ما بين نحيب أمٌ لفقدان أطفالها، وذهول أبٍ يُحدّق النظر في أشلاء طفله في حادث قطار منفلوط الذي راح ضحيته 52 طفلاً، تذكر الجميع قصة فيلم "ضد الحكومة" الذي صاغه الكاتب بشير الديك بحرفية عالية، وأخرجه الراحل عاطف الطيب، وجسده بألم حقيقي الراحل أحمد زكي. توجهنا للكاتب بشير الديك ليرسم لنا سيناريو الأحداث كما يراها فقال أن التاريخ يعيد نفسه من جديد بصورة أو بأخرى مثلما حدث مع فيلم "ضد الحكومة" الذي استمديت تفاصيله من حادث وقع في نهاية الثمانينيات بالإسماعيلية، إذ اصطدم قطار بأتوبيس يُقل أطفالاً في رحلة أطلق عليها الإعلام وقتها اسم "رحلة الموت"، وتوفي عدد كبير من الأطفال حينها. وتصادفت رغبتي في كتابة الفيلم مع الكاتب الراحل وجيه أبو ذكري، الذي كتب عدة مقالات عن حوادث مشابهة في وقتها، وبالفعل بحثنا عن الناجين وتحدثنا معهم حتى خرج الفيلم بهذه الصورة. وعن توقعه بتداعي الأحداث خلال المرحلة القادمة، أكد الديك أن السيناريو معروف، وبدأت أولى خطواته باستقالة وزير النقل، وزيارة رئيس الوزراء لموقع الحادث وصرف تعويضات لأهالي الأطفال، وتقديم وعود بزيادة التعويضات خلال المرحلة المقبلة مع تقديم الجاني للعدالة، فهذا هو السيناريو الذي يتوارثه المسئولين في مصر. وأضاف الديك "إلا أن المتهم الحقيقي من وجهة نظري هو الإهمال المتفشي في الحكومة، وعدم وجود مقومات دولة حتى يتم محاكمة المخطئ فيها، لأن القانون في أجازة، خاصةً أن "مفاصل الدولة سابت"، في ظل تناحر التيارات الإسلامية والليبرالية على من يحصل على النصيب الأوفر من الكعكة، حتى ارتفع الرتق عن قدرة الراتق. وتابع الديك "إنني أستلهم من الفيلم صرخات أحمد زكي في مرافعته الشهيرة "أليسوا بشراً خطائين مثلنا، أليسوا قابلين للحساب والعقاب، أنا ومعي المستقبل كله نستغيث بكم فأغيثونا".