الجنوب.. وليبيا مقسمة فعليًا والجزائر تلتزم بالتقية «كنعان»: النظام المصري يعيش مرحلة الدوران حول الذات ولا يحقق تقدمًا بسبب الدولة العميقة ورجال الأعمال والمال الخليجي التمويل السعودي يهدف لمنع إقامة اقتصاد وطني غير تابع وعدم مراجعة كامب ديفيد وهي التزامات مرسي للأمريكان الإعلام العربي تجاوز دور قيادة الجماهير لتحريك وتوجيه الجيوش.. وقطر تخرب الثقافة العربية بقيادة عزمي بشارة أصدر مجلس تحرير مجلة «كنعان» الفلسطينية، تقريرًا مفصلًا ومطولًا، عن الشأن العربي السياسي، مؤكدًا أن العالم العربي شهد ملامح تفكك وزعزعة جلية، تمثلت في انتقال الصهيونية العربية للإعلان عن نفسها واصطفافها إلى جانب وفي خدمة الكيان الصهيوني بما في ذلك تبرير يهودية الدولة الصهيونية، وعلى رأس هذه الصهيونية العربية يقف حكام السعودية وقطر. وانكشاف تنظيم القاعدة عن كونه ابتكارًا أمريكيًا وبتمويل وتجنيد سعودي، وتنظيمًا إرهابيًا معولماً، على حد قول التقرير. وأكد تقرير الدورية، التي يرأس تحريرها المفكر الفلسطيني عادل سمارة، أن حراك 30 يونيو أدى إلى نقل الحراك أو إرهاصات الثورة في مصر خطوة أخرى إلى الأمام يمكن تكثيف إنجازاتها الأساسية في: وقف مد أنظمة وقوى الدين السياسي المدعومة بتحالفها مع الإمبريالية الغربية. وحسم مسألة انضمام «القاهرة» إلى دور الثورة المضادة في العدوان على «دمشق»، كماحال دون السيطرة الذكورية لنظام وقوى الدين السياسي على المرأة في مصر مما كان سيقود إلى إعادتها إلى البؤس الذي تعيشه المرأة في السعودية. ولفت إلى أن النظام المصري يعيش حتى الآن مرحلة الدوران على الذات، دون تحقيق تقدم على الصعيد الاجتماعي ومن ثم السياسي ثم القومي. صحيح أنه لا يعود إلى الوراء، ولكن لا تقدمًا يبدو على السطح. مشيرًا إلى أن أسباب العرقلة تكمن في سياسيي الدولة العميقة ومخابراتها أو الرأسمالية الطفيلية والكمبرادور وخاصة رجال الأعمال، إضافة إلى الكثير من الليبراليين الذين يريدون مصر أمريكية، وجميع هؤلاء مع تكريس كامب ديفيد. وكشف التقرير أن ضخ المالي السعودي يهدف لمنع النظام بمصر من الاعتماد الذاتي في اجتراء تمويل محلي، والارتهان للمصرف الدولي. ومنع القيام بخطى اجتماعية طبقية لصالح الطبقات الشعبية عبر استرجاع القطاع العام وفرض ضرائب عالية على الطبقات الفاسدة والطفيلية، ومنع التفرغ لإعادة قراءة كامب ديفيد على ضوء دور مصر القيادي ضد العدو الصهيوني. والطريف أن هذه الممنوعات لا تختلف كثيراً عن ما التزم به نظام مرسي!! وأوضح التقرير انكشاف مأزق قوى الدين السياسي وفشلها في تلبية ما تعهدت به ضمن الاستراتيجيات الأميركية والغربية عامة في الوطن العربي، وانكشاف قوى شيوعية «التروتسكيين- بعد الجملة الثورية» وليبرالية أن مرجعيتها هي الثورة المضادة بلا مواربة، مشيراً إلى ما أسماه ب«انكشاف الطابور السادس الثقافي على صعيد عربي». وبيّن تقرير الدورية التي تصدر من «الضفة الغربية»، أنه لا بد من الإشارة إلى أن هذا نعسكر الممانعة الذي أثبت بدوره أن الوطن العربي في حالة صراع بين: «قوى الثورة المضادة» و«قوى المقاومة والممانعة»، مشيرًا إلى أن الإعلام أصبح «إعلام الإعماء» بدلا من أن يتحول إلى أداة تنوير الناس وتثويرهم، وتجاوز الإعلام دور القيادة للجماهير إلى تحريك وتوجيه الجيوش. وكشف التقرير أن فلسطينالمحتلة خسرت «وإن مؤقتًا» لموقف الحواضر والجيوش العربية الرئيسية بغداد ودمشقوالقاهرة نظرًا لمأزوميتها.وانعكاس هذا كقوة بالمقابل للكيان الصهيوني سواء في مواصلة توسع نهب الأرض وتأزيم الاقتصاد ليحقق اقتطاع الأرض ورحيل أكبر عدد من الفلسطينيين يمكنه الرحيل. آخر طبعات هذا قرار ضم الأغوار كسور حاجز بين الأردنوفلسطين. فضلًا عن توسع الكيان في البنية التحتية «قناة البحرين» كتعويض عن منعه من على يد المقاومة عن التوسع الجغرافي،وتواصل مفاوضات لم ترق عن كونها غطاء لتمرير تهويد كامل فلسطين بغض النظر عن تعدد التفسيرات. وإعلان السعودية عن اصطفافها إلى جانب الكيان الصهيوني وهو اصطفاف وجهه المعلن ضد إيران وجوهره تصفية سوريا خدمة للكيان ولمواجهة القومية العربية. وفيما يخص سوريا «الحالة العربية الأكثر إشكالية» فقد كسب النظام معارك