الجمارك: تسهيل الإجراءات لخفض أعباء الإنتاج والتصدير وخلق بيئة أعمال محفزة للاستثمار    الرئيس السوري: أحداث السويداء الأخيرة أظهرت طموحات انفصالية استقوت بالخارج    مطالبا بتعويض 10 مليارات دولار.. ترامب يقاضي «وول ستريت جورنال» بسبب جيفري إبستين    «مشكلة مع مسؤول زملكاوي».. رئيس تحرير الأهلي يكشف سبب أزمة أحمد فتوح وموقف إمام عاشور    «الداخلية»: ضبط «قائد الملاكي» المتهم بالسير عكس الاتجاه بالإسكندرية    حالة الطقس اليوم السبت 19 يوليو 2025.. الأرصاد توجه نصائح مهمة للمواطنين    افتتاح نموذج مصغر من المتحف المصري الكبير في العاصمة الألمانية برلين الاثنين المقبل    سلمى صباحي تعلق على مشاركة ابنتها «حلم» في «كتالوج»: «مستنية العرض من رمضان قبل اللي فات»    وزير الكهرباء يبحث الموقف التنفيذي لتوفير التغذية لمشروعات الدلتا الجديدة    طب قصر العيني يبحث مع مسؤول سنغالي تعزيز التعاون في التعليم الطبي بالفرنسية    اعرف مرشحك.. أسماء المرشحين في انتخابات الشيوخ 2025 بجميع المحافظات | مستند    الإصلاح والنهضة: الشراكة الاستراتيجية بين مصر والسعودية حجر الزاوية لاستقرار المنطقة    الكونغو وحركة "إم.23" توقعان إعلان مبادئ لوقف إطلاق النار في شرقي البلاد    ليلى علوي نجم الدورة 41 لمهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط    بالصور.. نانسي عجرم تستعرض إطلالتها بحفل زفاف نجل إيلي صعب    إلهام شاهين وابنة شقيقتها تحضران حفل زفاف في لبنان (صور)    أسباب الشعور الدائم بالحر.. احذرها    القاهرة الإخبارية: وقف الحرب لم يضع حدًا للاشتباكات في السويداء    طفل يقود تريلا.. الداخلية تكشف ملابسات فيديو صادم | فيديو    أسيل أسامة تحصد ذهبية رمي الرمح بالبطولة الأفريقية في نيجيريا    محافظ البنك المركزي يشارك في الاجتماع الثالث لوزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لمجموعة العشرين "G20"    تعاون أكاديمي جديد.. بنها ولويفيل الأمريكية تطلقان مسار ماجستير في الهندسة    رسالة مؤثرة وتحية ل"الكينج".. أنغام تتألق بافتتاح مهرجان العلمين الجديدة    حملات مكثفة بالبحيرة.. غلق عيادات غير مرخصة وضبط منتحل صفة طبيب    وزارة الصحة": إجراء 2 مليون و783 ألف عملية جراحية ضمن المبادرة الرئاسية لإنهاء قوائم الانتظار منذ انطلاقها في يوليو 2018    تحليق مكثف للطيران الإسرائيلي فوق النبطية والحدود الجنوبية للبنان    الاستهدافات مستمرة.. غزة تدخل مرحلة الموت جوعًا    اندلاع حريق داخل مخزن فى البدرشين والأطفاء تحاول إخماده    "بائعة طيور تستغيث والداخلية تستجيب".. ماذا حدث في المعادي؟    الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات يُقر تعويضات إضافية لعملاء الإنترنت الثابت    محافظ المنيا يتفقد محطة رفع صرف صحي بردنوها لخدمة 30 ألف مواطن بمركز مطاي    رابط نتيجة تنسيق رياض الأطفال الجيزة 2025 (الموعد والخطوات)    التعليم: إتاحة الاختيار بين الثانوية والبكالوريا أمام طلاب الإعدادية قريبا    إعادة الحركة المرورية بالطريق الزراعي بعد تصادم دون إصابات بالقليوبية    ب4 ملايين جنيه.. «الداخلية» توجه ضربات أمنية ل«مافيا الاتجار بالدولار» في المحافظات    ليفربول يعزز هجومه بهداف أينتراخت    "استعان بأصدقائه".. كيف يعمل رونالدو على إعادة النصر لمنصات التتويج؟    