بالرغم من أن التحالف بين الإخوان والسلفيين، منذ الإطاحة بنظام حكم الرئيس السابق حسني مبارك في 11 فبراير 2011، صمد أمام العديد من العواصف، إلا أن ملامح انهياره باتت حتمية، وتجلت الخلافات العميقة بين أكبر جناحين في التيار الإسلامي بعد مبادرة السلفيين مع المعارضة الليبرالية وجبهة "الانقاذ" واتهامات حزب النور لجماعة الإخوان والرئيس محمد مرسي بإقصاء المعارضة والسعي لأخونة الدولة، ما ينذر ببداية إنقلاب سلفي حقيقي ضد جماعة الإخوان الحاكمة قد يغير موازين القوى السياسية في مصر . وخرج حزب النور عن صمته، وودع الغرف المغلقة، ليتفاعل في مؤتمرات مع الجماهير في الشارع المصري، أكد خلالها على رفضه لأخونة واستحواذ جماعة الإخوان على كل مفاصل الدولة ونسبة نجاح مشاريع النور إليها ، خاصة في الاسكندرية. البداية كانت من رفض جماعة الإخوان لمبادرة جبهة "الانقاذ" التي أطلقها حزب النور، واتهامه للجماعة ب"أخونة" الدولة وإقصاء المعارضين ومرورا بالتقارب الإخواني مع شيعة إيران الذين يسبون الصحابة وزوجات الرسول، وحتى التعبير صراحة عن رفض الحزب لاستحواذ "الإخوان" على مفاصل الدولة ونهاية باتهامات النور للإخوان بمحاولة تحجيم الدعوة السلفية ونسب نجاح المشاريع إلى الجماعة. رئيس "النور" يتهمهم بالأخونة حيث قال الدكتور يونس مخيون رئيس حزب النور: إن جماعة الإخوان المسلمين هيمنت على مفاصل الدولة، فأي منصب تنفيذي يخلو تحاول الجماعة الدفع بأحد كوادرهم فيه، ويتضح ذلك جليا في وزارة الأوقاف والمحافظين ونوابهم، وكذلك في الإدارات المحلية والتعليم. وأضاف مخيون في تصريحات صحفية: أنصحهم بألا يستمروا في هيمنتهم، لأن ذلك استعدى عليهم قطاعات كبيرة من المجتمع، وهذا تفكير خطأ، وسيخسرون الجميع ، مؤكدا أن أي حزب لابد أن ينظر إلى المستقبل، لأن سنة الله الكونية تقضي بالتغيير، ولن يظل حزب في الحكم مدى الحياة ، متسائلا: لو كسبتَ جميع مفاصل الدولة وخسرتَ المصداقية عند الناس، فماذا استفدت؟ . تجاهل مرجعية الأزهر كما نظم حزب النور بكفر الشيخ لقاءا مع أعضاء نادي كفر الشيخ الرياضي بحضور السيد مصطفى خليفة نائب رئيس الحزب على مستوى الجمهورية والشيخ محمد سعد الأزهري عضو الجمعية التأسيسية للدستور. وقال "الأزهري": إن جماعة الاخوان المسلمين لم يهتموا بأمر مرجعية الأزهر والتي طالبنا بها وهي هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف والتي حرصنا عليها والمكونة من حوالي 40 عالم وفقيه . وأبدى الدكتور السيد خليفة استياؤه من رغبة الحرية والعدالة للاستحواذ على مقاعد الشعب والشورى وقال: إن حزب النور تعرض لعمليات استحواذ إخوانية في البرلمان المصري ولكن حزب النور تصدى لهذا، وطالب بالتوزيع العادل للجان المجلس وقال نقف مع الحرية والعدالة طالما يسعوا لمصلحة البلد ونتخلى عنهم إذا خرجوا عن الشرعية. وأضاف قدمنا مبادرة للرئاسة للوصول الى حلول لما تمر به مصر حاليا من أزمات اقتصادية وسياسية للخروج بها من عنق الزجاجة، مؤكداً على رفض حزب النور المشاركة في وزارة الإخوان ورفضه أخونة الدولة. فيما أكد محمد عياد، وكيل حزب النور بكفر الشيخ على أن جزءًا كبيرا من الخلاف هو سوء الاستماع إلى الآخر وأن حسن الاستماع يزيل قدر كبير من الخلاف بين الدعوة السلفية وحزب النور من جانب وكل فئات المجتمع من جانب آخر وأن هذه هي رسالة الإسلام الحقيقية التي نؤمن بها وهي التعارف والتواصل. تحجيم الدعوة وسرقة النجاحات كما اتهم قيادي كبير بحزب النور في تصريحات صحفية، جماعة الإخوان ، بالسعي إلى تحجيم الدعوة السلفية، قائلا: "الإخوان تحاول تحجيم الدعوة السلفية من خلال الموظفين المنتشرين في الدولة والمنتمين للجماعة، وفوجئنا بكم هائل من حجم الموظفين التابعين لحزب الحرية والعدالة في وزارة الأوقاف والتربية والتعليم". وأضاف أن حزب النور يقدم مشروعات تساهم فى النهوض بالدولة، ولكن المشروعات تتوقف من قبل الإخوان التى تسطو على هذه المشروعات، ثم تنسب نجاح هذه المشروعات إليها، ضاربا المثل بمشروع الخبز فى محافظة