أكد الدكتور باسم خفاجي، رئيس حزب التنمية والتغيير، علي أن هناك ثلاث قوى رئيسة في مصر اليوم لا يمانع بعض قادتها وكوادرها من تصاعد حدة المواجهات السياسية، بل وحتى وصولها إلى الصدام المباشر، والعنف. وهناك دلائل كثيرة على هذه المقامرة، وهي مقامرة خطرة يظن أنصارها من التيارات الثلاث أنها يمكن أن تحقق مكاسب كبرى لهم، وفي الحقيقة يمكن أن تكون هذه المقامرة قاصمة الظهر لكل منهم على حدة. وفيما يلي تلك القوى دون تعميم، وإنما أتحدث عن بعض القيادات وبعض الكوادر - أولا: التيار الإسلامي: هناك البعض من القادة ومن الكوادر يعيشون لحظة نشوة واغترار بالقوة، ويرون أنه حان الأوان لتعرف بقية القوى حجمها الحقيقي حتى لو عبر العنف، وأؤكد أني أتحدث عن بعض القادة وبعض الكوادر .. ولكن يكفي بعض القادة لإشعال المعركة .. ولتوريط الجميع، ويكفي بعض الكوادر فقط لكي ينجر بقية التيار إلى مواجهة عنيفة مع شركاء الوطن. هناك من يقامر .. وهناك من يسكت على هذه المقامرة وهو يراها تتشكل، وهؤلاء هم من أخاطب اليوم. - ثانيا: تيار أنصار الماضي: وهم بعض أنصار النظام السابق ممن عاشوا طوال عامين حالة من الانكسار المهين والإذلال الشعبي والإعلامي، ولذا يرون أهمية إسقاط النظام في دائرة العنف حتى يصبح الجميع متهما بها، ولا يصبح العصر السابق عصر إجرام في مقابل عصر نهضة، وإنمايتساوى الجميع في الفساد والدماء والتعدي على الأبرياء. هكذا يريد بعض أولئك القادة وبعض الكوادر، ويتصورون أن إشعال دائرة العنف يخدمهم في تخفيف المحاسبة عن الماضي، والقدرة على المشاركة في السلطة مستقبلا. البعض يتحركون وينفقون، وآخرون كثر يعلمون ويسكتون أملا في تحقيق المكاسب على حساب العنف وعلى حساب مصر - ثالثا: تيار معارضي الحكم الحالي، وهم أطياف متعددة ويجمعها النقمة والضيق من ممارسات الرئاسة والحكومة، وإحساس الهزيمة في الانتخابات الماضية، والضيق بالعموم أن يكون على رأس مصر متدينين ممن اعتاد المجتمع في العقود الماضية على السخرية منهم رغم ما يتبادله الجميع من احترام الدين، ولكن احترام الإسلاميين يبدو أمرا شاقا في نظر البعض ممن تعود على السخرية منهم بإذا بهم يحكمون الوطن. بعض القادة وبعض الكوادر من تلك التيارات ترى أن الصدام والعنف سيضعف من قبضة الإخوان على الحكم بالتأكيد، وتابع خفاجي، قائلاً : "بالتالي تتسع مساحات المشاركة لهم، ويمكن إزاحتهم من السلطة عبر التواصل مع تيار النظام القديم وقيادات الأجهزة السيادية كما يظنون. كما أن توريط الدولة في الصدام المسلح يسقط شرعية وطهارة النظام الحاكم مما يسهل الانتصار عليه في أية انتخابات قادمة أو على الأقل تقليل فرص الفوز الكاسح التي أثمرت عنها جميع الانتخابات الماضية، وبالتالي فإن مكاسب العنف والصدام تفوق الخسائر، وخصوصاً أن القادة لن يشاركوا في هذا الصدام مباشرة وبالتالي فلن يصيبهم من العنف إلا الفوائد - هكذا يظنون. هكذا يتحرك بعض القادة ولا أقول الكل، وبعض الكوادر ولا أقول الكل، ولكن هناك قطاع كبير يعلم ويسكت وينتظر لعل الصدام يأتي له بمصالح أو بشخصيات أقرب لمزاجه في الحكم". وأشار رئيس حزب التغيير والتنمية، إلي أن المقامرة تكمن في أن الطرف الرابع وهو طرف القوات المسلحة قد لا يرى أن القبول بالعنف في الشارع المصري أمرا يمكن التساهل معه، وقد يجتمع مع