استحوذت تطورات أحداث العنف التي تشهدها مصر حاليا والجهات المسئولة عنها على مقالات كتاب الصحف المصرية اليوم الثلاثاء. ففي مقاله "هوامش حرة" بصحيفة "الأهرام" قال الكاتب فاروق جويدة "لم أكن اتصور مع الكثيرين إن القرار السياسي في مصر سوف يعود إلى المربع رقم واحد ويبدأ رحلة جديدة مع الحلول الأمنية متجاهلا تماما حالة الاحتقان السياسي التي تعيشها مصر". وأضاف الكاتب "لم أكن اتصور أن تعود اشباح الماضي في فرض حالة الطوارئ وأن تعود عذابات القمع والمنع والمصادرة"، مشيرا إلى أن المصريين عاشوا سنوات طويلة في ظل حالة الطوارئ. وقال الكاتب "هناك اجيال كاملة قضت حياتها في ظل هذه الظروف الاستثنائية وكان التحايل سمة من سمات العصور السابقة حيث كان السجين يحصل علي حكم بالبراءة ثم يجد في انتظاره علي باب لسجن امر اعتقال جديد وكان زوار الفجر يمثلون صفحات سوداء في حياة المصريين حيث لا قدسية لقوانين ولا مكان للحريات". واعتبر الكاتب أنه من الغريب أن يقع الإخوان المسلمون وقد وصلوا للسلطة في الخطايا نفسها، وهم الذين عانوا سنوات طويلة في السجون والمعتقلات وحالة الطوارئ.. لم أكن اتصور بعد أقل من نصف عام في السلطة وامام ثورة شعبية غاضبة ان تصادر حريات اهالي بورسعيد الصامدة والسويس العريقة والإسماعيلية مدينة الجمال . وخلص الكاتب إلى التأكيد قائلا "نحن ضد العنف والفوضى ولكننا أيضا ضد الحلول الأمنية التي أفسدت علي المصريين حياتهم زمنا طويلا واغلقت كل ابواب التفاهم والحوار السياسي"، معتبرا أن الإخوان المسلمين عادوا إلى أسوأ الحلول في مواجهة الشارع المصري. وفي مقاله بصحيفة "الشروق" اعتبر الكاتب فهمي هويدي أن ما تشهده مصر الآن أقرب إلى الهزات الأرضية التي تظل تتوالى بعد حدوث الزلزال، الأمر الذي لا ينبغي له أن يصدمنا، وقال "أكرر ما سبق أن قلته من أن ذلك من طبائع فترات الانتقال التي تعقب الثورات وما تصطحبه من تحولات كبرى تستهدف بناء نظام جديد فوق أنقاض ومخلفات النظام السابق". وأضاف الكاتب "التدمير الذي أحدثه النظام السابق لم يكتفِ بتقزيم بعض الأحزاب السياسية وإصابتها بالإعاقة، وتحويل البعض الآخر إلى أبواق للسلطة وأجنحة للحزب الحاكم فحسب، وإنما أدى إلى تشويه علاقات القوى السياسية، وحرق البدائل المستقبلية للنظام". واعتبر الكاتب "إن الخراب تجاوز قطاعات الخدمات والإنتاج وإنما طال أكثر مؤسسات الدولة، وأصاب في مقتل الحياة السياسية فيها، وهذه الأخيرة تهمنا لأنها وثيقة الصلة بالأزمة الراهنة للثورة المصرية، ذلك أن التدمير الذي أحدثه النظام السابق لم يكتف بتقزيم بعض الأحزاب السياسية وإصابتها بالإعاقة، وتحويل البعض الآخر إلى أبواق للسلطة وأجنحة للحزب الحاكم فحسب، وإنما أدى إلى تشويه علاقات القوى السياسية، وحرق البدائل المستقبلية للنظام". وقال الكاتب "إن مصر هي الدولة العربية الكبرى التي يمكن أن يؤثر مصير الثورة فيها على مستقبل الربيع العربي كله، ذلك أن الجماعات الإسلامية في مصر، وعلى رأسها الإخوان المسلمون، أتيح لها لأول مرة منذ أكثر من ستين عاما أن نشارك في الحياة السياسية بصورة شرعية، بعدما ظلت محظورة طيلة تلك السنوات". وأضاف الكاتب "لقد شاءت المقادير أن تنتقل تلك الجماعات من موضع المطارد من جانب السلطة إلى موقع الشريك في السلطة، بل المتربع على رأسها، هذه النقلة فوجئت بها الجماعات الإسلامية ولم تتحسب لها، لذلك فإنها أصبحت مواجهة بتحد جديد يتمثل في كيفية تحويل الشعارات والتعاليم إلى سياسات، وهو ما لم تكن مضطرة إليه طيلة سنوات الإقصاء بسبب الانسداد الديمقراطي الذي أخرجها من المعادلة". واعتبر الكاتب أن "الدكتور محمد مرسي أن يتحمل القسط الأكبر من مسؤولية مواجهة الأزمة باعتباره رئيس الجمهورية والطرف الأهم في المعادلة، لست ألغي الطرف الآخر أيا كان تقييمنا له، لكنه يظل في المقام الثاني من المسئولية"، مضيفا "للأسف فإن دعوة الرئيس إلى الحوار الوطني