1 يقول الخبر : انها أصعب موجة برد مرت بها مصر منذ 122 لكن كم مصري يا ترى عندها كان لا يملك مأوى . و لا غطاء كافى داخل بيته .. لا يملك ملابس ثقيلة كافية تحميه هو واولاده من البرد فيتمكنوا ببساطة من الغناء و الفرحة بالمطر ... كم الفارق!!.. و عندما يأتينا هذا البرد بعد 122 عام كيف يا ترى سيكون الحال في هذه البقعة التى يتراكم فوقها ملايين البشر!! تقوله الاسطورة : ان فتاة صغيرة خرجت بيوم شديد المطر و دعت الله ساجدة وسط المياه و الطين ان يشفى جدها من مرض السعال الذي يكاد ان يفتك به .. عادت الى البيت و البلل يحيط بها لكنه لم يمنع عنها صوت الخبر .. لقد مات الرجل .. لم تحزن بقدر ما كبرت ..و قررت ان تشقى و تعمل بجد و الا تتهاون فى حقها و الا تخرس فى وجه من يظلمها حتى لا يأكل السعال أنفاس صغارها و حتى لا تضطر حفيدتها الجميلة ان تجلس وحيدة باكية وسط الطين و البلل .. "متى تأتينا هذه الحكمة او يذيب المطر هذه القلوب التى من حجر ! ... 2 يقول الخبر: انه تم التقاط صور جميلة لم تشهدها مصر من قبل لصور أطفال مصريين صنعون رجل الثلج فى هذه المساحات الواسعة بمدينتى الرحاب و مدينتى مثلهم مثل أطفال اوروبا و كأن مصر بالفعل أصبحت قد الدنيا و كأن الخديو إسماعيل لا يحتاج ان يعود فقد أصبحت دون جهد جزء من أوروبا .. فلما نسمع احياناً انه بهذه القطعة من الأرض قد قامت ثورة !! و يقول الغياب: سأحدثكم عن مئات الصور .. عن هذا الطفل الحافي في مجرى المياه و الطين فى احد المجاري الطبيعية القادمة من فوق الجبل فخلقت حارتهم الصغيرة بمنشأة ناصر و الدويقة .. عن هذه الطفلة الصغيرة التى ينام على رجلها اخيا الصغير و ميثلون معاً الجيل الثالث من اطفال الشوارع، و تقول عيونهم لا نعلم شىء عن رجل الثلج او الثورة و لكن امثالنا ممن يسمون بالفقراء هم الوطن .. عن هؤلاء المتكدسون داخل الزنزانة الكئيبة و رغم تلاحق الانفاس إلا انها لم تسعف بعضها فالبرد يقتل و يهين و يقطم الأطراف فيغرق كل منه فى وحدته و هو يغمض عينه لعل الصباح يأتى .. شىء من الدفء يأتى .. و لا يؤنس كل هذه الوحشة كما قال الناشط الثورى مالك مصطفى غير صورة يستحضرها كل منهم لأمه لعلها تأتى .. تأتي و فقط. ... 3 يقول الخبر: ان 22سوريا، بينهم 9 أطفال، لقوا مصرعهم داخل مخيمات الإيواء بالأراضي السورية بسبب موجة البرد و يقول دويتو السخرية و الحسرة: الى متى سيموت أطفال العرب و لماذا يستعجل اباؤهم فى إحضارهم بهذا الشكل !! .. و إن كانت سوريا تعيش أوضاع أصعب من التى تعيشها مصر لكن ألا يمكن أن تتغاضى المؤسسات الدولية بعض الشىء عن هذه الفوراق و تضع مصر من ضمن مناطق الكوارث العالمية .. أن تأتى إلى هنا و لا تأبه بما سيقولونه لها عن السيادة و هيبة الدولة و تشرع فى عمل مخيمات إيواء و إغاثة لمشردي مصر ممن بالتأكيد مات كثير منهم خلال موجة البرد و لم يسمع عنهم احد .. فمن سيهتم بإحصاءات موتهم كما فعلت المؤسسة الدولية مع اطفال سوريا ؟.. لا بد أن ياتوا إذا .. او توفر الدولة العميقة او الغميقة وسائل إنتقال آدمية لمشردي مصر حتى يذهبوا هم إليهم!! .. 