حطم ذوبان الجليد البحري في القطب الشمالي رقمين قياسيين سبق تسجيلهما عامي 2007، ومنتصف 2012، وذلك وفقا لما نشرته تقارير منظمات البيئة العالمية، وصور الأقمار الصناعية الخاصة بوكالة الفضاء الأمريكية ناسا والتي أشارت إلى أن حجم ذوبان جليد جزيرة جرينلاند بلغ حوالي 19 مليار طن مما يعد المعدل الأكثر على الإطلاق حتى الآن. ذوبان الجليد في الصيف خفض مناطق البحار المتجمدة إلى أقل من 5ر3 مليون كيلومتر مربع، أي أقل من نصف المساحة التي كانت تلك البحار تحتلها خلال العقود الأربعة الماضية، فالرقم القياسي (17ر4 مليون كيلومتر مربع) لعام 2007 قد تحطم في 27 أغسطس 2012، وقد ارتفعت نسبة الذوبان منذ ذلك الحين إلى أكثر من نصف مليون كيلومتر مربع. وتطرح هذه التقارير تساؤلا عريضا وهو ماذا تفعل الشمس عند سطوعها على قطبي الأرض الشمالي والجنوبي بعد غياب ستة أشهر عنهما، ذلك التساؤل الذي حتم على العلماء في الإجابة عليه دراسة سبل الاستفادة من ظاهرة ذوبان الجليد في تلك المناطق خاصة مع أزمة نقص المياه التي تهدد كوكب الأرض بالإضافة إلى وضع سيناريوهات للاحتمالات البيئية المتوقعة. وتشير بيانات المركز القومي لبيانات الجليد الواقع في ولاية كولورادو الأمريكية إلى أن طبقة الجليد البحري وصلت إلى 3.45 مليون كيلومتر مربع، وتوقع خبراء البيئة بأن يصبح المحيط المتجمد الشمالي خاليا من الثلج خلال أشهر الصيف في غضون عشرين عاما، مما قد يؤدي إلى تداعيات مناخية كبيرة، وبأن مؤشر الانحباس الحراري الناجم عن انبعاث الغازات من حرق الفحم والبترول وغيرها من أنواع الوقود الأحفوري والتي ينتج عن حرقها ثاني أكسيد الكربون وغيرها من الغازات الدفيئة وهى المسئولة عن التغيرات المناخية التي تسبب بها الإنسان. وفي الوقت نفسه، أدى ذوبان الجليد إلى تزايد اهتمام الكثير من الدول في الآونة الأخيرة بمنطقة القطب الشمالي، حيث اشتدت المنافسة بين دول القطب الشمالي والمؤسسات الاقتصادية للدول المختلفة من أجل السيطرة على موارد الطاقة في هذه المنطقة، كما يلاحظ النشاط العسكري المتزايد من الدول المتاخمة للدائرة القطبية الشمالية، ومنها روسيا وأمريكا وكندا والنرويج والدنمارك والسويد. ورجح تقرير الخبراء الصادر عن دائرة المسح الجيولوجي الأمريكي أن القطب الشمالي، البالغ مساحته 27 مليون كيلومتر مربع، يحتوي على أكثر من بليون برميل من النفط الخام (13% من احتياطيات النفط العالمي التي لم تستكشف بعد)، وحوالي 47.3 تريليون سنتيمتر مكعب من الغاز الطبيعي (30% من احتياطيات الغاز العالمي التي لم تستكشف بعد) ونحو 20% من الغاز الطبيعي السائل. أما وزارة الموارد الطبيعية الروسية فتقول إن بإمكان روسيا استخراج ما يزيد على 586 بليون برميل من النفط من أعماق مياه القطب الشمالي في مناطق تعتبرها روسيا ضمن أراضيها مثل: بارينتز، وبيشورا، وكارا، وشرق سيبيريا، وبحر تشوكشي، وبحر لابتيف، إذ يمكن أن تصل كمية النفط في هذه المناطق إلى 418 مليون طن (3 بلايين برميل)، بينما تصل احتياطيات الغاز حوالي 7.7 تريليون سنتيمتر مكعب. وتشير الوزارة أيضا إلى أن الاحتياطيات غير المستكشفة حتى الآن تقدر بنحو 9.24 بليون طن أي 67.7 بليون برميل من النفط، 88.3 تريليون سنتيمتر مكعب من الغاز، وإضافة لذلك، يحتوي القطب الشمالي على ترسيبات هائلة من المعادن النفيسة والأحجار الكريمة مثل الذهب والفضة والنحاس والحديد والماغنسيوم والهيدروكربون والبلوتينيوم والزنك والماس، ثم الثروة السمكية الهائلة غير المستغلة بعد.