بعد فسخ عقده مع القادسية السعودي.. أوباميانج قريب من العودة لمارسيليا    توقيع اتفاقيات تعاون بين 12 جامعة مصرية ولويفيل الأمريكية    إسرائيليون يعبرون إلى الأراضي السورية بعد اشتباكات مع جيش الاحتلال    «سباكة ولحام ونجارة».. بدء الاختبارات العملية للمرشحين للعمل في الإمارات (تفاصيل)    بسبب تشابه الأسماء.. موقف محرج للنجم "لي جون يونغ" في حفل "Blue Dragon"    الواعظة أسماء أحمد: ارحموا أولادكم صغارًا تنالوا برهم كبارًا.. والدين دين رحمة لا قسوة    عاوزه أوزع الميراث على البنات والأولاد بالتساوى؟.. أمين الفتوى يجيب    وزيرة التنمية المحلية تبحث التعاون في نظم المعلومات الجغرافية مع شركة Esri    هل خصم فيفا 9 نقاط من الإسماعيلي؟.. النادي يرد ببيان رسمي    الصحة: إجراء 2 مليون و783 ألف عملية جراحية ضمن المبادرة الرئاسية لإنهاء قوائم الانتظار    «الرعاية الصحية»: إنشاء مركز تميز لعلاج الأورام في محافظة أسوان    هل يُفسد معسكر إسبانيا مفاوضات بيراميدز مع حمدي فتحي؟    شاهد أعمال تركيب القضبان بمشروع الخط الأول بشبكة القطار الكهربائى السريع    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 19-7-2025 في محافظة قنا    أسعار الأسماك والمأكولات البحرية اليوم السبت    «مرض عمه يشعل معسكر الزمالك».. أحمد فتوح يظهر «متخفيًا» في حفل راغب علامة رفقة إمام عاشور (فيديو)    أول ظهور ل رزان مغربي بعد حادث سقوط السقف عليها.. ورسالة مؤثرة من مدير أعمالها    كل ما تريد معرفته عن مهرجان «كلاسيك أوبن إير» ببرلين    عميد طب جامعة أسيوط: لم نتوصل لتشخيص الحالة المرضية لوالد «أطفال دلجا»    داعية إسلامي يهاجم أحمد كريمة بسبب «الرقية الشرعية» (فيديو)    أحمد كريمة عن العلاج ب الحجامة: «كذب ودجل» (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سد النهضة الإثيوبي وتأثيره على المصالح المصرية
نشر في الوادي يوم 09 - 06 - 2013

قبل أيام قليلة أعلن المتحدث باسم الحكومة الإثيوبية بريخيت سمؤون، للتليفزيون الإثيوبي الرسمي، إن بلاده ستبدأ الثلاثاء 25 مايو في تحويل مجرى نهر النيل الأزرق لاستكمال بناء «سد النهضة» والذي يعتبر أكبر سد مائي في قارة إفريقيا، وقد أثار هذا التصريح الرأي العام المصري؛ لأنه يمس أحد الاحتياجات الأساسية للمواطن المصري وهي مياه النيل ومع تعاقب الآراء ما بين مهون ومهول، وفي ظل حالة الاستقطاب الحاد التي تعم الشارع السياسي ما بين معارضة غير بناءة تحاول إيهام المواطن بأن يستعد للموت عطشًا، وبين بعض مؤيدي النظام والذين يحاولون التقليل من الآثار السلبية لهذا المشروع، سنحاول إلقاء نظرة تاريخية على هذا الملف، مع وضع تصور لهذه المشكلة وبدائل الحلول المطروحة والمقارنة بينها.