إعلامية، بتوسيع القاعدة الشعبية للنظام السوري محليًا وعربيًا. كما أحرزالجيش العربي السوري نقاط انتصار، ولو جزئية. وسيطرة حالة هدوء اقتصادي بدء مع الربع الأخير من عام 2013، بجانب حسم حصول مؤتمر جنيف. مشددًا على أن ما يجب فعله من أجله؛ هو هوية سوريا الغد. الأمر الذي يعني شغل ونضال يقارب النضال المسلح لتنظيف سوريا، لتصبح سوريا قاعدة عروبية للمانعة. وردّت «كنعان» ما تسميه ب«أكاذيب» صادق جلال العظم القائل إن تقسيم العراق ليس واردًا. فالصراع على السلطة لا يأخذ شكلاً وطنيًا بقدر ما هو طائفي. والتغذية الخليجية لهذا الاصطفاف تسير على قدم وساق من الدولار إلى السيارة المفخخة إلى المفخخ نفسه، مشيرة إلى أن الأكثر سوءًا، «حرب المذهبية» بين النظام الحاكم وفصائل من حزب البعث. وفيما يخص الدور القطري، قالت «كنعان»: شهدت حركات الوطن العربي انكشاف واتساع دور قطر بشكل مفاجىء. وغطى الحراك الشعبي العربي في تونس وفي مصر على دور قطر والسعودية في لبيبا وغزوها بقيادة الناتو. فسقطت ليبيا لأن نظام القذافي لم يكن متماسكًا لا اجتماعيًا ولا عسكريًا، ولأن روسيا والصين تواطئتا أو تخاذلتا أو خُدعتا فاقرفتا توكيل مجلس الأمن باحتلال ليبيا. كما بدا يتضح توكيل قطر بدور جديد هو تخريب الثقافة العربية. وهو الدور المناط بفتى الموساد عزمي بشارة الذي بدأ في انسحاب تدريجي عن شاشات التنظير لصالح توظيف تمويل مفتوح لإقامة معهد سيتحول إلى جامعة لتخريب الثقافة العربية باسم الثقافة العربية. فيما حافظت عائلة آل سعود على مستوى من كتمان دورها لعقود طويلة، حسب «التقرير» ساعدها في ذلك توفر ثروة هائلة لرشوة حتى القوى الثورية العربية وخاصة بعد هزيمة 1967 التي كان للسعودية نفسها دور المحفز لتدمير مصر الناصرية، وربما لم يشهد التاريخ نظامًا أمعن في تبديد الثروات كنظام آل سعود بين تمويل الثورة المضادة ضد ثوار التاميل في سيرلنكا وضد الساندينستا في نياكاراغوا وغيرهما، وبين تشكيل منظمة القاعدة انتقلت السعودية نقلة شديدة الخطورة حيث صار لها جيش إرهاب معولم وبأعداد لا تُحصى، وكان ارتفاع أسعار النفط عامل تعظيم وتسهيل لهذا الدور. وعليه، حد قول دورية «كنعان» تقوم السعودية بتنفيذ مخطط دموي أمريكي صهيوني لتفتيت الوطن العربي بأسره إلى ولايات صغيرة تحكمها قوى الوهابية وتقتتل فيما بينها. وهذا ما يفسر الإصرار الأمريكي السعودي الصهيوني على تدمير سوريا تحت مزاعم المذهبية والدمقرطة وغيرها. فيما لم يمر الربيع العربي بالسودان، لما قرره نظام الدين السياسي هناك التضحية بالجنوب لقاء البقاء في السلطة مما يؤكد أن أنظمة وقوى الدين السياسي لا تؤمن بوطن بل بسلطة. أما اليمن فتمكنت السعودية بإدارة أمريكية من إقصاء علي عبد الله صالح كي تلجم الحراك الشعبي اليمني والذي كما يبدو كان بالإضافة للبحرين هو الأكثر نقاءً والأقل اختراقاً من عملاء الغرب لكن اتضح أن التوليفة الجديدة لم تخلق استقرارًا في اليمن، وهو الأمر الذي فتح شهية الولاياتالمتحدة على تحريك تيارات سلفية في اليمن للصراع مع الحوثيين على أرضية مذهبية من أجل إهلاك اليمن كي لا يشكل لا تهديدًا لها ولا تجربة في السياسة هي متقدمة على السعودية رغم بؤس الأوضاع اليمنية. وتجربة الحراك في تونس عززت لدى مجلس تحرير «كنعان» من قناعته أن الثورة المضادة موجودة للثورة بالمرصاد، وفي مناخ القُطرية، لم يبق للشعب العربي في تونس سوى أن ينهض مجددًا، حيث إن تونس يُخترق بقاعدتين عسكريتين للإمبريالية الأمريكية. ومشكلة ليبيا ليس فقط أنها منهوبة، ولكنها مقسمة فعلا من جهة ومن جهة ثانية هي معسكرًا لتدريب وتوزيع السلاح والإرهاب. وفوق ذلك هي خاصرة خطرة لمصر والجزائر وحتى تونس. فيما تبدو الحالة الجزائر مختلفة. إلا أن مؤشرات الجزائر الاجتماعية تشير إلى تناقض واضح بين الإمكانات وبين السياسات الداخلية. فالحديث عن 250 مليار دولار من الفائض يتناقض صراحة مع بطالة عالية وفقر موسع مما يخلق تكرار مناخات الإرهاب الذي كان ثمنه باهظًا، ما جعلها تلتزم الجزائر درجة من التقية ودرجة من الحياد الإيجابي تجاه العدوان على ليبيا، وكررت ذلك تجاه سوريا، مع أن ما يستحقه تاريخ الجزائر أن تكون أكثر فاعلية وأشد دورًا.