تناول الشيخ أحمد السيد، خطيب مسجد العزيز بالله بحدائق الزيتون عوامل الثبات في الفتن والقبض علي الحق في زماننا هذا الذي اختلطت فيه المفاهيم حتي صار الحق باطلا والباطل حقا لدي عموم الناس . جاء ذلك خلال خطبة الجمعة اليوم قبل ساعات من انطلاق مسيرات دعم الشرعية ورفض الانقلاب في مختلف المساجد بكافة محافظات الجمهورية والتي اوضح من خلالها قصص البلاء والمبتلين نتيجة القبض علي العقيدة والشرعية . وصنف خطيب الجمعة المؤمنين الي ثلاث طوائف، الاولي وهم الثابتون علي الحق والفئة الثانية هم القابضون علي الجمر والمبتلين كما قال الله تعالي "أحسب الناس ان يتركوا ان يقولوا ءامنا وهم لا يفتنون". أما الصنف الثالث وهم الاغلبية وهؤلاء هم المتذبذبون الذين يعبدون الله علي حرف، من يمسك العصا من المنتصف ، قال تعالي "ومن الناس من يعبد الله علي حرف،فغن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب علي وجهه خسر الدنيا والاخرة ذلك هو الخسران المبين". المؤمن قوي في ايمانه وعقيدته ويقينه بالله عز وجل، وجب عليه أن يستصحب أسباب الثبات في أوقات الفتن والشدة وهي كثيرة : وقال الخطيب إن المرحلة الان في أمس الحاجة الي الثبات .. مطالعة أخبار السابقين من الأول والانبياء وأحوالهم مع أقوامهم وأممهم وهو من اقوي عوامل الثبات علي الدين وعلي الحق، ففيها تري فريقي الحق والضلال وما يدور بينهما من سجال ثم تري العاقبة والمآل التي لا تكون أبدا الا للحق، فلم يذكر الله تلك القصص لنتسلي بها أو نتناولها في أوقات الترويح والفراغ، إنما لها حكمة بالغة ، عبرة قوية وتثبيت لقلوب المؤمنين من بعده ، وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك وجاءك في هذه الحق وذكري وموعظة للمؤمنين". ومما ورد في السنة عن الثبات علي الحق قصة أصحاب الاخدود التي ورد ذكرها في سورة البروج، لملك وساحر أرسل اليه غلاما يعلمه السحر بعد أن كبر سنه، وفي الطريق اليه كان هناك راهب يستمع اليه فأعجبه كلامه، فقال له حينما تأخر عليه "إن أتيت الساحر فقل له حبسني أهلي و.. حتي جاء يوم حبست الناس دابة عظيمه في طريقهم، فقال اليوم أعلم امر الراهب من أمر الساحر أيهما أحب الي الله، إنك اليوم أفضل مني وإنك ستبتلي فإن ابتليت فلا تخبر الناس علي. وعن الفائدة الأولي من تلك القصة هي تصرف الملك مع الغلام ، قتل الأعمي والراهب شر قتلة ، بعد أن عذبهم شر أنواع العذاب ، ولم يقتل الغلام ظنا منه أن الايمان في القلوب والعقائد تزعزعه وسائل التعذيب الباطشة وهذا من شدة غباءه ، فما كان من الغلام الا أن صبر وزاد بلاؤه . والفائدة الثانية أنه نفذ تعاليم الغلام بالحرف وهذا يدل علي غاية ضعفه امام قوة ايمانه، فما كان من الناس الا أن ءامنوا برب هذا الغلام بعد موته . إن كنت علي الحق ثابتا عليه فلا تستعجل النتائج أو ثمرة ذلك الحق في حياته ولو بعد مماته، قال تعالي "فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون أو نرينك الذي وعدناهم فإنا عليهم مقتدرون" تصريف شئون الكون بيد الله ، فلا تحقرن من أسباب نصرة الحق شيئا . أما السبب الثاني الذي ذكره الخطيب هو اللجوء والتضرع الي الله عز وجل لأن النصر لا يكون الا من عنده وحده ثم بعد ذلك تأخذ بالاسباب ، لأن الله ينصر عباده المؤمنين بسبب وبدون سبب، ولكم في غزوة بدر والاحزاب العظة والعبرة ، فقد رفع النبي صلي الله عليه وسلم يديه الي السماء عالية "اللهم ان تهلك هذه العصابة فلن تعبد في الارض اللهم انجز لي وءاتني ما وعدتني وجاؤه أبا بكر الصدبق وقد سقط رداؤه من علي كتفيه.. كفاك مناشدتك ربك فإنه منجز لك ما وعدته" . وأضاف "السيد" أنه حينما تشتد الكروب وتتابع الخطوب وتنقطع الاسباب يجب علي المرء ان يلقي بنفسه علي الله الذي يكشف الضر وحده، ولا يرفع البلاء ولا الكرب سواه "أمن يجيب المضطر اذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض ءأله مع الله قليلا ما تذكرون"، "فلولا إذا جاءهم بئسنا تضرعوا"، فالاعتماد علي الاسباب وحدها مع ضعف اللجوء الي الله خلل . وقد يهلك الله عز وجل بالسبب الواحد جيش وينجي جيشا أخر ، البحر الذي كان سببا لنجاة موسي هو ذاته البحر الذي هلك وغرق فيه فرعون وجنوده . واختتم الخطيب الجمعة بالدعاء علي الظالمين والمفسدين : اللهم اكشف عنا هذا البلاء .. من أراد مصر بسوء فأشغله في نفسه .. اللهم عليك بالظلمة والمعتدين .. وأعداء شريعتك .. الله لا تحقق لهم أمالهم وخيب لهم سعيهم .. اللهم انصر الاسلام وأعز المسلمين .. رحماك باخواننا في سوريا .. لا تجعل للكافرين عليهم سبيلا .. ثبت قلوبنا علي دينك .