نظرة تاريخية
النيل له منبعان: بحيرة تانا في إثيوبيا ويأتي منها النيل الأزرق وهي أكبر بحيرة في إثيوبيا. تقع في الشمال الغربي للمرتفعات الإثيوبية، يبلغ أقصى عمق لها 15 مترًا، وتتراوح مساحة سطحها من 3000 كم2 إلى 3500 كم2 بناء على الموسم ومعدل سقوط الأمطار. وبحيرة فيكتوريا، ويأتي منها النيل الأبيض، هي ثاني أكبر بحيرة للمياه العذبة في العالم من حيث المساحة والأكبر في إفريقيا كما أنها أكبر بحيرة استوائية في العالم. تبلغ مساحتها 68870 كم مربع (تقريبًا عشرين ضعف بحيرة تانا)، وتطل عليها ثلاث دول هي كينيا وأوغندا وتنزانيا. ويتحد النيلين في السودان ليشكلوا نهر النيل كما نعرفه في مصر. يتميز النيل الأبيض وهو المصدر الرئيسي لنهر النيل بثبات سريان الماء به طوال العام، بعكس النيل الأزرق والذي يتأثر بالتغيرات المناخية، حيث يزيد صيفًا ويظهر هذا جليًا في زيادة منسوب مياه النيل في حين يقل كثيرًا باقي مواسم العام بدرجة تقترب من الاختفاء.
ويحكم مياه نهر النيل مجموعة من الاتفاقيات الدولية منها، اتفاقية روما الموقعة يوم 15 أبريل 1891 بين كل من بريطانيا وإيطاليا التي كانت تحتل إريتريا، واتفاقية أديس أبابا الموقعة يوم 15 مايو 1902 بين بريطانيا وإثيوبيا، واتفاقية لندن الموقعة يوم 13 ديسمبر 1906 بين كل من بريطانيا وفرنسا وإيطاليا، واتفاقية روما عام 1925، وكل تلك الاتفاقيات كانت تنص على عدم المساس بحقوق مصر التاريخية في مياه نهر النيل وعدم إقامة مشاريع بتلك الدول من شأنها إحداث خلل في مياه النيل أو التقليل من كمية المياه التي تجري في الأراضي المصرية، وقد جاءت اتفاقية عام 1929 بين مصر وبريطانيا -التي كانت تنوب عن السودان وأوغندا وتنزانيا- متناغمة مع جميع الاتفاقيات السابقة، فقد نصت على أن لا تقام بغير اتفاق مسبق مع الحكومة المصرية أية أعمال ري أو كهرومائية أو أية إجراءات أخرى على النيل وفروعه أو على البحيرات التي ينبع منها، سواء في السودان أو في البلاد الواقعة تحت الإدارة البريطانية والتي من شأنها إنقاص مقدار المياه التي تصل مصر أو تعديل تاريخ وصوله أو تخفيض منسوبه على أي وجه يلحق ضررًا بالمصالح المصرية، كما تنص على حق مصر الطبيعي والتاريخي في مياه النيل.وقد حددت لأول مرة اتفاقية نوفمبر 1959 بين مصر والسودان كمية المياه ب55.5 مليار متر مكعب سنويا لمصر و18.5 مليار للسودان.
التصور العام للمشكلة
هناك مشكلتان أساسيتان لدى مصر من جراء هذا المشروع: الأولى، هو نقص حصة مصرمن مياه النيل في الفترة التي سيتم فيها حجب مياه النيل الأزرق لتعبئة البحيرة الخلفية لمشروع السد(حوالي ست سنوات)، في ظل وجود مصر ضمن الدول التي تعاني من فقر مائي بالإضافة إلى أنَ محطة إنتاج كهرباء السد العالي سوف يتأثر إنتاجها من الكهرباء جراء تحويل مجري النيل الأزرق، لأنها تعتمد في تشغيلها على منسوب ضخ المياه، وإذا قل المنسوب يقل إنتاج الكهرباء، والثانية، هي تأثير انهيار هذا السد العملاق (سد النهضة الإثيوبي) على جنوب مصر وعلى جسم السد العالي، حيث إن إثيوبيا كدولة فقيرة، لا تمتلك القوة اللازمة لحماية السد ضد هجمات جوية على جسم السد وحيث إن الأراضي الأثيوبية أعلى بكثير من مستوى مياه النهر، ففي حالة وجود هجوم على جسم هذا السد ستتدفق المياه لتغرق السودان وجنوب مصر ويمكن أن تؤدي لانهيار جسم السد العالي، وعلى ذلك فمن يريد مهاجمة مصر فليس عليه الدخول في مجال الدفاع الجوي المصري والذي يوفر الحماية الكاملة للسد العالي، وكل ما عليه هو ضرب السد الإثيوبي.
