فى الوقت الذى تشير فيه بعض الدلائل إلى وجود علاقة قوية بين الخلية الإرهابية التى تم ضبطها، أمس، بمدينة نصر وعملية اغتيال السفير الأمريكى بليبيا على خلفية أحداث الفيلم المسىء للرسول، ظهرت على السطح تساؤلات حول تسليم المتهمين الأربعة الذين تم ضبطهم إلى الولاياتالمتحدة، وهو ما رفضه عدد من أساتذة القانون الدولى، مؤكدين أن مصر لن تسلم المتهمين إلا بعد الحكم النهائى بالإدانة، فضلاً على أن الجنسية المصرية لبعض المتهمين تمنع هذا الإجراء. أوضح الدكتور أحمد رفعت، أستاذ القانون الدولى، رئيس جامعة بنى سويف السابق، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، أن مصر موقعة على اتفاقية تبادل متهمين مع الولاياتالمتحدة، ويواجه تنفيذ المعاهدات الدولية فى تسليم المجرمين مشكلة الجنسية حيث إن الدول ترفض تسليم رعاياها، ومن هنا يلجأ بعض المتهمين الهاربين إلى اكتساب جنسية أخرى لحماية أنفسهم. وقال إن اتفاقيات تسليم المجرمين يتم تنفيذها بين الدول التى وقعت عليها إلا فى الدولة التى يحمل المتهم جنسيتها، وفى كل الحالات يتطلب الأمر ضرورة وجود اتهام واضح وصريح وأوراق تؤكد الاتهام، ومطالبة النائب العام بالتسليم مع ضرورة وجود إجراءات قضائية وقانونية للتحقيق مع المتهمين وكل هذه الأشياء ليست متوفرة فى المتهمين بقتل السفير الأمريكى فى ليبيا. ويقول الدكتور نبيل أحمد حلمى، أستاذ القانون الدولى بجامعة الزقازيق، إن المجتمع الدولى حريص على أن يتم معاقبة أى شخص يرتكب أى جريمة من الجرائم إذا ثبتت إدانته، وبالتالى فيترتب على ذلك أن مصر ملتزمة بتسليم هؤلاء المتهمين إلى أمريكا رغم أن الاتفاقية لم تلتزم بها إلا مصر فى عهد النظام البائد، وكانت أمريكا ترفض تسليم أى من المطلوبين ولذلك فإن معظم الدول تدخل فى معاهدات تبادلية فيما بينها لتسليم المجرمين. وأكد أن هذا الأمر يتطلب صدور حكم نهائى بات بالإدانة لا يقبل الطعن عليه مرة أخرى، وفى هذه الحالة تطلب الدولة من الدولة الأخرى التى يوجد بها المتهم تسليمه، وعليها أن ترسل أيضاً ملف القضية ومنطوق الحكم الصادر ضده، والسبب فى هذه الإجراءات هو أن هناك بعض الجرائم التى لا يجوز فيها تسليم المتهمين مثل الجرائم السياسية وجرائم الرأى والدين وبعض الجرائم العسكرية كما أنه لا يجوز عقاب مجرم ارتكب جريمة فى دولة ما غير معاقب عليها فى الدولة المطلوب منها تسليمه، وهنا أيضا لا يجوز تسليم المجرمين، لذلك تشترط الدول معرفة الجريمة التى يعاقب عليها المتهم وإرسال ملف بالقضية وبعضها يشترط صدور حكم نهائى. وأضاف أن القانون الدولى يوجد به مبدأ مهم وهو عدم تسليم الرعايا الذين يحملون جنسية الدولة المطلوب التسليم منها، وهذا لا يعنى الهروب من المحاكمة ولكن كل دولة أولى بمحاكمة رعاياها، مشيرا إلى أنه يجب دراسة كل حالة من حالات المتهمين الهاربين تمهيدا للمطالبة بتسليمهم من الدول المتواجدين فيها. ويرى الدكتور سعيد جويلى، أستاذ القانون الدولى بجامعة الزقازيق، أن تسليم الخلية الإرهابية التى تم ضبطها والتى تشير المعلومات إلى ضلوعها فى قتل السفير الأمريكى فى ليبيا يستلزم أن يكونوا فى دول بينها وبين مصر اتفاقيات لتسليم المجرمين، فإذا لم توجد مثل هذه الاتفاقية لا يمكن إرغام أى دولة أو مطالبتها بإعادة متهم موجود لديها خاصة فى الجرائم الجنائية، وإنما الأمر يخضع لرغبة الدولة نفسها. وأشار إلى أنه فى الجرائم السياسية لا يجوز تسليم أى متهم، أما بالنسبة لاتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد فهى تنص على بعض الأحكام الخاصة بتسليم المجرمين المنسوب إليهم قضايا فساد بشرط أن يكون هناك محاكمات جنائية عادلة طبقا للقضاء العادى وليس القضاء الاستثنائى. وأوضح أنه بالنسبة للمصريين الهاربين يمكن المطالبة بتسليمهم متى كان لمصر اتفاقيات دولية مع الدول الموجود فيها هؤلاء الأشخاص، فإذا لم توجد مثل هذه الاتفاقيات لا يمكن التسليم، وأن اتفاقية الأممالمتحدة بها مشكلة كبيرة وهى عدم تحديد معالم قضايا الفساد فى معظم التشريعات الوطنية وبالتالى فالجريمة غير محددة وهو ما يعوق الاتفاقية عند التنفيذ على أرض الواقع. وهو ما يعنى أن مصر لن تقوم بتسليم المتهمين إلى أمريكا قبل أن تتم محاكمتهم وإدانتهم بشكل رسمى، رغم وجود اتفاقية تبادل متهمين بين مصر وأمريكا.