تحل اليوم الأحد، الذكرى ال26 للانتفاضة الفلسطينية الأولى ضد الاحتلال الصهيوني، التي بدأت شعلتها في الثامن من ديسمبر 1987، حينما دهست شاحنة إسرائيلية من أشدود سيارة يركبها عمال فلسطينيون من جباليا، وهو الحادث الذي تسبب في مصرع 4 أشخاص وجرح آخرين، وسميت باسم "انتفاضة الحجارة" تكريما للأطفال والشباب الذين كانوا يلقون الحجارة على قوات الجيش الإسرائيلي. وعلى إثر ذلك أُشيع أن هذا الحادث كان عملية انتقام من والد أحد الإسرائيليين تم قتله قبل يومين من الحادث أثناء تسوقه في غزة، ما دفع الفلسطينيون للتشكك أن الحادث مدبرا، فاندلع احتجاج واسع أثناء تشييع جنازة القتلى وألقت الحشود المتظاهرة حينها الحجارة على موقع للجيش الإسرائيلي في جباليا، فرد عليهم جنود الاحتلال بإطلاق النيران لم تجبر الحشود على التراجع، ما دفع الجنود لطلب الدعم لإنقاذهم. وفي ثالث أيام الأحداث توجه رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك إسحاق رابين إلى نيويورك، وتكلف إسحاق شامير وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق بتولي مهمة التصدي للانتفاضة التي انتقلت بعدها إلى غزة ونابلس وبقية أنحاء الضفة الغربية، وكافة الأراضي الفلسطينية بعدها، وكان من تداعيات ذلك تأسيس حركة "حماس" بزعامة الشيخ أحمد ياسين. واتهم رابين عقب عودته من نيويورك كل من إيران وسوريا بالوقوف وراء اندلاع الانتفاضة، مناقضا تصريحات وزير دفاعه الذي اتهم منظمة التحرير بالتسبب في الأحداث، فيما هدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بعدها في كلمة له أمام الكنيست أن حكومته "ستفرض القانون والنظام في الأراضي المحتلة"، مضيفاً "سنكسر أيديهم وأرجلهم لو توجب ذلك". وبعد شهرين من اندلاع الانتفاضة نشر مصور إسرائيلي صورا لجنود يكسرون أذرع فلسطينيين عزل باستخدام الحجارة في نابلس تنفيذا لتهديدات رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك، مما زاد اشتعال الأحداث التي وصلت إلى ذروتها، فتصاعدت الأوضاع وتدخلت قوات حرس الحدود الإسرائيلية إلى جانب قوات الجيش لوأد الانتفاضة، واستخدمت إسرائيل كافة السبل المتاحة أمامها حينها لتنفيذ مخططها. وتسبب الانتفاضة في إعادة توحد القوى الفلسطينية من جديد حيث اتحدت لجان الحماية المسئولة عن تقديم الإعاشة والعناية بالمخيمات إلى هيئة تضم حركة فتح والجبهتين الشعبية والديمقراطية والحزب الشيوعي، وهي الهيئة التي كانت تربطها علاقات مع منظمة التحرير الفلسطينية التي كانت تتخذ تونس مقراً لها حينها. وبينما تتصاعد الأحداث شنت القوات الإسرائيلية حملة اعتقالات واسعة ضد الفلسطينيين من بينهم صحفيين مع حملات من التعذيب داخل سجونها لمنع وصول أخبار الانتفاضة إلى خارج الحدود، كما أغلقت الجامعات وفرضت العقوبات الاقتصادية وشرعت في بناء المستوطنات داخل الأراضي الفلسطينيين، وكان رد الشباب الفلسطيني حينها مواصلة الغضب الشعبي للثورة ضد جيش وحكومة الاحتلال. وطالبت الفضائل الفلسطينية حينها بإقامة الدولة الكاملة المستقلة وعاصمتها القدس، وتمكين الفلسطينيين من تقرير مصيرهم، مع تفكيك المستوطنات، وعودة اللاجئين دون قيد أو شرط، وتقوية الاقتصاد الفلسطيني تمهيدا للانفصال عن الاقتصاد الإسرائيلي. كما شملت المطالب الوطنية "إخلاء سبيل الأسرى الفلسطينيين والعرب من السجون الإسرائيلية، ووقف المحاكمات العسكرية الصورية والاعتقالات الإدارية السياسية والإبعاد والترحيل الفردي والجماعي للمواطنين والنشطاء الفلسطينيين، ولم شمل العائلات الفلسطينية بالداخل والخارج، ووقف فرض الضرائب الباهظة على المواطنين والتجار الفلسطينيين، ووقف حل هيئات الحكم المحلي المنتخبة من مجالس بلدية وقروية ولجان مخيمات. وشارك في الانتفاضة عرب 48 عبر تنظيم احتجاجات واسعة في الداخل، وتنظيم حملات للتبرع بالإعاشة والدم للمحتجين، وتعطيل الإجراءات التعسفية ضد الأسرى الفلسطينيين. وتواصلت تداعيات الانتفاضة حتى توقيع اتفاقية أوسلو 1993، وقدّر عدد الضحايا في الأحداث نحو 1,300 فلسطيني بينهم 240 طفلاً وعشرات الآلاف من الجرحى والمصابين وما يقارب 60 ألف معتقل، وفي الجانب الآخر لقي 160 إسرائيليّا مصرعهم . فيما كان من أبرز نتائح الانتفاضة الأولى اعتراف الولاياتالمتحدة وإسرائيل بالوجود الفلسطيني باعترافهم أن سكان الضفة الغربيةوالقدس وقطاع غزة على أنهم جزء من الشعب الفلسطيني وليسوا أردنيين، وعلى إثره أيضا تم التوصل لاتفاق أوسلو الذي أدى إلى انسحاب إسرائيلي تدريجي من المدن الفلسطينية، بداية من غزة وأريحا إلى باقي المدن عدا مدينتي القدس والخليل، فيما اعترف الرئيس الفلسطيني السابق ياسر عرفات على إثر ذلك بحق إسرائيل في الوجود والتخلي عن اللجوء للمقاومة مقابل التزام تل أبيب بإيجاد حل سلمي للنزاع، فيما اعترفت إسرائيل بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل الشعب الفلسطيني.