ذلك رؤية دولية يتم تسويقها إعلاميا بقوة فور بدء أية أحداث للعنف أن المنطقة لا تتحمل أن تتحول مصر إلى سوريا أخرى مطلقاً، وبالتالي فهذه الدول المهمة ستدعي إنها ستميل إلى أي خيار أكثر استقرارا حتى لو كان الخيار العسكري لمرحلة مؤقته. وأوضح خفاجي، ولكي تكتمل المقامرة فإن القوات المسلحة لن تحكم مصر في تلك الأزمة بشكل مباشر أبدا، وإنما عبر مجلس رئاسي يمكن أن يشارك فيه قيادات إخوانية وسلفية مدجنة ومعروفة ويسهل قيادتها!!، وقيادات من التيارات الليبرالية والقومية مدجنة كذلك ومعروفة ويسهل قيادتها أيضاً !! ومع رئيس وزراء تابع وليس محسوبا بقوة على هذا أو ذاك.. وليس صاحب قرار مستقل، وبالتالي يمكن أن تدار الدولة بشكل ظاهره مدني، وحقيقته عسكري بشكل مختلف عن المرحلة التي سبقت حكم الدكتور مرسي مع تمرير وعود أن هذه الحالة لن تستمر طويلا، وسيخرج الجميع مصفقاً لهذا الحل بعد مرحلة مقننة من العنف اللازم لكي يصبح تدخل العسكر مقنعا للجميع خوفا من شبح الحرب الأهلية. وتوقع خفاجي، أن يخرج الشارع الذي نادى من قبل بسقوط حكم العسكر فرحاً هذه المرة بعودة العسكر من خلف الستار، وستضخ استثمارات ضخمة في مصر مباشرة، وتزول الأزمات الخانقة في السلع والكهرباء وغيرها، وبالتالي سيؤكد الجميع أن الخيار الجديد هو الخيار الأمثل مرحلياً، وسيقع المقامرون الثلاثة في هذا الفخ دون أي قدرة لأي منهم لتحدي تلك القوة الرابعة. وليس هذا فقط وأكد رئيس حزب التغيير والتنمية، علي أن الحل الرابع سيؤدي غالبا إلى تقليم أظافر التيارات الثلاث التي راهنت على العنف سابقا، والتخلص المباشر من كل قادة العنف من التيارات الثلاث ممن ظنوا بأنفسهم الذكاء للقفز على الفرصة، ولكن في الغالب سيتخلص منهم النظام مباشرة لمنع تكرار العنف، ولتقديهم قربانا وكبش فداء يحاكم أمام الشعب للتأكيد على مصداقية وحرص القيادة الجديدة على الشفافية وسرعة محاكمة كل المسؤولين "السابقين" عن العنف، مع التأكيد أنه سيتم إعداد خروج آمن لكل القيادات اللازمة لكبح جماح التيارات الثلاث مستقبلا مقابل أن تعمل تلك القيادات من خلف الستار في تدجين التيارات ومنع تكون معارضة حقيقية للنظام الجديد. وقال خفاجي، هكذا تتحول مقامرة العنف والصدام إلى كارثة على من نادوا بها، وكارثة على من سكتوا عنها ظنا أنها ستتحول إلى فائدة لهم. وتابع خفاجي، قائلاً : "أكره أن أكتب هذا السيناريو بهذا الوضوح، وأعلم طبيعة الانتقادات التي يمكن أن توجه لهذا التصور، وطبيعة المخاطر التي يمكن أن تصيب من يتحدث عنه بهذا الوضوح، ولكني أكره تماما أن أرى بلدي تتحرك نحو الهاوية على يد قلة من أصحاب الأطماع .. وسكوت كثرة من أصحاب المصالح" .. وأختتم خفاجي، قائلاً : "أتمنى أن أكون مخطئاً، وإن كنت كذلك، فقد أكون أضعت وقت البعض في قراءة هذه الرؤية المتشائمة، وحينها سأعتذر للقراء الكرما وسأكون فرحاً أن استشرافي للمستقبل كان خطأ وأن مصر بخير وأحمد الله ساعتها أني خطأ .. وإن كنت مصيباً فقد حذرت ونبهت وأفوض أمري إلى الله، وما كتبت إلا لأنبه ولعل الله تعالى أن يجعل هذه الكلمات باب خير لمصر وحماية لها من شرور العنف ومن يؤججون ناره ومن يسكتون على ذلك طمعا في مكاسب لا يمكن أن يأتي بها صدام بين شركاء الوطن. اللهم فاشهد لا تقامروا بمصر .. ولا تقبلوا العنف طريقا للإصلاح".