أكدت الدكتورة ديزي كوزاسترا رئيس المنظمة العالمية للأسرة بالبرازيل أن القضاء على مشكلة اطفال الشوارع أمر يمكن تنفيذه حيث نجحت مدينة كوريتيبا البرازيلية ، والتى يبلغ تعدادها مليونا و700 ألف نسمة ، فى جعل عدد أطفال الشوارع بها صفرا ، وذلك بعد تنفيذ سياسات عامة شاملة للحماية الوطنية والطفولة والشباب والأمن الاجتماعي من خلال برنامج يحمل اسم "الأطفال لا تريد مؤسسة خيرية.. الأطفال يريدون المستقبل" الذى نفذ على مدى 5 سنوات على المستوى المحلي ، وذلك بالشراكة مع السلطة المحلية ومنظمات المجتمع المدني. وقد طرحت هذه التجربة اليوم خلال فعاليات ورشة العمل الإقليمية حول (سبل تمكين وتوظيف الشباب في وضعية الشارع) التى نظمها المجلس لقومى للطفولة والامومة بالتعاون مع برنامج الأطفال والشباب بالمعهد العربي لإنماء المدن لمدة يوم واحد ، بحضور ممثلي وزارات (الصحة والسكان ، الشئون الاجتماعية، الصناعة، القوى العاملة والهجرة، الإعلام) وخبراء من دول (الهند ، ولبنان، والسودان والبرازيل ، والمملكة المتحدة ، والسعودية) والمنظمات الدولية (اليونيسيف ، هيئة إنقاذ الطفولة) وممثلي جمعيات المجتمع المدني. وتابعت الدكتورة ديزى كوزاسترا أن البرازيل يبلغ عدد سكانها 191 مليونا وتضم 27 مقاطعة و 5565 بلدية ، ويبلغ عدد الأطفال والشباب بها 66 مليونا بمعدل 33% ، ويتواجد أكبر عدد منهم في أمريكا الجنوبية ، مشيرة إلى أنه تم كتابة دستور جديد للبرازيل عام 1988 بعد تحويل الحكم من عسكري إلى مدنى ، وتم وضع النظام الوطني للضمان الاجتماعي والموجه من قبل سياسة وطنية للحماية الاجتماعية من أجل توحيد الخدمات المقدمة لأطفال الشوارع والمواطنين عامة ، وبالتالي تم إصدار قانون المساعدات الاجتماعية . وأضافت أن بلادها نجحت في القضاء على المركزية على المستوى القومي والمحلي وأصبحت تعمل بشكل لا مركزي مما أدى إلى نجاح كبير في هذا المجال من خلال وضع مفاهيم أساسية ومنظمة على جميع المستويات ، ومنذ 2008 تمكنت من تطوير السياسات العامة ، وفى عام 2010 تم وضع خطة عمل شاملة مدتها 10 سنوات يتم قياس نجاحها بعد انقضاء نصف المدة ، واعتمدت على التركيز على منظومة الأسرة كمسئول اجتماعي ، وضرورة وجود الطفل داخلها حيث أنها أساس المجتمع وكيان لابد من الحفاظ عليه. وأشارت إلى أنه تم التعامل وتقديم الحماية الاجتماعية الأساسية للأسر والأفراد في حالات الفقر أو التمييز وكذلك الأسر التى تعرضت لانتهاكات أو تفكك أسري وتوفير الإسكان والمشروعات المدرة للدخل ، وتم التعامل مع الأطفال من خلال أشخاص مدربين ومؤهلين ، وتوفير نظام صحى وتعليمي جيد النوعية وممارسة الأنشطة والترفيه . وعرضت البروفيسور نيلا دبير نائب مدير عام معهد تاتا للعلوم الاجتماعية بالهند الخبرات الهندية في مجال العمل مع أطفال الشوارع ، مؤكدة أنه تم التعامل مع تلك الظاهرة كظاهرة مجتمعية حيوية حيث أن سلوك أطفال الشوارع يتغير بشكل سريع كلما زادت أعمارهم فى الشارع ، مما يستوجب ضمان تحقيق الحماية والرفاهية للأطفال وجعلهم قادرين على بناء مستقبلهم . وأشارت إلى أن الهند قامت بعدد من التدخلات في هذا الشأن مثل رفع الوعي ، ووضعهم في مراكز ، وتوفير مأوى ليلي للنوم وتقديم خدمات أخرى ، وتوفير الرعاية الأسرية لجعلهم أكثر إيجابية وتفاعلية داخل المجتمع ، من خلال مشروع يسمى "تشايلد ناين " بالشراكة بين 9 مؤسسات بالدولة