لم تؤخذ على محمل الجد، لذلك فإن الحديث مجددا عن ذلك الحوار سوف يستقبل بفتور وربما بإعراض من الأطراف الأخرى". وفي مقاله بصحيفة (الأخبار) أكد الدكتور أحمد عمر هاشم رئيس جامعة الأزهر الأسبق أن واجب المجتمع أن يحمي أمن البلاد والعباد، وأن يصون حرمة النفس الإنسانية، فالمؤمن من بنيان الله وملعون من هدم بنيان الله. وقال إن الذي حدث على أرض الكنانة من إزهاق للأرواح أمر يندى له الجبين، فمهما تكن الدواعي والأسباب.. لا يصح لأحد كائنا من كان أن تمتد يده بالسوء لإزهاق روح إنسان حتي في القصاص الحدود لم يجعل الله تعالي ذلك بأيدي الناس بل جعله بيد ولي الأمر حتي لا تصبح الحياة فوضي فتزهق الأرواح وتراق الدماء على مذابح الأضغان والاحقاد. وتابع الكاتب ليقول:"وليعلم كل من امتدت يده بالسوء لإزهاق روح إنسان أن له خمس عقوبات قررها القرآن الكريم في قول الحق تبارك وتعالي:"ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها، وغضب الله عليه، ولعنه، وأعد له عذابا عظيما فالعقوبة الأولى هي أنه في جهنم، والثانية أنه يكون خالدا في النار، لأن الذي يستحل القتل خرج من حظيرة الإسلام، والثالثة غضب الله عليه لأنه ارتكب أكبر الكبائر، والرابعة ولعنه، أي طرده من رحمته، والخامسة هي أن الله أعد له عذابا عظيما. وأشار إلى أن الإسلام أكد على حرمة النفس الإنسانية، وقرر حقها في الحياة الآمنة وبين رب العزة سبحانه وتعالي أن العدوان على نفس واحدة هو عدوان على الإنسانية جمعاء، لأنه أشاع الفوضي وأثار همجية أهل الشر والعدوان، ونشر الخوف والاضطراب والعدوان في الأرض. وأكد الدكتور هاشم في ختام مقاله أن الذي جري حيال الأحداث والجرائم التي جرت قبل ذلك ما كان إلا ردود أفعال لا أكثر ونحن لا نريد أن يكون مواقفنا من الأحداث والجرائم ردود أفعال، بل نريد أن نحدد حجم المشكلة المروعة التي جرت على أرض الوطن وضاع ضحيتها شباب من زهوة أبناء مصر فهي مشكلة تستوجب الوقوف حيالها لحسمها. وفي مقاله "معا" بصحيفة "المصري اليوم"، رأى الكاتب عمرو الشوبكي أن ما جرى في بورسعيد هو مأساة حقيقية ليس فقط بسبب حجم الضحايا الذين سقطوا عقب إصدار حكم قضائي بإعدام 21 متهما بقتل 72 مشجعا أهلاويا في استاد بورسعيد، إنما بسبب فشل الحكومة والمعارضة في التواصل مع أهل المدينة قبل النطق بالحكم، والاكتفاء بإدارة معركة شرسة على السلطة بعيدة عن إرادة الناس. وأكد أن المصاب كبير، والضحايا هم شباب مثل الورد ذهبوا من أجل الرياضة، وقد يكون بعضهم هجر السياسة وفضَّل أن يرتاح قليلا من مظاهرات الميادين، لكنه فوجئ بالسياسة تحاصره حتى لو تركها إلى كرة القدم، فعرف أنه لابد أن يتم إصلاح وزارة الداخلية حتى يعود رجل الأمن لممارسة عمله بكفاءة وفى ظل القانون. وقال إن حكم المحكمة لم يكن مسيسا، ولكن توقيته لم يكن مناسبا، والقضاء المحترم في أي دولة في العالم لا يجب أن يخضع لحسابات السياسة وأهوائها، إنما يحكم بما يمليه عليه ضميره والقانون، وحساب رد الفعل والتوقيت هو أمر يخص أولا السلطة الحاكمة والقوى السياسية والشعبية، التي ثبت أنها حصلت على صفر كبير في قدرتها على التواصل مع أهل بورسعيد منذ المجزرة وحتى النطق بالحكم. وأكد أن أهل بورسعيد شعروا بألم كبير، فهم شعب معتز بنفسه وكرامته، وكثيرا ما كنت أقول لأصدقائي من أهل بورسعيد: كلكم زعماء وكلكم لا تخطئون، ولكن منذ الحادثة شعرت بغياب الزعامة، وعدم الرغبة في الاعتذار عن خطأ لم ترتكبه المدينة إنما قله مأجورة، فهم اعتادوا أن يحتجوا على الحكم أو يشتبكوا مع جماهير الأهلي، لكنهم لم يقتلوا الناس ففيهم كل الصفات المصرية من سماحة وطيبة وكرم. وأشار إلى أن الرسالة التي كان يجب على الجميع إيصالها لأهل بورسعيد طوال العام الماضي، وفشلوا فيها شعبيا وسياسيا، هي ضرورة التمييز بين أهل المدينة الباسلة وحتى جمهور الكرة المتعصب، وبين من نفذوا تلك الجريمة، فهؤلاء لا يمثلون الباقين.