حالة من الجدل والإتهامات المتبادلة صاحبت إعلان قرار الضبطية القضائية الذى أصدره وزير العدل مؤخرا وأعطى لرجال الشرطة العسكرية والمخابرات الحربية العديد من السلطات الإستثنائية وأتهم البعض المجلس العسكرى انه يطلق يد رجاله للإعتقال والإشتباه والملاحقة ليستغل هذا فى الصراع السياسى الدائر، فى حين يدافع آخرون عن هذا القرار بضرورات الأمن والوضع الخطير الذى توجد فيه البلاد .. وهو ما ينذر ببوادر جدل واسع ربما يتطور لما هو أكثر بين المؤيدين والمعارضين للقرار، فإلى إى مدى ستصل بنا هذه المعركة؟! محمد إبراهيم عضو مجلس الشعب المنحل عن حزب الحرية والعدالة يقول هذا القرار لا يجوز أن يصدر بعد الثورة فقد قام الشعب المصرى بثورة لإلغاء قانون الطوارئ الذى تم به ظلم المصريين وإنتهاك حرياتهم وبيوتهم بل وضياع مستقبلهم فى حالات كثيرة، وأضاف أن ما يريب أكثر فى هذا القانون أنه صدر بليل وفجأه مع ترويج شائعات عن مؤامرات من هنا وهناك، وأضاف إبراهيم أن الشعب لن يقبل بهذا القرار لأنه يزيد التوتر المجتمعى ونشعر بوجود اهداف خفية فالشعب المصرى إقتنص حقة بثورة دفع ثمنها مئات الشهداء ولن يسمح لأحد أن يسلبه تلك الحرية مرة أخرى. وعلى جانب آخر يربط أحمد سعيد رئيس حزب المصريين الأحرار بين القرار وتوقيت صدوره المتزامن مع موعد نظر المحكمة الدستورية لقانون العزل وقانون انتخابات مجلس الشعب وقال إن القرار جاء في توقيت قاتل ولا معني له بعد إنتهاء حالة الطوارئ. كما إنتقد "سعيد" عدم توضيح العسكري لأسباب القرار وتوقيت صدوره ومدته متساءلا هل القرار مرتبط بالإنتخابات أم مستمر قالقرار غير محدود بمدة؟ أما عن إمكانية إستخدام القرار ضد المعارضين السياسين أكد علي أنه لو تم إستمرار إستخدامه بعد اعلان نتيجة الانتخابات سيقمع كل من أبدي رأي معارض للجيش أو للسلطة. كما أشار حسين عبد الرازق عضو المجلس الرئاسى بحزب التجمع، إلي إن هناك اتجاهاً ظهر فى الفترة الأخيرة يعطى القوات المسلحة والقضاء العسكرى سلطات لم تكن لهم من قبل، فبعد أن كانت هناك محاكمات عسكرية للمدنيين، وطالبت القوى السياسية بإلغائها صدر تعديل للقانون العسكرى يعطى لهم الحق فى معاقبة أى مدنى إذا كان الأمر يتعلق بأحد أفراد القوات المسلحة، ومن المفترض أن كل هذه الأمور تخص القضاء الطبيعى، والقضية فى نص الإعلان الدستورى لأنه جعل القضاء العسكرى إحدى مؤسسات الدولة، رغم أنه من المفترض أنه أحد فروع القوات المسلحة، التى هى أحد أفرع السلطة التنفيذية، إلى جانب أن القضاء العسكرى لا تتوفر فيه الضمانات القضائية والاتفاقيات والمواثيق الدولية، وإصدار هذا القرار نوع من السلطات غير الطبيعية، وإدخال القوات المسلحة والقضاء العسكرى فى مجال خاص بالمدنيين. كما إعترض "السيد عبد الستار المليجي " القيادي الإخواني السابق فقط علي توقيت صدور القرار وأضاف أنه لن يضيف أي شئ جديد بشأن الواقع وأوضح بأن القرار قد يشير الي إقبال البلاد لإحتكاك وعنف مباشر بين الشرطة والجيش والشعب مستطردا أنه علي الرغم من ذلك الا انه ليس له علاقة بقانون الطوارئ وإلغاؤه وإنما هو وسيلة حماية وأمن للبلاد خاصة بعد اعلان المحكمة الدستورية لحل البرلمان ونتيجة الانتخابات بعد ساعات قليلة وهو ما سيثير غضب الشعب من جديد ويصبح أمن البلاد مهدد. وأضاف" المليجي" أنه موافق علي العمل بالقرار مع تقنين للإعمال به حتي وضع الدستور لتبقي البلاد تحت حماية العسكري خاصة بعد ان كان الضباط يمارسون أعمال ضبط الأمن في الداخل بدون سند قانوني واضح. وأشار "المليجي" إلي أنه لا داع لوجود القوات المسلحة بعد وضع الدستور مشددا علي ضرورة الإعتراض والطعن علي القانون اذا لم يوف المجلس العسكري بوعده والغاؤه بعد الدستور. وأشار "سعيد صادق" أستاذ علم الإجتماع السياسى بالجامعة الأمريكية إلي ضرورة افتراض حسن النية في هذا القرار خاصة في هذا التوقيت الحرج في مصر، وأضاف بأنه بعد تهديدات الاخوان المسلمين بالتظاهر و"وتوليع" البلاد بعد حكم حل مجلس الشعب أو لمجرد أنهم لم يفوزوا في إنتخابات الرئاسة او حتي مجرد كشفهم عن تزوير في الانتخاابات مع تجاوزات ومخالفات للمرشح المنافس كان علي المجلس العسكري أن يصدر قانونا يستعيد فيه قوة امن البلاد والسيطرة علي حالات "الهرج والمرج" التي بدأت تنتشر من جديد في نفس توقيت إلغاء حالة الطوارئ، فكان عليه إصدار هذا القانون. وعن تأثيره علي الشارع أكد "صادق" ان تأثيراته قد تتركز فقط علي الاعتراضات التي تقدم فقط للتعارض وابداء الرأي المغاير دون أية أسباب مقنعة هذه الفترة وأيضا بعض ردود الفعل العنيفة التي سنراها الفترة القادمة خاصة بعد الاعلان عن المرشح الفائز. وأرجع "صادق" سبب تقبله للقرار وموافقته عليه إلي أنه "قانون مؤقت" حتي وضع دستور ورئيس لمصر، وإلا لو استمر فسنري صداه علي أحزاب المعارضة في مصر و إنتظار أي خطأ يصدر منهم ونبدأ "نشوف التلاكيك " من جديد. واتفق معه عادل القلا رئيس حزب المصري العربي الإشتراكي في وقت صدور القرار مع حالة الشغب التي تشهدها البلاد هذه الفترة ومع إحتياج المجلس العسكري للشرطة واستعانتهم بالمخابرات العسكرية لحد من هذه الشغب ووجود سند قانوني واضح لمحاكمتهم بعد إلغاء قانون الطوارئ. وأوضح أن هذا القرار يأتي إحترازيا من اعتراض البعض بعد حل مجلس الشعب ونتيجة الانتخابات الرئاسية المصرية ونصح بعد الخوف والقلق منه خاصة اننا لم نري من تفعيل هذا القانون ما يثير القلق موضحا ان المظاهرات والمسيرات لازالت تجوب العاصة دون اعتراض من أحد.