لم يكن للشباب أى دور واضح داخل الكنيسة قبل ثورة الخامس والعشرين من يناير، لكن ما إن انطلقت الثورة حتى انعكست أضواؤها على الكنيسة القبطية، فبدأ الشباب يكسرون القيود ويخرجون من قوقعة الكنيسة ويعبرون عن آرائهم دون خوف، فكانت الشرارة الأولى مع أحداث كنيسة الماريناب حيث خرج الشباب القبطى الغاضب للتعبير عن رأيه ورفض ما يتعرض له الأقباط من ممارسات، ومنذ تلك اللحظة تكوّن أول اتحاد قبطى سياسى وأُطلق عليه «اتحاد شباب ماسبيرو». وفيما لم يكن له تأثير كبير على الساحة الكنسية فى بداية الأمر، جاءت أحداث ماسبيرو التى راح ضحيتها 23 قبطيًا دهسًا ورمياً بالرصاص من قِبل السلطات، ليظهر اتحاد شباب ماسبيرو بقوة فى الدفاع عن قضايا الأقباط، وانتشرت مسيراته التى عادة ما تبدأ من دوران شبرا. بدأ الاتحاد مشواره السياسى فى الدفاع بالقضايا القبطية، وما لبث أن خرج من عباءة الدور الكنسى وبدأ يهتم بالقضية الوطنية المصرية فظهر دوره بشكل كبير فى الانتخابات البرلمانية والرئاسية، وشرع الاتحاد فى الاندماج مع بقية الحركات السياسية المصرية لحشد الشعب من أجل رفض الإعلان الدستورى الأخير الذى أصدره الرئيس محمد مرسى. ورغم الظهور القوى لاتحاد شباب ماسبيرو، إلا أنه بعد مرور أشهر قليلة على تأسيسية بدأت الانشقاقات والانقسامات تدب داخله وخرج من عباءته عدة ائتلافات وحركات قبطية أخرى مثل ائتلاف أقباط مصر وحركة أقباط بلا قيود ورابطة ضحايا الاختطاف والاختفاء القسرى وأخيرًا المجلس الاستشارى القبطى. وعلى الرغم من الدور الفعال الذى تقوم به هذه الحركات فى الدفاع عن القضايا القبطية، إلا أن البعض يرى أن هذه الحركات فى نقدها الشديد للرئاسة المصرية وأداء الحكومة، قد تسبب حرجًا للكنيسة القبطية وقد تمثل وسيلة ضغط على البابا، وهذا ما حدث فى قضية تأسيسية الدستور، حيث كان لهذه الحركات دور كبير فى التأثير على قرار الكنيسة بالانسحاب من تأسيسية الدستور بعد الانتقادات الكبيرة التى وجهت للجمعية التأسيسية واستشعار الجميع سيطرة التيارات الإسلامية على الدستور حيث خرجت بيانات الحركات القبطية تقول: «الدولة تمارس ضغوطا كبيرة على الكنيسة القبطية كى تتراجع عن قرارها بالانسحاب من الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور، وعلينا أن ندافع عن موقف الكنيسة الوطنى وهو المطلب الذى كان ينشده معظمنا حتى اعتبر البعض أن الكنيسة قد تأخرت فى الانسحاب، ونقاوم أى ضغوط تمارس على الكنيسة». وقد ظهر تأثير الحركات القبطية على المشهد السياسى فى المظاهرات الرافضة للإعلان الدستورى حيث ساهمت هذه الحركات فى حشد الأقباط للخروج فى المظاهرات من دوران شبرا والتى قدرت بعشرات الآلاف. كمال زاخر مؤسس التيار العلمانى القبطى يقول: لا يستطيع أحد إنكار دور الحركات القبطية فى التأثير على القرار الكنسى تجاه السياسات المصرية، فلولا هذه الحركات ما كانت الحكومة المصرية تستجيب لأى من مطالب الأقباط فى الدفاع عن حقوقهم الشرعية، ويؤكد زاخر أن ظهور حركات سياسية رفع الحرج عن الكنيسة فى التدخل فى الشئون السياسية، لتعود الكنيسة إلى دورها الأساسى فى الاهتمام بالأمور الروحية، وترك السياسة إلى العلمانيين والحركات القبطية.ويشدد زاخر على أنه يجب على الحركات القبطية أن تنزع الصورة الطائفية عنها، وتحقق مزيدًا من الاندماج مع الحركات السياسية المصرية المدنية.