هل بعض المهن مخجلة ؟ ،وهل الصحافة من تلك المهن الغير شريفة ؟، هكذا يتعامل بعض اصحاب الأقلام مع مهنتهم التي قيل عنها سابقاً "السلطة الرابعة"،والتي اصبح يتنصل منها الكثيرون طمعاً في التلميع الأعلامي، فيختارون القاب اخري لمهن وان جاز التعبير هي من مشتقات العمل الصحفي، فيعرف فولان نفسه علي انه ناقد فني ، محلل رياضي ، ناشط سياسي ، اعلامي، روائي، خبير سياسي، مثلما طفحت في وجهنا ماسورة ممن يسمون انفسهم "نشطاء سياسيين" بعد الثورة، طفحت في عالم الصحافة ماسورة اخري تسمي "اعلاميون ، ونقاد" من أصل صحفي. القاريء عادة لا يخدع ولا تهمه تلك الالقاب التي في معظمها ادعاءات يهدمها الأمر الواقع مع الوقت، ايا كان تصنيف الكاتب لذاته ما يحسم موقعه هو محتوي وقيمة العمل الذي يقدمه، والقاريء علي تعدد مستويات ثقافته وحده من يملك حق منح تلك الالقاب، ولا شك ان انتشار القنوات الفضائية الخاصة واتساع المساحة الزمنية في كل قناة اعطي الفرصة لعدد من الصحفيين للتحول من صحفي الي العمل وسط الكادر التليفزيوني، حتي اصبح الكثير منهم يبريء نفسه من مهنة الصحافة ،علي اعتبار ان العمل التليفزيوني يساهم بشكل اسرع في شهرة هذا الصحفي او ذاك، ولم يعد بحاجة ان ينتظر خبطة صحفية او انفراد او حوار مع شخصية مثيرة للجدل حتي يشتهر، يكفي ان يحل ضيفاً علي احد البرامج التي لم نسمع عنها من قبل ويلصق صفة محلل كذا او خبير كذا وينشر اللقاء علي صفحته ليهلل له اصدقائه، "منور يا نجم" ، "برنس وربنا" ، "كنت دافن مواهبك في الصحافة"، او تلمع له الفرصة فيترك الصحافة من بابها ليكون مذيع او محاور توك شو، ومن يبتسم له الحظ اكثر من غيره يذهب للعمل في السينما ممثلاً أو مخرجاً ، هل الفيصل في هدم هذا الاتجاه او فتح مجال جديد يكون حقاً الموهبة او اكتشاف قدرات اكبر لم يستوعبها من قبل العمل في الصحافة، ربما ولكن ليست كل النماذج قادتها موهبتها الي النجاح، الكثير من هؤلاء المتحولون يدخلون الي العمل الصحفي لبناء شبكة علاقات تساعدهم علي تطوير ادائهم المهني او تغيير الاتجاه او البحث عن مكتشف او .. او .. الخ . سبب اخر سمعته في احد حوارات بعض الاصدقاء ممن يعملون في مجال الصحافة الفنية، عن نظرة الناس العادية لصحفيين اقسام الفن في الجرائد والمجلات، والتي تهبط الي ادني مستواها باعتبارهم يتعاملون مع وسط مفتوح علي ثقافة وفكر لا يهضمه الكثيرين في مجتمعنا،قد نجيز نظرة المجتمع رغم تحفظاتنا علي تعميم تلك النظرة المبتورة، لأنه كما يوجد صحفي مأجور يوجد ايضاً دكتور اغتصب مرضاه، و مهندس قاتل وسياسي خائن وموظف مرتش ومدرس بلا ضمير وضابط فاسد، لكن ان كانت تلك هي النظرة التي ينظر بها الصحفيين الي انفسهم والي زملائهم تلك هي المصيبة الأكبر ، كيف لصحفي لا يحترم مهنته ويقدرها، ان يطلب من القاريء ان يحترم ويصدق ما يقدمه له ؟؟ كما قال جيمس بورتر، الصحفي الكبير في شبكة بي بي سي "إن إظهار الشغف بالصحافة سيبرزك من بين الحشد"، في اوربا ان تكون صحافياً ليس بالأمر السهل،والأن اصبح العمل في الصحافة مجرد جواز مرور للعمل في الاعلام، الصحافة مهنة قاسية لمن يأخذها علي مأخذ الجد ،مهنة بها اثارة وشغف وترقب وبحث دائم وفضول مستمر، مهنة مربحه لمن يأخذها مأخذ الاتجار، ومهنة سيادية لمن يأخذها مأخذ السلطة، ومهنة انسانية لمن يعتبر ان ما يحمله قلمه وقلبه امانة يجب ان يؤديها الي اصحابها. الصحافة مهنة شريفة .. دعوة الي كل من يري الصحافة مهنة وضيعة تحتاج الي لقب اخر يجملها او يزيد من احترام الناس لها .. "روح دور علي شغلانه تانية"، الصحافة مهنة لا تقبل شريك.