الصراع علي القطب الشمالي مرده مقدرات الطاقة التي يحتوي عليها اذ يضم وحده 20٪ من احتياطي الغاز والنفط في العالم خاصة في ظل تحذيرات من أن الاحتياطي الباقي في دول العالم لن يكفي البشرية لأكثر من 30 عاما. هذه الموارد أشعلت سباقا محموما بين الدول المتقدمة لتجد لنفسها موطئ قدم في القطب الشمالي المليء بالثروات المعدنية، ومن هنا بدأ فصل جديد من الصراعات بين دول أوروبا التي تنتمي غالبيتها للناتو وحليفتهم أمريكا من ناحية وروسيا من الناحية الأخري.. فهل يتحول القطب الشمالي إلي نقطة ساخنة علي الخريطة الدولية أم إلي منطقة تعاون ؟ الصراع في هذه المنطقة اقتصادي بالدرجة الأولي نتيجة التنافس بين دول أوروبا القطبية وروسيا وأمريكا رغبة في الاستفادة من ثروات هذه المنطقة كما يري الباحث يوري موروزوف في مقال تحليلي نشره علي موقع مجلس كارنيجي للأخلاقيات في الشئون الدولية، فالمميزات الجيولوجية للمنطقة القطبية المتنازع عليها تقع في قاع المحيط المتجمد متمثلة في الموارد المعدنية بكميات كبيرة والكافية من أجل التنمية الصناعية مع وجود احتياطيات محتملة من النفط تصل إلي 90 مليار برميل واحتياطيات غاز تصل إلي 47.3 تريليون متر مكعب والثروة السمكية الكبيرة، كما أن طبيعة المنطقة خارج المحيط تكتسب أهمية استراتيجية حيث توجد مواقع ملائمة لاطلاق الصواريخ الباليستية علي جميع الأهداف المحتملة كما توجد مواقع لأنظمة الدفاع الصاروخي وأنظمة الصواريخ والانذار المبكر وغيرها من نظم الردع الدفاعي، وفضلا عن ذلك تمثل المنطقة القطبية ممرا دوليا مختصرا للملاحة العالمية يربط بين أوروبا وأمريكا الشمالية وكذلك مناطق أوراسيا مما قد يؤدي للاعتماد عليه عوضا عن قناة السويس ورأس الرجاء الصالح لنقل 70٪ من مصادر الطاقة. روسيا علي سبيل المثال تساهم أراضيها في القطب الشمالي بنحو 21٪ من إجمالي الدخل القومي الروسي والمنتجات التصديرية لهذه الأراضي تشكل 17٪ من اجمالي صادرات روسيا فضلا عن 5٪ من إجمالي الاحتياطيات العالمية المؤكدة من النفط و15٪ من الغاز التي تتركز في إقليم القطب الشمالي بالاتحاد الروسي. وهنا مكمن رغبة الدول الأخري في الاستثمار بالمنطقة خاصة مع وجود تحركات روسية لتأمين أراضيها هناك بالقوة العسكرية ولهذا السبب يجري تداول اقتراح بتدويل المنطقة القطبية من خلال إنشاء كونسورتيوم دولي لادارة النقل في المحيط المتجمد، لكن في أي حال لا يمكن تجاهل حقيقة أن كل الدول التي تطل او تجاور المنطقة القطبية ما عدا روسيا هم أعضاء في حلف الناتو.. وعلي هذا الأساس لا يمكن أن تستبعد موسكو إمكانية أن تتصرف هذه الدول ككتلة واحدة خصوصا في القضايا المتعلقة بالدفاع كما يقول موروزوف. لكن من المستبعد أن تصل الدول المجاورة للقطب الشمالي لاتفاق مشترك يجعل المنفعة تعم علي الجميع فالكل يطمع في الاستئثار بالكعكة وحده.