بدأت المواجهات بين نواب مجلس الأمة الكويتي والحكومة ممثلة في وزير المالية مصطفى الشمالي مبكرا، على ضوء تصريحاته الرافضة لإسقاط القروض والفوائد، ولم ينظر النواب إلى الأعباء التي يمكن أن تتحملها المالية العامة في مثل هذه الحالة، بل اختاروا المواجهة خاصة وأن قضية القروض كانت أساس الدعاية الانتخابية للكثير منهم . وأكدوا أن ما ورد على لسان الشمالي يشير إلى أنه لم يتخل عن سياسته الاستفزازية وحرصه على التصريحات السلبية التي لا تضر به وحده بل بالحكومة ككل، وأن قضية إسقاط فوائد القروض ليست للشمالي وحده بل معني بها مجلس الأمة الذي أؤتمن على قضايا عدة من أهمها هذه القضية. وقد أجمع عدد من النواب على إصرارهم على معالجة ملف "فوائد القروض" بما يحقق تطلعات المواطنين في هذا الجانب ويخفف من الأعباء الملقاه على عاتقهم، وأكدوا أن معالجة الأمر يجب أن تتم بطرق فنية دون تضخيم أو استفزاز لأي طرف، وأنه يحق للحكومة إبداء وجهة نظرها تجاه أية قضية أو مشكلة ينتظر الشعب الكويتي حلولا لها كالقروض وغيرها، ولكن يحق للنواب أيضا إبداء وجهة نظرهم من خلال التقدم باقتراحات بقوانين ومراقبة الأداء الحكومي تجاه تنمية البلد فالأسر الكويتية المتعثرة هى جزء من التنمية. وأوضح النواب أن تصريح الشمالي فيه تجاوز خطر على السلطة التشريعية وعدم احترام لفصل السلطات .. مشيرا إلى أن الأولى به أن ينتظر عما ستسفر عنه إجراءات المجلس، ومن ثم عرضه في الجلسة، وهنا يحق للحكومة أن تعبر عن رأيها بالقبول أو الرفض وفق اللائحة الداخلية أثناء الجلسة، ومن خلال التصويت، وغير ذلك يعتبر استفزازا، وأن هناك شبه إجماع من النواب على حل هذه القضية، وأن المجلس يزخر بكفاءات اقتصادية لها القدرة والرؤية الواضحة بهذا الشأن وتستطيع إيجاد حلول عادلة ترضي جميع الأطراف المعنية. وذكرت صحيفة (الوطن) الكويتية أن الحكومة ستبحث في جلستها المقبلة المقترحات النيابية المتوالية لإسقاط فوائد القروض وإعادة جدولة مديونية المواطنين، وإمكانية تنفيذ فحوى هذه المقترحات دون مخالفتها للدستور أو المساس بأسس العدالة الاجتماعية بين المواطنين. وكشف مصدر حكومي مطلع أنه حتى الآن لا يوجد قرار في شأن معالجة القروض لكن ما سيصل إليه مجلس الوزراء سيكون النواة لتحديد القرار .. مشيرا إلى أن مجلس الوزراء قد يضطر لتكليف لجانه الوزارية أو الفتوى والتشريع بتقديم دراسة حول الموضوع والاستعانة من البنك المركزي بالبيانات اللازمة في هذا الخصوص. ونوه إلى فائدة ذلك في أي قرار لمعالجة وليس إسقاط فوائد القروض، مشيرا إلى أن الحكومة ستكون شفافة وواضحة مع النواب حول رؤيتها في موضوع القروض سواء كان بالموافقة المبدئية أو الرفض بهدف توافق السلطتين على القرار وهو نهج ستتبعه في كل القضايا والملفات وليس فقط في ملف القروض. وكان الشمالي قد أكد - في تصريحات سابقة له - عدم وجود نية لدى الحكومة لإسقاط القروض أو شراء فوائدها خلال الفترة الحالية، مشيرا إلى أن مشكلة القروض تمس 28 ألف مواطن معسر، وقد قامت الحكومة بمعالجة أوضاعهم عن طريق صندوق المعسرين، والمشكلة في طريقها إلى الانتهاء، لذلك لا يوجد سبب مقنع لإسقاط هذه القروض. يذكر أن الشمالي قدم استقالته من الحكومة بسبب استجواب قدم أمام مجلس 2012 المبطل، حدث فيه تجاوز على شخصه وهجوم عليه بشكل سافر مما دعاه لتقديم الاستقالة ولكنه عاد للتشكيل الحكومي الأخير الذي أعلن في 11 ديسمبر الحالي. وقد أجرى 27 نائبا حوارا بشأن الأولويات والقضايا التي تهم المواطنين، نتيجة لانتقاد البعض عدم الوضوح في العمل النيابي المشترك، حيث شهد الاجتماع نقاشا حادا حول مجموعة من الاقتراحات بقوانين قدمت ليتبناها النواب كأولويات، حيث تم رفضها ووصفت ب "المعلبة"، وبدأ عدد من النواب في إعداد طلبات لعقد جلسات خاصة لقضايا عدة، أبرزها القضية الإسكانية، أزمة المرور، الملف الأمني. ومن ناحية أخرى، وفي مبادرة جديدة تكرس لنهج التعاون بين السلطتين، أعلن رئيس الوزراء الشيخ جابر المبارك عن تخصيص يوم الثلاثاء من كل أسبوع لاستقبال النواب من أعضاء مجلس الأمة، وأوضح نائب رئيس مجلس الأمة مبارك الخرينج الذي التقى رئيس الوزراء أمس، أنه أكد استقباله لأي نائب يريد زيارته في هذا اليوم، من دون حاجة إلى طلب موعد مسبق من مكتبه، وأن الباب مفتوح للاخوة النواب، للالتقاء معهم والتباحث حول أمور الوطن والمواطن، بقلب مفتوح أيضا ورغبة مخلصة في التواصل. وقال "إنه تم بحث سبل دعم أوجه التعاون والتنسيق بين الحكومة والمجلس، لدفع العمل البرلماني والتشريعي إلى الأمام، وتذليل المعوقات والعقبات التي تحول دون هذا التعاون المنشود" .. مشددا على أهمية قيام الحكومة بدور كبير في دعم التعاون بين المجلس والحكومة، للارتقاء بالأداء، وإنجاز التشريعات التي يترقبها الشعب الكويتي منذ سنوات، سواء تم تقديم هذه التشريعات عبر مشاريع بقوانين من قبل الحكومة، أو بمقترحات بقوانين بواسطة النواب. في سياق متصل، أشادت مصادر نيابية بمبادرة رئيس الوزراء .. مؤكدة أنها تمثل تعبيرا دقيقا عن طبيعة المرحلة الجديدة والتي تتسم بحرص كل الأطراف على توفير مناخ جيد للتعاون بين السلطتين، وتحقيق الإنجازات التي تستحقها الكويت. وأضافت أن هناك إصرارا من الجميع على إنهاء حالة الاحتقان التي كانت تسود العلاقة بين السلطتين خلال السنوات السابقة، والتي أدت إلى تعويق عملية التعاون بينهما، ومن ثم تعطيل إنجاز الكثير من المشاريع الكبرى والتي يعلق عليها الشعب أماله وتطلعاته في تطوير التنمية، وتحويل الكويت إلى مركز مالي، وتعويض ما فاتها بسبب سنوات طويلة من التأزيم والتوتر بين المجلس والحكومة.