شتان بين الآلة التي يستخدمها الفلسطينيون وهي "الحجارة" وما يستخدمه الاحتلال الاسرائيلي من آلات متطورة في وجه الشعب الفلسطيني، فاليوم يمر 25 عاماً على الانتفاضة الفلسطينية الأولى أو ما عرف ب "انتفاضة الحجارة" ، والتي أطلق عليها هذا الاسم لأن الحجارة كانت الأداة الرئيسية فيها، كما عُرف الصغار من رماة الحجارة بأطفال الحجارة، فقد هب الشعب الفلسطيني منتصراً لكرامته، رافعاً شعار الحرية والتحرير في وجه الظلم والطغيان. والانتفاضة شكل من أشكال الاحتجاج العفوي الشعبي الفلسطيني على الوضع العام المزري بالمخيمات وعلى انتشار البطالة وإهانة الشعور القومي والقمع اليومي الذي تمارسه سلطات الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين.
فلقد فجرت الانتفاضة بركاناً من الغضب الشعبي العارم بعد مرور أربعين عام على الاحتلال، وعبرت عن طاقة مكبوتة كانت تنتظر لحظة انطلاقها، فصارت التضحية منهج حياة ، وقرر الشعب الفلسطيني أن يضع حداً "للإهانة" .
شرارة الانتفاضة
في الثامن من ديسمبر/ كانون الأول 1987 دهست شاحنة إسرائيلية يقودها إسرائيلي من أشدود سيارة يركبها عمال فلسطينيون من جباليا - البلد متوقفة في محطة وقود، مما أودى بحياة أربعة أشخاص وجرح آخرين ، وتم الاكتفاء حينها بإعلان الخبر دون أن تركز عليه لأنه كان عبارة عن حادث يشبه العديد من الحوادث المماثلة.
وأُشيع آنذاك أن هذا الحادث كان عملية انتقام من قبل والد أحد الإسرائيليين تم طعنه قبل يومين حتى الموت بينما كان يتسوق في غزة، فاعتبر الفلسطينيون أن الحادث هو عملية قتل متعمد.
وفي اليوم التالي وخلال جنازة الضحايا اندلع احتجاج عفوي قامت الحشود خلاله بإلقاء الحجارة على موقع للجيش الإسرائيلي بجباليا - البلد فقام الجنود بإطلاق النار دون أن يؤثر ذلك على الحشود.
وأمام ما تعرض له من وابل الحجارة طلب الجيش الإسرائيلي الدعم. وهو ما شكل أول شرارة للانتفاضة. ولكن هذه الحادثة كانت مجرد القشة التي قصمت ظهر البعير، لأن الانتفاضة اندلعت بعد ذلك بسبب تضافر عدة
ويُقدّر عدد الضحايا أثناء أحداث الانتفاضة الأولى على يد الجيش الإسرائيلي، 1300 فلسطيني.
ولكن إذا كانت الانتفاضة قد اندلعت بسبب قتل أربعة فلسطينيين، فإن هناك أسبابا عميقة لها منها عدم تقبل الاحتلال الإسرائيلي: حيث أن الشعب الفلسطيني لم يتقبل ما حدث له بعد حرب 1948، وبالذات التشريد والتهجير القسري وكونه يتعرّض لممارسات العنف المستمرّة والإهانات والأوضاع غير المستقرّة في المنطقة. علاوة على الجوّ العامّ المشحون والرغبة في عودة الأمور إلى نصابها قبل الاحتلال كما أن معظم شعوب العالم لم ترضى باحتلال قوّة أجنبيّة للأرض التي كانوا يعيشون عليها منذ آلاف السنين ، وتردّي الأوضاع الاقتصادية .
مطالب الانتفاضة
وسعى الفلسطينيون عبر الانتفاضة إلى تحقيق عدة أهداف يمكن تقسيمها إلى ثوابت فلسطينية ومطالب وطنية. ومن الثوابت الفلسطينية : إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس وتمكين الفلسطينيين من تقرير مصيره ، تفكيك المستوطنات ، وعودة اللاجئين دون قيد أو شرط، تقوية الاقتصاد الفلسطيني تمهيدا للانفصال عن الاقتصاد الإسرائيلي.
أما المطالب الوطنية فتتمثل في : إخلاء سبيل الأسرى الفلسطينيين والعرب من السجون الإسرائيلية، وقف المحاكمات العسكرية الصورية والاعتقالات الإدارية السياسية والإبعاد والترحيل الفردي والجماعي للمواطنين والنشطاء الفلسطينيين ، لم شمل العائلات الفلسطينية من الداخل والخارج ، وقف فرض الضرائب الباهظة على المواطنين والتجار الفلسطينيين ، وقف حل هيئات الحكم المحلي المنتخبة من مجالس بلدية وقروية ولجان مخيمات ، إتاحة المجال أمام تنظيم انتخابات محلية ديمقراطية للمؤسسات في البلاد ووقف ارتكاب ما يتعارض مع العادات الفلسطينية.
