رغم تأكيد نواب مجلس الأمة الكويتي أن المجلس والحكومة في قارب واحد ، وأن العلاقة بين السلطتين يسودها التفاؤل والعمل الجاد الذي يحقق ما يصبو إليه الناخب الكويتي ، وأن كتلة ال35 نائبا "المعارضة" تمد يد التعاون للحكومة ، وأنها ستمنح الحكومة من 4 : 6 أشهر حتى تقيم آلية عملها وحرصها على التعاون مع البرلمان ، إلا أن بوادر التصعيد وأزمات جديدة بدأت تلوح في الأفق. وتقدمت كتلة العمل الشعبي بمقترح لإسقاط فوائد القروض، ومنحة 1000 دينار لمن لا يستفيد من الاقتراح ، ونص الاقتراح على أن تقوم البنوك وشركات الاستثمار الخاضعة لرقابة بنك الكويت المركزي بإعادة جدولة أرصدة القروض الاستهلاكية والقروض المقسطة المستحقة على المواطنين لدى هذه البنوك والشركات، وبما لا يزيد على 70 ألف دينار كويتي لكل مقترض ، بعد إسقاط كل الفوائد والعوائد عنها، وبعد استبعاد المخصصات المتوافرة مقابل رصيد كل قرض لدى الجهات الدائنة ، وأن تصرف الدولة منحة مقدارها ألف دينار لكل كويتي مسجل اسمه في الهيئة العامة للمعلومات المدنية في تاريخ العمل بهذا القانون ، ولم يستفد من إسقاط الفوائد ، على أن تصرف الدولة لكل كويتي استفاد من أحكام هذا القانون مبلغا يقل عن ألف دينار منحة تساوي الفرق بين ما استفاده من هذا القانون وما يكمل مبلغ ألف دينار.
إلا أن مجموعة ال 26 رفضت هذا المقترح معتبرة أن في الأمر إهدارا للميزانية العامة للدولة ، إضافة إلى أن مثل هذه السياسة "إسقاط الديون" تحمل مخاطر أخلاقية تؤثر على سمعة الكويت المالية ، ووصفت اقتراح كتلة العمل الشعبي بدغدغة للمشاعر تؤدي إلى خلق ثقافة مجتمعية ترسخ فكرة عدم دفع الالتزامات ، وأن حجة إسقاط فوائد القروض باعتبارها ربوية هى حجة باطلة ، وأن إسقاط فواتير الكهرباء والماء في السابق أدى لامتناع المواطنين عن دفع الفواتير المتراكمة حاليا والتي فاقت ال 100 مليون دينار ، لافتة إلى أن إسقاط فوائد القروض قد يفقد العدالة الاجتماعية بين المواطنين.
من جانبه، نفى مصطفى الشمالي نائب رئيس الوزراء وزير المالية الكويتي وجود أي توجه للحكومة لإسقاط القروض أو إسقاط فوائدها، مؤكدا أن ما يثار خلال هذه الفترة عن وجود نية حكومية لإسقاط الفوائد غير صحيح ، ولم يتم التطرق إلى هذا الموضوع لا من قريب ولا من بعيد.
وقال الشمالي في تصريح لصحيفة "الجريدة" الكويتية: "إن موضوع إسقاط القروض أو الفوائد ليس موضوعا عاديا أو رأيا يتخذ بسرعة ، من دون دراسة للحالة المالية للدولة ، إنما يعتبر موضوعا شائكا ويتوقف على ميزانية الدولة ومدخراتها ، وبات من غير المعقول أن يخرج كل يوم صوت يطالب بإسقاط القروض أو الفوائد ، مع أن موقف الحكومة واضح تجاه هذه القضية".
وأضاف الشمالي أن "البعض يرى أن مشكلة إسقاط الفوائد أو القروض أمر سهل، وأنا أقول إنه مستحيل ، خصوصا أن تكلفة القروض تفوق 6 مليارات دينار"، مطالبا الجميع بعدم الخوض في هذه الأمور لمصلحة البلد.
وأشار إلى أن الحكومة أنجزت صندوق المتعثرين الذي استطاع الحصول على توافق السلطتين ، وبدأ فعليا بمعالجة أوضاع المقترضين المتعثرين الحقيقيين وعددهم 28 ألفا ، أما في الوقت الحالي فلا وجود لمقترضين متعثرين.
وأكد مصدر حكومي رفيع المستوى أن قيام البنك المركزي بتجميع المعلومات عن المقترضين المواطنين ما هو إلا عملية دورية يقوم بها المركزي للتأكد من عدد المقترضين وأصحاب القروض المرتفعة ، والذين التحقوا بصندوق المتعثرين من عدمه، لافتا إلى أن هذه العملية لا علاقة لها من قريب أو بعيد بقضية إسقاط القروض أو فوائدها.
وعلى صعيد التصعيد ، كشفت مصادر نيابية كويتية أن مكتب مجلس الأمة كلف نائب الرئيس خالد السلطان باستشارة الخبراء القانونيين في المجلس لبحث المخارج القانونية بشأن البلاغ المقدم من قبل المجلس السابق الخاص باقتحام عدد من المواطنين مبنى المجلس في 16 نوفمبر الماضي ، وبناء عليه سيتم التعامل مع القضية وما إذا كانت مسألة سحب الدعاوى ستساهم في إسقاط القضية أم لا.
من جهتها، أكدت مصادر مقربة من القرار السياسي أن الحكومة الكويتية سترفض سحب قضية اقتحام المجلس التي أصبحت في عهدة النيابة العامة التي يجب ألا يؤثر أو يتدخل أحد في أعمالها.
وقالت المصادر لصحيفة "السياسة" الكويتية: "من حق المجلس أن يطلب سحب القضية لكن من حق الحكومة أيضا أن ترفض لأنها هي صاحبة الشكوى - عن طريق وزارة الداخلية - والمجلس ينحصر دوره في الإبلاغ فقط ، وهو ليس صاحب الشكوى فهناك حق عام يجب أن يحاسب من انتهكه".
وأضافت المصادر أن طلب السحب غير مبرر، كما أنه على المستوى السياسي يعطي الأطراف الأخرى الحق بالتصعيد بالأسلوب نفسه ، مما سيؤدي إلى احتمال تكرار المشهد السياسي نفسه الذي كان جزءا منه قبل حل المجلس وإجراء الانتخابات"، موضحة أنه الأفضل للجميع - الأغلبية والأقلية والحكومة والمجلس - أن تبقى القضية في عهدة القضاء ويترك ليصدر أحكامه بشكل طبيعي ومن دون أي تدخلات أو تجاذبات.