4 يقول الخبر: أن إعصار إليكسا قد اختار هذه السنة ان يتجه الى منطقة الشرق الوسط بإعتبارها المنطقة الأكثر سخونة فى تطور احداثها السياسية على مدار السنوات الماضية و تحتاج بعض البرودة. و يقول الربيع: كفاكم متاجرة بإسمى .. فالجميع قد اكتشف فداحة الموقف حتى إليسكا نفسه .. فكيف يمكن لى ان امضىء و انا اصدق هذه النبوءة !! .. ان أضع فوق جسدى هذه الثوب المزركش و انتظر احتفالات جديدة .. كفانى عبثاً و سخرية بنفسي .. ما اعرفه و يشبهنى فعلا هو شجر اللوز رغم الاحتلال .. زهور الباسمين رغم القتلى بالميادين .. لكن ان يجتمع اسمى فى جملة واحدة مع العرب !! .. 5 يقول الخبر: ان الأمطار قد استمرت فى الهطول على القاهرة و 7 محافظات لمدة 13 ساعة متواصلة و يقول الأطفال فى اجتماعاتهم الخاصة: ماما بتقول ان السما مخرومة لكن جدى قال لا ده بابا السما مفتوح عشان يوصل دعانا لربنا، طيب يعنى السما لما تفتح باباها لازم تنقط مية !! .. و ردت فتاة صغيرة كانت ترسم الشمس: هى ليه السما زعلانة اوى كدة !! .. بينما الأغلبية لم تكترث بكل هذه الفلسفات فهناك بطاطا فى الفرن لم تنشوى بعد و الجميع وراء الشباك ينتظر قوس قزح و يستعدون بأغانى عم خليل و يا مطرة رخى رخى و كل طفلة صغيرة تخاف ان يشير لها الصبيان الأشقياء بالقول "على قرعة بنت اختى". .. 6 يقول الخبر: ان ثمة علاقة كيمائية رصدها العلماء لكن لم يثبتوا سرها بعد بين الحب و المطر و تقول صديقتى الهائمة التى لم تنزل في هذا اليوم من المنزل: أريد ان أسير معه لساعات تحت المطر و هو يحتضن يدى .. . لا يحتضنى كلي .. اريد ان آكل معه البطاطا .. لا حمص الشام ثم طبقي بليلة .. سأبدو مفعوجة !! لكن المفروض انه يعرفنى جيدا و يحبنى كما انا .. أريد ان اجلس معه فى مكان دافىء بعيداً عن كل المتلصصين ممن يرفضون قصتنا و استمع لأغنية "ساعة المطر لوجيه عزيز" .. لا اريد ان اعيش معه الاغنية لا ان اسمعها، اريد شباك لمنزل يجمعنا و افتحه انا وهو امام الجميع ساعة المطر دون خوف او احساس بالخطر .. اريد أشياء كثيرة لكن افكر فى التخلي عنها جميعاً .. لا اعرف ان كان هذا خجلاً ان احلم بكل هذا بينما غيري يموت من البرد ام اننى اواسى نفسي و اتحايل عليها بسبب غيابه. .. 7 يقول الخبر : ان هذه الموجة غير معتادة فى المنطقة العربية و انه لم يتم إتخاذ الإجراءات اللازمةمن قبل الدولة رغم توقع هيئة الأرصاد لقدومها فالشوارع مغرقة بالمياه و عدد من البيوت القديمة قد تهدم و تقول القفشة : المصريون يعيشون على دروسهم المستفاة من التحايل على الواقع و مهادنته و السخرية منه بذات اللحظة طوال الوقت .. فهذا الرجل اقتطع جزء من شوال بلاستئك و من فوقه ثبت حلة الومنيوم و يجري ليلحق الأتوبيس تحت المطر و هو يقوله "اه طبعا ما انت الوحيد اللى مدفى، هى البلد دى ما تصرفش لكل واحد فينا ماتور فى السقعة"، اما هذه الفلاحة فرغم إنتشار الأفران الجاهزة و إجتياح فرن الغاز للبيوت فى الأرياف ، قررت ان الحل الوحيد هو إعادة الحياة للفرن البلدى القديم، وضعت الحطب و اشعلت ووضعت برام من الأرز و اللبن والسكر و بعد ان تعشى الجميع و اطفأت الفرن، قررت ان تحتضن الجميع الزوج و الاولاد و ان تربط البهائم فى مكان قريب حيث سينام الجميع فوق سطح الفرن، ووعدت نفسها بليلة مميزة هنية. .. .. 8 يقول الخبر : ان موجة البرد مستمرة فردت الثورة متحدية : وانا ايضا .. من اجل الأطفال و المشردين .. من اجل الأزواج المتكدرة من بعضها البعض و المتحابين .. من اجل من يسكنون فى الرحاب و الدويقة .. من اجل الربيع و الخريف .. انا هنا و بكم من اجل الحياة نفسها .. فشكراً للأستاذ أليسكا على هذا الحضور القصير الكريم.