دور المرأة
وعلى عكس الاحتجاجات السابقة، فقد لعبت النساء الفلسطينيات دوراً بارزاً خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى، وكان دور ملفتاً للنظر ذلك الدور البارز، إذ لم يكن يخشين مواجهة الجيش الإسرائيلي أو دعم القضية الفلسطينية. وكان هذا الدعم ملموسا في الواقع إذ كن يمثلن ثلث ضحايا الانتفاضة، وكان دورهم في المدن أكبر من دور النساء في القرى ويعود هذا إلى التأثير الكبير للسلطة الأبوية في القرى والتي تقوم بإبقاء النساء في قراهن.
وبدأت الانتفاضة السماح للنساء بتأكيد وجودهن على الصعيد الاجتماعي والسياسي مما شكل قطيعة مع الماضي. ففي السابق كانت النساء الناشطات هم فقط اللواتي يشاركن في السياسة الوطنية.
وبدأ دخول المرأة الفلسطينية معترك السياسة في سبعينات القرن العشرين بإنشاء عدد من الجمعيات الطلابية، وصاحب دخول المرأة الفلسطينية السياسة إلى ارتفاع عدد المعتقلات السياسيات الذي لم يكن يتعد بضع مئات خلال السبعينات ليرتفع لبضعة آلاف خلال الثمانينات.
وقد ساعدت السياسة الإسرائيلية النساء الفلسطينيات لاسماع صوتهن بعد أن قامت بإلغاء إجراء أردني يعود إلى سنة 1955 الذي كان يمنعهن من التصويت فاستطعن المشاركة في انتخابات البلدية عام 1976 وتم انتخاب عدد منهن في عدد من المجالس البلدي.
النتائج
وقد حققت هذه الانتفاضة نتائج سياسية غير مسبوقة الانتفاضة ، حيث حققت انجازات كبيرة للشعب الفلسطيني على كافة الأصعدة المحلية والعربية والدولية، إذ تم الاعتراف بوجود الشعب الفلسطيني عبر الاعتراف الإسرائيلي الأمريكي بسكان الضفة والقدس والقطاع على أنهم جزء من الشعب الفلسطيني وليسوا أردنيين.
وأدركت إسرائيل أن للاحتلال تأثير سلبي على المجتمع الفلسطيني كما أن القيادة العسكرية أعلنت عن عدم وجود حل عسكري للصراع مع الفلسطينيين، مما يعني ضرورة البحث عن حل سياسي رغم الرفض الذي أبداه رئيس الوزراء إسحق شامير عن بحث أي تسوية سياسية مع الفلسطينيين.
وتم إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية التي أصبحت لها السيادة مكان الإدارة المدنية الإسرائيلية تنفيذاً للاتفاقات الموقعة. وفي سبتمبر من عام 1995 تم توقيع اتفاق جديد سمي بأوسلو 2 وتضمن توسيع الحكم الذاتي الفلسطيني من خلال تشكيل المجلس التشريعي الفلسطيني وهو هيئة حكم ذاتي فلسطينية منتخبة ، وفي 20 يناير سنة 1996، تم إجراء أول انتخابات رئاسية وتشريعية فلسطينية .
وتسببت ضغوط اللوبي الإسرائيلي في فرنسا على جامعة تولوز في منع تنظيم مهرجان جماهيري كان من المقرر تنظيمه، أمس، احتفالاً بالذكرى ال 45 لانطلاق الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وال 25 لانتفاضة الحجارة، بحضور رئيس تحرير مجلة "الهدف" وعضو المكتب السياسي للجبهة عمر شحادة.
وأرجعت صحف فرنسية أسباب إلغاء المهرجان إلى الضغوط الصهيونية، خصوصاً أن تنظيم المهرجان في تولوز ينطوي على رمزية ورد على استقبال رئيس الوزراء “الإسرائيلي” بنيامين نتنياهو فيها قبيل شن العدوان الأخير على غزة .
وذكرت مجلة "الهدف" الناطقة باسم الجبهة أن إدارة الجامعة رفضت منذ البداية الرضوخ لهذه الضغوط، ما دفع “مجلس يهود فرنسا” الصهيوني إلى اللجوء لوزارة التربية والتعليم العالي والإدارة المركزية للشرطة وغيرها التي فرضت على الوزارة الإقليمية إلغاء المهرجان .
وأكد المنظمون إصرارهم على تنظيم المهرجان تحت عنوان "النصر الفلسطيني"، حيث تداعت القوى السياسية الفرنسية المتضامنة مع الشعب الفلسطيني لدعم الفعالية ورفض ما سمي بالإرهاب السياسي الذي يمارسه أصدقاء الكيان في فرنسا، خلافاً لقيم الديمقراطية وحرية الرأي.
