تسبب العدوان الإسرائيلي على غزة والذي قوبل برد فعل عنيف من فصائل القماومة، بعد عملية اغتيال القائد العسكري لكتائب القسام الجناح العسكري لحركة "حماس"، في وضع المبادرة الفلسطينية للحصول على اعتراف دولي ومقعد مراقب في الاممالمتحدة والمقررة في وقت لاحق من الشهر الحالي، في مهب الريح . وقال السفير الفلسطيني لدى الاممالمتحدة رياض منصور: إن هجوم الاربعاء الذي قتل قائد العمليات في الجناح العسكري لحماس، كان مقررًا عن عمد لنسف التصويت المقرر أمام الاممالمتحدة بعد أسبوعين، وللتأثير على الانتخابات العامة المقررة في إسرائيل في يناير.
ورد السفير الإسرائيلي رون بروسور بالقول: إن الاحداث في غزة أظهرت ان الحملة الفلسطينية للحصول على اعتراف دولي لا أمل منها، مضيفًا أن "عليهم ان يغيروا طلبهم من دولة غير عضو إلى دولة ارهابية غير عضو" على حد تعبيره.
وتبذل الولاياتالمتحدة وإسرائيل جهودا حثيثة لعرقلة المبادرة الفلسطينية التي من المقرر ان يقدمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس أمام الجمعية العامة للامم المتحدة في 29 نوفمبر الجاري.
وتأتي الضربات الجوية الجديدة على غزة، والتي هدد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو بتوسيع نطاقها، في الوقت الذي حذرت فيه الاممالمتحدة والعديد من القوى العظمى من ان الوقت ينفد لتأسيس دولة فلسطينية.
وتقول الولاياتالمتحدة وإسرائيل: إنه من غير الممكن إقامة دولة فلسطينية دون إجراء مفاوضات مباشرة لا تزال معلقة لاكثر من عامين.
ويرفض الفلسطينيون استئناف المفاوضات بينما تواصل إسرائيل أعمال البناء في المستوطنات في الاراضي المحتلة. إلا ان عباس أشار إلى انه سيستأنف المفاوضات في حال نجاح مبادرته لدى الاممالمتحدة.
وقال دبلوماسيون أمريكيون: إن واشنطن تتفاوض مع مسؤولين فلسطينيين في محاولة لإجراء التصويت على الأقل. وأوضح مسؤول غربي رفض الكشف عن هويته ان "الغارات على غزة ستزيد من تعقيد المفاوضات حول الطلب الفلسطيني".
وتحث الدول الاوروبية عباس على تأجيل التصويت أمام الاممالمتحدة إلى ما بعد الانتخابات الإسرائيلية ومراسم تنصيب الرئيس الامريكي باراك اوباما في نوفمبر، من أجل إفساح مجال أكبر أمام الإدارة الأمريكية ل"إعداد اقتراح جديد للسلام".
وأوضح دبلوماسي أن "الفلسطينيين يقومون بهذا المسعى انطلاقا من اليأس أنهم يرون ان لا شيء أمامهم ليخسروه إن مضوا قدمًا الآن، وعليه لن يغيروا موقفهم ما لم تعرض عليهم الولاياتالمتحدة شيئًا آخر".
وقالت سفيرة الولاياتالمتحدة لدى الاممالمتحدة سوزان رايس- التي دافعت بشدة عن الغارات الإسرائيلية على غزة خلال اجتماع طارئ لمجلس الامن الاربعاء-: إن الهجمات بالصواريخ من المقاومة الفلسطينية في غزة تسيء إلى الجهود من أجل السلام في الشرق الاوسط.
وأضافت رايس- التي تعتبر الاوفر حظًا لتولي وزارة الخارجية في تشكيلة الحكومة الامريكيةالجديدة- ان "حماس تدعي انها تدافع عن مصلحة الشعب الفلسطيني، إلا أنها تواصل المضي في العنف الذي لا يؤدي سوى الى تراجع القضية الفلسطينية" على حد تعبيرها.
من جهته، حذر بروسور خلال اجتماع مجلس الامن ان نجاح المسعى الفلسطيني لدى الاممالمتحدة يمكن ان يؤدي إلى مزيد من العنف، وقال: "ان دولة وهمية لن تغير شيئًا على الارض، بل ستزيد تطلعات لا يمكن تحقيقها".
وتابع: "الدولة التي يريدونها تشمل غزة أي تشمل حماس، والقيادة الفلسطينية الآن على طريق لن يؤدي سوى إلى مزيد من النزاع وانعدام الاستقرار والعنف".
وتساءل منصور حول دوافع إسرائيل التي تحارب بشدة ضد المبادرة الفلسطينية أمام الاممالمتحدة ما دامت تعتبر انه لا معنى له، وقال: إن المسؤولين الإسرائيليين "خائفون جدًا" من قبول فلسطين في الجمعية العامة.
وأضاف منصور "اعتقد ان جزءًا من توقيت الهجوم الإسرائيلي على غزة، محاولة لصرف الانتباه عن جهودنا لتعبئة الأسرة الدولية" من أجل التصويت أمام الاممالمتحدة. وقال: إن نجاح المبادرة الفلسطينية سيتيح الانضمام الى المحكمة الجنائية الدولية وغيرها من الهيئات المتعددة الاطراف، وأضاف ان الاعتراف "سيفتح الكثير من الابواب أمامنا وسيتيح لنا الدفاع عن أنفسنا بشكل أفضل سياسيًا ودبلوماسيًا وقانونيًا".