لديها خبرات في هذا المجال ، وتقوم بتنفيذه في 5 مدن ويجرى الآن دراسة تعميمه على المستوى القومي . واضافت انه تم تنفيذ مشروعات أخرى مثل "ساش " و "رين جو هومز " الذى يقدم مأوى سكنيا للأطفال من خلال وحدات صغيرة للأسر والأطفال ومعسكرات خاصة يتم فيها علاجهم من الإدمان ، ومعسكرات طويلة المدى يتم من خلالها رفع وعي الأسر والأطفال بالتعاون مع المدارس . وذكرت أن مشروع "رين جو هومز" تبنى مبادرة لإعادة الفتيات المتسربات من التعليم إلى المدارس مرة أخرى بعد إعداد وتطوير هذه المدارس ، فضلا عن مشاركة الفتيات في كل القرارات المتعلقة بهن ، بالإضافة إلى دراسة واقع الأطفال في حياة الشارع دون إجبارهم على العودة إلى أسرهم ويترك لهم اتخاذ القرار في هذا الشأن ، وفى حالة رغبة الفتيات في استكمال الدراسة يتيح لهم المشروع أن يستمروا في الدراسة 4 سنوات إضافية وتوفير سكن مناسب إلى أن تتجاوز أعمارهن من 18 عاما ، وتنفذ هذه المبادرة بتمويل من منظمات هولندية لتغطية احتياجات الفتيات والتى تقدر ب 500 يورو للفتاة سنويا . وأوضحت أن هناك مشروعا يسمى "سيدن" يوفر المأوى للأطفال الذين لا يرغبون في العودة للمنازل ، ويعمل على توفير بيئة أسرية في المأوى من خلال العاملين بنفس المأوى والذين يقيم بعضهم في نفس الأماكن وتقوم الحكومة بمتابعتهم والإشراف عليهم . واستعرضت لويز مينكى مدير الحشد والدعوة في جمعية أطفال الشوارع ، تجربة المملكة المتحدة في مجال أطفال الشوارع ، حيث أكدت أهمية ضمان تمكين الأطفال وإعادة دمجهم وتغيير النظرة المجتمعية لهم من مجرمين إلى ضحايا ، والتركيز على الروابط بين البيئة المحيطة بهم حيث أن الشارع أصبح نقطة موضوعية ومركزية في حياتهم. وقالت إنه تم التعاون مع القطاع الخاص وإقامة شراكات متعددة لتعزيز الجهود الدولية ، موضحة أن تفعيل دور القطاع الخاص له 3 محاور للنجاح وهي المجتمع المدنى والحكومة والقطاع الخاص ، حيث تم دعم عدد من منظمات المجتمع 500 ألف طفل شارع استفادوا من الشراكة في التعليم والتدريب المهنى. وأضافت أن هناك 70 منظمة دولية تعمل في هذا المجال في أكثر من 130 دولة مثل هيئة إنقاذ الطفولة ومنظمة بلان ، واستعانت منظمة ثري كيدز الكندية الرسوم المتحركة كأداة تعليمية للأطفال ، وهناك منظمات قدمت الدعم النفسي للأطفال ودأبت على العمل مع الأسر وتكثيف الزيارات المنزلية لهم . وأشارت إلى أنه هناك انتهاكات يتعرض لها الأطفال في الشارع ، لذلك تم تدريب أفراد الشرطة على التعامل معهم للحد من هذه الانتهاكات ، ومحاولة التفاوض مع الأطفال واستقطابهم ليصبحوا فاعلين في البرامج والمشروعات ذات الصلة ، موضحة أنه تم العمل على تنفيذ توصيات تقرير المفوضية الأوروبية لحقوق الإنسان ، والتى تشير إلى ضرورة تعزيز الشراكات متعددة الأطراف ، وتطوير نظم حماية أطفال الشوارع ودمجهم في المجتمع للقضاء على العنف ، وطرح مجموعة من التشريعات والسياسات المحلية وتوفير ميزانية لهذه التدخلات ، وإشراك السلك الأكاديمي في عملية البحث للمساعدة في صنع القرار . وأكدت أهمية إدراج أطفال الشوارع بشكل رئيسي في المجتمع المحلى ، والربط بين المستويات السياسية المختلفة في تناول القضية ، ودراسة دور القطاع الخاص وتنمية الرغبة في التعلم من الممارسات الجيدة واستغلال التعاون الدولي كبيئة لتمكين القطاع الخاص ، وتحديد يوم 12 إبريل يوما قوميا لأطفال الشوارع .