هذا وقد حيت جمعية فداء التونسية السبت، ذكرى انتفاضة الحجارة، باقامة معرض صور فوتوغرافية شارك فيه ثلاثة مصورين مقدسيين، وذلك في دار الثقافة أحمد يو ليمان بباب سويقة في تونس.
وتخلل المعرض تظاهرة شعبية لاحياء ذكرى الانتفاضة، كما تم عرض فيلم نرويجي بعنوان "دموع غزة"، ومن ثم عرض لصور من قلب مدينة القدس بعدسات المصورين المقدسيين.
وقالت الصحفية ديالا جويحان: "هذا المعرض الاول لي، وسعيدة بمشاركتي فيه، لنقل الواقع المرير الذي يعيشه ابناء مدينة القدس".
واضافت "إن مشاركتها كانت عبارة عن صور تعكس اعتقالات لشبان واطفال مقدسيين، والاعتداء عليهم بصورة وحشية".
وشكرت جويحان جمعية فداء ودار الثقافة لاهتمامها بقضية الشعب الفلسطيني عامة ومدينة القدس بشكل خاص.
نقطة تحول
من جانبه قال النائب قيس عبد الكريم أبو ليلى عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين ان انتفاضة الحجارة المجيدة التي اندلعت عام 1987 شكلت نقطة تحول في النضال الوطني الفلسطيني، داعيا إلى تصعيد المقاومة الشعبية ضد سلطات الاحتلال الاسرائيلي وقطعان مستوطنيه وذلك من أجل مواجهة تصاعد العدوان والحملة الشرسة التي تشنها ضد شعبنا.
وأضاف النائب أبو ليلى تطل علينا ذكرى انطلاقة الانتفاضة الشعبية المجيدة... انتفاضة الحجارة التي انطلقت شرارتها عام 1987 لتفتح الطريق أمامنا لتخطي الصعاب, وتجدد فينا العهد والوفاء للثوابت الوطنية, حيث والذي قدم شعبنا خلال سنوات الانتفاضة أسمى آيات الصمود والبطولة, وقدم آلاف الشهداء وعشرات الآلاف من الجرحى والأسرى البواسل .
وشدد أبو ليلى على ضرورة استنهاض المقاومة الشعبية ضد الاحتلال والاستيطان والجدار في الضفة ، وضد فرض إسرائيل للحصار على قطاع غزة، باعتبار المقاومة الشعبية أحد أبرز الأشكال النضالية التي تنسجم مع معطيات المرحلة الراهنة ومتطلباتها، مشيرا إلى أن الارتقاء بالمقاومة الشعبية إلى مستوى الانتفاضة الشعبية الشاملة هو مهمة نضالية ملموسة تتطلب إنضاج الحركة الجماهيرية وتوفير مقومات استنهاضها. وأبرز هذه المقومات يكمن بإنهاء الانقسام وتعزيز الوحدة الوطنية، وتأمين متطلبات الصمود للمجتمع وصون حريات المواطنين وكرامتهم.
من جهته أكد النائب أبو ليلى أن المقاومة هي حق مشروع يكفله القانون الدولي كشعب واقع تحت الاحتلال، مشددا على أهمية تصعيد المقاومة الشعبية باعتبارها، الركيزة الرئيسية من ركائز الإستراتيجية الوطنية البديلة الهادفة إلى رفع كلفة استمرار الاحتلال وصولاً إلى إجبار إسرائيل على البحث عن حل سياسي يفضي إلى إنهائه.
وأضاف أبو ليلى ، في الذكرى ال 25 للانتفاضة المجيدة، يجب العمل بشكل سريع لإرساء الوحدة والتلاحم ورص الصفوف ، وإنهاء الانقسام المدمر بين الضفة وغزة، وتنفيذ اتفاق المصالحة الوطنية والعودة للحوار الوطني الشامل لإنهاء الانقسام الكارثي واستعادة الوحدة الوطنية التي تشكل طريق النصر لشعبنا وقضيته الوطنية العادلة.
25 عاماً من المعاناة
وتزامناً مع ذكرى الانتفاضة استشهد الجريح إسماعيل الهباش منذ أسبوع ، متأثرا بالإصابة التي تعرض لها خلال انتفاضة الحجارة التي انطلقت عام 1987 بعد معاناة طويلة جراء الاصابة.
وأعلن في أحد مستشفيات قطاع غزة الأحد الأحد، عن استشهاد الجريح إسماعيل الهباش (42 عاما) من النصيرات.
وكان الهباش تعرض قبل 25 عاما للإصابة بعيار ناري متفجر أطلقته عليه قوات الاحتلال الإسرائيلي، بقطاع غزة، فقد على أثره كليتيه وأجزاء كبيرة من أمعائه ومعدته . مواد متعلقة: 1. مظاهرات شمال إسرائيل في ذكرى الانتفاضة الفلسطينية 2. انتفاضة سياسية فلسطينية بسبب رفض عباس "حق العودة" 3. قناة إسرائيلية : مخاوف من اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة في الضفة