الإسكندرية. وعن "أخونة الدولة"، قال: "الجماعة تخون الدولة فعلا، ومن لا يرى من الغربال يبقى أعمى"، مشيرا إلى أن أسامة ياسين وزير الشباب يرجئ انتخابات مركز الشباب محاولة منهم لسيطرة شباب جماعة الإخوان على وزارة الشباب. وقال القيادى بحزب النور: "ياريت جماعة الإخوان تعين أشخاصا ذو كفاءة في الدولة فلن نعترض، ولكنهم يعينون أشخاصًا فاشلين، ومثال على ذلك الدكتور حسن البرنس نائب محافظ الإسكندرية"، متسائلا: "كيف يتم تعيين البرنس وهو لا يملك أدوات الإدارة فهو تخصص في عمل الإشاعات الطبية!". إقالة هشام قنديل وكان من ضمن ملف إشعال الخلافات بين السلفيين والإخوان، تشكيل حكومة الدكتور هشام قنديل، في نهاية أغسطس الماضي، عندما جرى إقصاء السلفيين منها، ثم اتسعت الهوة مع صياغة الدستور، وظهر تباين واضح في وجهات النظر بين الجانبين، في ما يخص التعاطي مع الشريعة الإسلامية، ما جعل نادر بكار أحد رموز التيار السلفي، يخرج عن دبلوماسيته المعهودة في التعامل مع الإخوان، متهمًا الجماعة ولأول مرة ب"أخونة" الدولة، وإقصاء المعارضة من المناصب، معتبرًا أن ذلك هو السبب الرئيسي في حالة الاحتقان السياسي التي تعاني منها مصر، وهي مصطلحات سياسية دأبت المعارضة على استخدامها في مواجهة الرئيس مرسي والإخوان. نقض الوعود رفضت جماعة الإخوان مبادرة حزب النور السلفي مع قيادات جبهة "الإنقاذ" الوطني، والتي تضمنت عدة بنود أهمها تشكيل حكومة إنقاذ وطني، وإقالة النائب العام طلعت عبد الله، وتشكيل لجنة لتعديل المواد الخلافية في الدستور. يأتي إصرار الأحزاب السلفية على خوض الانتخابات البرلمانية المقبلة منفردة، ورفض التحالف مع الإخوان، بسبب "نقض" الإخوان وعودهم للسلفيين أكثر من مرة. وأكدوا أنهم ينافسون الإخوان على الأغلبية ويسعون إلى تشكيل الحكومة بعد الانتخابات، ما يؤكد أن التحالف بين الطرفين صار في خبر كان، وأن مرحلة جديدة من الطلاق السياسي بينهما قد بدأت. التقارب مع إيران كان ترحاب الإخوان الواضح بزيارة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد لمصر ضمن القمة الإسلامية، والحديث عن فتح صفحة جديدة في العلاقات مع الدولة الشيعية الأكبر، موضع خلاف حاد بين الإخوان والسلفيين. وقال الشيخ محمود عامر، القيادي بالتيار السلفي، إن الإخوان لا تهتم بأية مباديء دينية، وتتعامل مع الإسلام وفقًا للمعطيات السياسية. مضيفا أن التقارب مع إيران مرفوض جملة وتفصيلًا، بسبب المنهج الأعور الذي ينتهجه الشيعة، لا سيما في ما يخص سب الصحابة وزوجات الرسول الكريم، إضافة إلى قيادة إيران عمليات الإبادة ضد السنة في سوريا والعراق، ومحاولاتها المستمرة الهيمنة على دول الخليج ونشر التشيع في مصر. ونبه إلى أن السلفيين يرفضون هذا التقارب، ولو استمر الإخوان في هذا النهج، فإن السلفيين لن يقفوا مكتوفي الأيدي. ونبه إلى أن البديل للخروج من المأزق السياسي الحالي يتمثل في تبني الرئاسة مبادرة حزب النور وإقالة حكومة الدكتور هشام قنديل وتشكيل حكومة إنقاذ وطني يشارك فيها جميع التيارات السياسية، ومنهم السلفيون . اتفاقية قرض "ربوية" كما شهدت إحدى جلسات مجلس الشوري أزمة عنيفة بين نواب حزب النور السلفي ونواب حزب الحرية والعدالة الإخواني، اتهم عبد الله بدران المتحدث باسم حزب النور الحرية والعدالة بأنه "يريد منا أن نوافق قهرا علي اتفاقيات ربوية أو الانسحاب وذلك بخصوص الأمور والقضايا التي يناقشها مجلس الشوري، وحذر بدران نواب حزب الإخوان قائلا: "أرجوكم لا تشعلوا الجو بيننا أكثر من ذلك"، كانت المواجهة بين السلفيين والإخوان قد نشبت علي أثر موافقة مجلس الشوري علي اتفاق "مظلة" بين الحكومة المصرية والاتحاد الأوروبي وبنك الاستثمار الأوروبي بمبلغ 60 مليون يورو بشأن برنامج التنمية المجتمعية. واتهم حزب النور السلفي نواب الإخوان بأنهم تسرعوا في الموافقة علي الاتفاقية بدون المناقشة الكافية وقال: إن اللجنة المختصة قامت بالموافقة عليه في جلسة واحدة وتساءل لماذا الاستعجال هل تريدون منا الموافقة قهرا أو الانسحاب.