«هنت عندما هان كل شىء وسقطت عندما سقط كل شئ فى بئر سحيق من الإحساس بالعجز واللامبالاة وقلة الحيلة... أعترف أمامكم أننى دخلت هذه القضية طامعاً فى مبلغ تعويض ضخم ولكنى اصطدمت بحالة خاصة شديدة الخصوصية جعلتنى أراجع موقفى كله.. اصطدمت بالمستقبل.. صبى من الذين حكم عليهم بأن يكون من بين ركاب أتوبيس الموت.. رأيت فيه المستقبل الذى يحمل لنا طوق نجاة حقيقيا.. رأيتنا نسحقه دون أن يهتز لنا جفن.. نقتله ونحن متصورون أن هذه هى طبائع الأمور.. كان لا بد لى أن أقف.. إن هذه جريمة كبرى لا بد أن يحاسب من تسبب فيها.. أنا لا أطلب سوى محاسبة المسئولين الحقيقيين عن مقتل أكثر من 20 طفلاً لم يجنوا شيئاً سوى أنهم أبناؤنا أبناء الإهمال والعجز والتردى.. سيدى الرئيس أنا ومعى المستقبل كله نلوذ بكم ونلجأ إليكم فأغيثونا.. أغيثونا». لم يبقَ فى ذاكرة الشعب مرافعة فى قاعة محكمة مثلما بقى ذلك المشهد فى وجدان ملايين المصريين يذرفون الدمع فى كل مرة يتذكرونه وهم يشاهدون ضحايا الإهمال والعجز والتردى فى كل حادث يطيح بأحلام صبية لا يزالون فى ربيع الأيام يليه محاسبة سائق أو عامل مزلقان ويوجه الشكر والتحية لمسئول استقال من منصبه بلا حساب أو عقاب فالاستقالة فى زمن الثورات كافية مثلما كانت كذلك فى زمن «الديكتاتورية»، حسب وصف عصام العريان مستشار الرئيس. وفى 2002، كان محمد مرسى نائباً برلمانياً قدم كغيره استجواباً حول حادث قطار الصعيد اعتبر فيه «رئيس الوزراء هو المسئول الأول عن حادث القطار ثم وزير النقل» والآن تتناقل وسائل الإعلام تصريحات محمد مرسى أول رئيس جمهورية منتخب لمصر «أعطيت توجيهاتى بمحاسبة المسئولين عن الحادث».. لا يعتبر «بشير الديك» كاتب فيلم «ضد الحكومة» ما حدث من استقالة وزير النقل فى حادث قطار أسيوط يكفى لحساب المسئولين عن الحادث، «المسئول الأول والأخير هو الوزير ورئيس الوزراء متضامن معه لأنه المسئول عن اختياره وعن أى خطأ منه يحاسب كذلك رئيس الجمهورية كراعٍ مسئول عن رعيته». لم يتصور «الديك» وهو يتابع الحادث عبر التليفزيون أن التاريخ سيعيد نفسه بهذه الآلية، لم يتصور أن يرى الفيلم واقعاً أمامه بعد 20 عاماً كاملة «أول تبرير اتقال إن عامل المزلقان كان نايم وكأن أطفالنا مكتوب عليهم إنهم يدفعوا تمن إهمالنا وعجزنا». صبرى عامر، رئيس لجنة النقل والمواصلات بمجلس الشعب «المنحل» أكد أنه رغم غياب البرلمان فإن دوره لن يغيب، وأضاف: فور عودة البرلمان سيتم استدعاء وزير النقل وسؤاله «إذا كانت التركة ثقيلة فلماذا لم تقدم فور توليك خطة عن الوضع وكيفية حلها». وأوضح: مسئولية الكارثة يتحملها الجميع بداية من الوزير وحتى عامل المزلقان، مؤكداً أن ذلك العامل البسيط هو ضحية لرئيس هيئة لم يسلمه سوى أدوات هشة وإمكانيات ضئيلة.