لم يعد الآن طفلاً، لكن ذاكرة الطفولة لا ينساها، فعلى يديه تم اختيار البابا شنودة الراحل بطريركاً للأقباط الأرثوذكس، والذي استمر في منصبه أكثر من 40 عاماً، المهندس أيمن منير الطفل الذي قام بقرعة اختيار البابا شنودة، عندما يأتي الحديث عن البابا الراحل، يختنق صوته ويرفض الكلام. المهندس أيمن ابن لوالدين من أكبر الأسر القبطية المعروفة، إلا أن الحديث عن العائلة والشئون الخاصة خط أحمر لا يسمح لأحد بتجاوزه، وذكرياته مع البابا شنودة تحتل مكاناً في قلبه ووجدانه، يرفض التشكيك في القرعة كما يرفض الألسن التي تعتبر أنه استفاد يوماً من وراء هذا، نافياً أن يكون البابا الراحل قد منحه أي شيء سوى الرعاية الروحية والحنان الأبوي. وقال في حواره ل«الصباح»، أنه تم اختياره لقرعة البابا شنودة رغم أن أسرته لم تحصل على دعوة لحضور قداس القرعة الهيكلية، وأنهم لم يتمكنوا من دخول قاعة القدّاس، وقال أنه يكن الحب للمرشحين الثلاثة الذين أجريَّت عليهم القرعة الهيكلية، وإلى نص الحوار: • كيف ذهبت إلى الكاتدرائية يوم القرعة الهيكلية دون أن يكون لك أو لوالدتك دعوات؟ • القصة تبدأ من أن جدى وهو القمص ميخائيل شحاتة كاهن كنيسة العذراء بسموحة وهى من أكبر كنائس الأسكندرية، حيث أرسل خطابا بخط يده إلى والدتى قال فيه «أنا متنبئ بأن ابنك هو من سيختار القرعة الهيكلية، وأدعوك أن تذهبى لمقابلة القائم مقام لأخذ دعوة حضور القداس»، فاتصلت به والدتى وقالت له ابنى صغير، فقال لها «اعملى اللى بقولك عليه»، وبالفعل ذهبت ووالدتى للقاء القائم مقام الذى رفض أن يرانى وقال لأمى «يابنتى انتى جاية متأخرة، الدعوات نفذت»، وكان والدى قد حصل على دعوة من أحد كبار رجال الدولة الذى دعى لحضور المناسبة وقال له نحن نحضر ولا يسألنا أحد عن الدعوات، ولكن أنت تستطيع الاستفادة بها. • وهل دخلت مع والدك لحضور قداس القرعة إذن؟ • لم يستطع والدى الدخول حتى بالدعوة لأننا وجدنا الأبواب مغلقة وكانوا قد اكتفوا بالأعداد داخل الكنيسة التى لم يعد بها طاقة استيعابية لأى فرد، ولم يستطع أحد الدخول حتى من معهم دعوات.. وهنا قال والدى هذه إرادة ربنا فلننتظر لنأخذ بركة القداس ونسمع إعلان اسم البطرك الجديد، إلا أنه وقت اختيار الطفل فوجئنا بمجموعة من الشمامسة يخرجون من الكنيسة ويطلبون الأطفال الذين فى الخارج حيث رفض القائم مقام أن يأخذ من الأطفال الحضور بالداخل لأنهم كانوا «كبار» نسبيا ولا يصلحون للقرعة، وكانت جموع تقف أمام الكنيسة من الأسر، فأخذونا وكنا عشرة أطفال. ثم أجريت المراسم العادية وفى النهاية وعند لحظة الاختيار غطوا وجوهنا تماما والقائم مقام يصلى ثم وضع يده علىّ، وظل ممسكا بى ولم يترك رأسى حتى يطمئن أنه لن يحدث خلط بينى وبين الأولاد الآخرين، وليتأكد من سلامة الاختيار وأننى هو نفس الطفل الذى وقع عليه الاختيار بعد الصلاة متابعا هذا بنفسه. قائلا لهم «هاتولى الولد ده». • وماذا حدث لحظة اختيارك الورقة التى بها اسم البابا شنودة الثالث؟ • كانت علبة من الفضة بها الورقات الثلاث ورفعونى فاخترت الورقة التى بها اسم قداسة البابا شنودة الثالث، ثم قام القائم مقام بالإجراء الرسمى السليم بأنه قام بفض الورقتين الأخيرتين. • البعض يشكك فى اختيارات القرعة الهيكلية؟ • هناك من يقول بأن أحدا همس فى أذنى طالبا منى اختيار ورقة بعينها، ومن يرددون هذا الكلام يعلمون تمام العلم أننى كنت معصوب العينين، بل إن العصبة كانت حتى الذقن وكانت واضحة فى الصور التى التقطت فى هذه المناسبة. • ما رأيك فى طريقة اختيار طفل القرعة هذ المرة بالقرعة بين جميع الأطفال المتقدمين ليختار منهم 12 ثم تقام الصلاة واختيار أحد منهم؟ • أعتقد أن السن يلعب دورا مهما فلا يصح أن يختار طفل دخل فى مرحلة البلوغ لأنه هكذا نفرغ الاختيار من مضمونه، ولست أتفق على التحيز لاختيار طفل من منطقة بعينها مثل المهجر، أو أن يكون كفيفا والمهم فى النهاية أن يكون بالفعل فى مرحلة الطفولة كما يشترط أن يكون شماسا. • هل تعتبر أن الحظ لعب معك دورا فى اختيارك فى هذه المناسبة لتلعب هذا الدور؟ • لا حديث عن الحظ، إنما هو شىء إلهى، وفخر وشرف لى، فالله يعلم من هو البطريرك القادم، كما إنها لحظة الاختيار الإلهى التى تطلب فيها الكنيسة يد الله أن تعمل لذلك من يختار يكون طفلا ومعصوب العينين واختياره لحظى وبعد صلوات. • هل كونك الطفل الذى اختار القرعة أثر هذا فى مسار حياتك؟ • طبعا هى البركة التى دخلت حياتى منذ ذلك اليوم. • وكيف كانت علاقتك بالبابا شنودة؟ • كان يرعانى، وكنت أشعر باهتمامه بى، وبركة سؤاله عنى، وكنت الوحيد المسموح له بالاتصال على تليفونه الشخصى دون حائل بينى وبينه، فلم يكن بيننا وسائط حتى يوم وفاته.. ويكفى أنه علىّ اسم «أيمن شنودة الثالث». • وهل قربك من البابا جعل هناك من يطلبون منك خدمات لتطلبها منه؟ • أبدا.. فهذه كانت منطقة غير مسموح بها عائليا تماما، وكان ممنوعا علىّ منذ يوم الاختيار أن أطلب ميزة لأتحصل عليها باسم قداسة البابا. • من وجهة نظرك.. ما هى القضايا التى يجب أن يركز عليها البابا الجديد؟ • أن يفتح ملفات الأوقاف المسكوت عنها، وألا يستغل أحد درجة قرابة به، أو بأحد الأساقفة خاصة فى أمور الأوقاف والأمور المادية للكنيسة، ويجب ألا يبقى السكرتارية الخاصة به أكثر من عام، وأن يغيرها باستمرار حتى لا يشكلون «لوبى حوله» وألا يمنع أحد من مقابلة البابا نهائيا. • كيف ترى المرشحين الثلاثة الذين ستجرى عليهم القرعة الهيكلية؟ • أحب المرشحين الثلاثة.. ولا أتصور أحدا مكان البابا شنودة.