الحلول المطروحة
يوجد ثلاثة حلول مطروحة لهذه الأزمة
الحل الأول: الحل السلبي، وهو ترك الأمور كما هي عليها وهو ما يؤدي إلى كارثة كبرى، فمن ناحية الأمن المائي، فإنَ مصر تقع ضمن الدول المصنفة تحت خط الفقر المائي، (وهذا توصيف علمي لا يتناقض مع أنَ رزق الله أوسع من أن يحدده الإنسان)، وعلى هذا وفي ظل عدم وجود بدائل مائية عملية قابلة للتحقيق؛ فإنَ هناك خطرًا حقيقيًّا على مصر من وجود أزمة مائية وشيكة. ومن ناحية الأمن العسكري، فإنَ هذا المشروع إحدى الأدوات المهددة للأمن القومي المصري حيث إن أية حروب في المستقبل موجهة لمصر فإنَ العدو لن يكون مجبرًا على الدخول في حرب مباشرة مع الجيش المصري، وكل ما عليه هو ضرب هذا السد الإثيوبي حتى ينهار السد العالي المصري وما سيتبعه من غرق لنصف مصر على الأقل.
الحل الثاني: التدخل العسكري، وهو حل قائم ولكن له عيوبه التي يمكن أن تتساوى مع الفائدة المرجوة منه، حيث إن مصر حاليًا ليست في حالة تسمح لها بالدخول في حروب خارجية، وهذا الحل بالذات هو ما يبحث عنه أعداء مصر، حتى يجروها إلى حرب يمكن تنهي أي أمل في نهوض الاقتصاد المصري على المدى القريب، ولكن يمكن الاستيعاض عن الحرب المباشرة مع إثيوبيا بتنشيط ودعم جماعات مسلحة لشن حرب بالوكالة على الحكومة الإثيوبية، وهذا ما فعلته القاهرة في السبعينات والثمانينات، حيث استضافت جماعات مسلحة معارضة لأديس أبابا، ومن بينها الجبهة الشعبية لتحرير إريتريا التي انفصلت عن إثيوبيا في عام 1994 بدعم مصري، بالإضافة إلى أن مصر تستطيع دعم هذه الجماعات المسلحة مرة أخرى للضغط على الحكومة الإثيوبية الاستبدادية والمقسمة عرقيا، وهناك ما لا يقل عن 12 جماعة مسلحة منتشرة في أنحاء إثيوبيا تطمح لقلب النظام ويمكن استغلالها في هذا الأمر.
الحل الثالث: الدبلوماسية السياسية، حيث إن هذا المأزق بالذات هو نتاج لإهمال متعمد من الأنظمة الحاكمة لمصر سابقًا تجاه القارة الإفريقية، حيث تركوا هذه البلاد لسيطرة المخابرات الصهيونية تستثمر هذا الإهمال للضغط على مصر في الوقت المناسب، ويمكن أن ينقسم الحل السياسي إلى جزءين أساسيين. الأول: الضغط الدولي من خلال عرض القضية بشكل يظهر عدالة المطالب المصرية، مع جعل الشركاء الدبلوماسيين (الصين وروسيا) تضغط على الجهات المانحة، لمنع تمويل المشروع إلا في الحدود التي لا تمثل خطراً على المصالح المصرية. الثاني: التواصل السياسي الفعال مع أثيوبيا وباقي دول حوض النيل واستثمار القوى الناعمة المصرية في تدعيم احتياجات هذه الدول وهو ما يجعلها تنأى بنفسها عن المساس بالمصالح المصرية. وفي كل الأحوال لابد من اتخاذ الاحتياطات اللازمة لإدارة الأزمة في حال فشل هذا الحل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.